"فرزدق" الليرة السورية

"فرزدق" الليرة السورية

10 مارس 2015
السوريون فقدوا الثقة في عملتهم (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
في شيء من مصادرة الرأي الآخر، وما قد يحمله نظام بشار الأسد من تبرير ووعود وحتى وعيد، يمكننا القول، انطلاقاً من واقع وأرقام وليس من تنجيم وشعارات، أن الليرة السورية التي تعيش منذ أكثر من سنتين على المهدئات وجرعات المقويات الإيرانية والروسية، ماتت سريرياً وربما يعلن خبر الموت وإعلان الدفن قريباً.
المتابع لاستغاثات العملة السورية منذ بداية الثورة عام 2011، يعرف أن نسبة التضخم زادت عن 200% وفقد السوريون ثقتهم بعملتهم، فسارع حتى المدخر البسيط لتبديل ما لديه من عملة سورية بعملات رئيسية أو بذهب و بات التعامل بالدولار والليرة التركية علانياً في المناطق المحررة شمالي سورية "ريفي حلب وادلب" نتيجة التهاوي المخيف لسعر صرف الليرة والذي تراجع من نحو 50 ليرة للدولار إلى أكثر من 240 ليرة اليوم.
ولعل ما يقال عن أسباب نفسية كست السوريين، نتيجة الحرب المفتوحة وغير محددة النهاية وتشكيكهم بكل ما يقوله مسؤولو نظام بشار الأسد، جاء كعامل إضافي للأسباب الاقتصادية التي أوصلت الليرة للاحتضار.
إذ لم يبق احتياطي نقدي أجنبي بالمصرف المركزي الذي تفاخرت به سورية يوم بلوغه 18 مليار دولار، وتوقفت العجلة الانتاجية الزراعية والصناعية وتلاشت تحويلات المغتربين السوريين وعائدات تصدير النفط، ما أفقد العملة السورية كل مقومات وعوامل الصمود، اللهم عدا الشعارات المستمرة التي تطلقها الحكومة والملاحقات الأمنية المرادفة التي تشنها الفروع و"الجهات المتخصصة".
طبعاً، مع توزيع المسؤوليات ورمي التهم، تارة لصناع السياسة النقدية بدمشق وأخرى للدول المجاورة وثالثة للمؤامرة الكونية التي تتعرض لها حكومة الأسد الابن لتثنيه عن مواقفه المبدئية الممانعة.
نهاية القول: في واقع القفز إلى النتائج وتجاهل الأسباب الحقيقية التي أودت بالليرة السورية لما قبل لفظ آخر أنفاسها، والاستمرار في الاستدانة والتسول من شركاء الدم لإبقائها على قيد التداول والاقتصار بالمعالجة على تهديد من يتعامل بالدولار وملاحقة شركات الصرافة من جهة، ووعيد المسؤولين عن السياسة النقدية والتجار من جهة أخرى، واستمرار الحال على هذا المنوال منذ نحو سنتين، دون أي فعل على الأرض يعيد للعملة السورية ماء وجهها المهدور، يقفز للذاكرة ما قاله الشاعر جرير:
"زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً...أبشر بطول سلامة يا مربعُ".

اقرأ أيضا: مقايضة غذاء السوريين بالسلاح الروسي

المساهمون