اليورو بدولار خلال أشهر و95 سنتاً في 2016

22 مارس 2015
جانب من انتخابات اليونان التي زادت من اضطراب اليورو(أرشيف/getty)
+ الخط -

تثور تساؤلات بشأن مستقبل اليورو، الذي يواصل هبوطه مقابل الدولار منذ بداية العام، وعما إذا كان سيقترب من أدنى مستوياته أو ما يمكن وصفه بـ "حضيض العملة الأوروبية الموحدة".

ويتوقع مصرفيون أن يصبح اليورو بدولار في نهاية العام، فيما يرى آخرون أن اليورو قد

يهبط إلى 85 سنتاً خلال العام المقبل 2016.

ومن بين المصارف، التي راجعت توقعاتها أخيراً، مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، الذي توقع أن تنخفض العملة الأوروبية "اليورو" إلى أقل من دولار خلال الـ 12 شهراً المقبلة.

وكتب خبير العملات بمصرف "غولدمان ساكس" روبن بروكس، في مذكرة لعملاء المصرف قبل يومين، أنه يتوقع أن يتساوى سعر صرف اليورو مع الدولار خلال 6 أشهر، وأن ينخفض إلى أقل من دولار خلال 12 شهراً.

وتوقع بروكس أن تنخفض العملة الأوروبية مقابل الدولار إلى منحدر لم تشهده منذ ولادتها، مشيراً إلى أن تدهور سعر صرف اليورو سيتواصل خلال العام 2016 ليصل سعره إلى 95 سنتاً، وينحط أكثر إلى 80 سنتاً في العام 2017.

ويفسر بروكس هذا الدرك السحيق المتوقع أن يصل إليه اليورو، بقوله إن تباين السياسات بين المصرف المركزي الأوروبي وبين مصرف الاحتياط الفدرالي "المصرف المركزي الأميركي"، إضافة إلى تباين معدلات النمو الاقتصادي بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وعوامل استثمارية أخرى، ستكون من بين الأسباب الرئيسية، التي ستدفع اليورو نحو هاوية السقوط مقابل الدولار.

من جانبه، يرى مصرف "دويتشة بنك" الألماني أن سعر صرف اليورو سيصبح بدولار واحد في نهاية العام الجاري. كما توقع المصرف في دراسة صدرت أخيراً، أن يتواصل تدهور سعر صرف اليورو خلال الأعوام المقبلة، ليصل إلى 85 سنتاً في العام 2017.

وفي ذات الاتجاه النزولي، توقع مصرف "بي إن بي – باريبا" الفرنسي انزلاق اليورو إلى هاوية جديدة خلال العام الحالي والعام المقبل.

وأشار" بي إن بي – باريبا" في توقعاته، إلى أن يواصل المستثمرون الهروب من اليورو وموجوداته خلال العام الجاري، في رحلة البحث عن عملات الموجودات الآمنة التي ستحفظ لهم قيمة ثرواتهم.

وبلغ المستثمرون الأوروبيون درجة من الخوف على ثرواتهم من الضياع، أنهم باتوا يشترون موجودات بعائد سالب في الاقتصادات الأوروبية القوية مثل ألمانيا وسويسرا وهولندا. كما أنهم يودعون أموالهم في المصارف السويسرية مقابل عائد سالب. أي أنهم يدفعون نسبة من إيداعاتهم للمصرف المركزي السويسري.

في هذا الصدد، قدر مصرف"جي بي موجان" الأميركي الذي يستثمر بقوة في السندات الأوروبية، في دراسة صدرت أخيراً، حجم السندات السالبة التي أصدرتها الدول في منطقة اليورو وستصدرها خلال العام الجاري، بنسبة 25% من إجمالي حجم السندات في منطقة اليورو المقدرة بحوالى ترليوني دولار.

وهذا يعني أن السندات ذات العائد السالب التي أصدرتها، أو ستصدرها دول أوروبية وشركات

بغرض الاستدانة من الأسواق، تقدر بحوالى نصف ترليون دولار.

ويشير علماء اقتصاد إلى أن منطقة اليورو تأخرت في سياستها النقدية، وأنه حتى خطوة التحفيز الكمي التي يأمل "المركزي الأوروبي" من خلالها، إخراج الاقتصاد الأوروبي من "الركود التضخمي"، جاءت متأخرة.

اقرأ أيضاً:
نمو ضعيف للقطاع الخاص بمنطقة اليورو نهاية 2014
 
وكان البروفسور جوزيف ستيغلتز الحائز على جائزة نوبل، قد نصح قادة منطقة اليورو بتيسير السياسة النقدية مبكراً.

ويرى ستيغلتز في تحليله للاقتصاد الأوروبي، أن دخل الفرد الأوروبي من إجمالي الناتج المحلي في دول منطقة اليورو، انخفض عما كان عليه قبل أزمة المال العالمية التي ضربت الاقتصادات في العام 2008.

وحسب دراسته الأخيرة، تراجع دخل الفرد في فرنسا من 41.727 الف دولار في العام 2007 إلى 40.841 ألف دولار في العام 2012. كما أن الاقتصاد الألماني الذي يعد الماكينة المحركة للاقتصاد الأوروبي، نما بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 0.63% خلال الخمس سنوات الأخيرة. وتساءل ستيلغتز في دراسته عما إذا كان بالإمكان إنقاذ الاقتصاد الأوروبي.

4 عوامل رئيسية وراء التدهور

يشير خبراء اقتصاد ومصرفيون في لندن، إلى 4 عوامل رئيسية ستدفع اليورو إلى مزيد من التدهور خلال العام الجاري والأعوام المقبلة.

وهذه العوامل هي أولاً: التباين في سعر الفائدة بين أميركا ومنطقة اليورو، حيث يتجه مصرف الاحتياط الفدرالي الأميركي إلى رفع معدل الفائدة على الدولار، فيما ستبقى الفائدة على اليورو سالبة وتتجه إلى مزيد من التيسير، حسب تصريحات ماريو دراغي رئيس المصرف المركزي الأوروبي. ومعروف أن الزيادة في سعر الفائدة تعني ارتفاع سعر الصرف للعملة المعنية.
 
وثانياً: التباين في معدل النمو الاقتصادي بين اقتصاد الولايات المتحدة واقتصاد منطقة اليورو. فالاقتصاد الأميركي يتجه للنمو بمعدل 3.6% خلال العام الجاري، فيما تشير التوقعات إلى احتمال مواصلة اقتصاد منطقة اليورو للانكماش الجاري وسط ارتفاع معدل البطالة، والركود التضخمي الذي يضرب العديد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها اقتصاديات حيوية مثل فرنسا. ومعدل النمو الاقتصادي يعد من أهم المحفزات الاستثمارية في العملات.

وثالثاً: اختلاف السياسة النقدية التي يتبعها المصرف المركزي الأميركي، التي تنحو نحو التشديد بعد نجاح سياسة التيسير الكمي المتواصلىة التي نفذها لمدة 6 سنوات. فالمصرف يطوي الآن صفحة التيسير، مقارنة مع سياسىة المصرف المركزي الأوروبي، التي تستهدف

توسيع الكتلة النقدية، بزيادة المعروض من اليورو في أسواق الصرف. ومعروف أن زيادة المعروض من أي سلعة يعني عملياً رخصها.

ورابعاً: العوائد السالبة على أدوات الدين الثابتة في منطقة اليورو، التي تعني الاستثمار بالخسارة في السندات. وتدفع العوائد السالبة المستثمرين نحو الخسارة في مقابل العوائد على الموجودات الدولارية وجاذبيتها.

وهنالك عوامل أخرى تدفع اليورو نحو الحضيض ولكنها أقل أهمية حتى الآن، من بينها الخلاف الجاري منذ شهور بين اليونان والمجموعة الأوروبية، وتداعياته على باقي اقتصادات اليورو الضعيفة.


اقرأ أيضاً:
اليونان تهدد بخروج المستثمرين من سندات اليورو

المساهمون