محاولة احتواء أزمة هوامش الأرباح بين التجار والحكومة المصرية

22 أكتوبر 2016
التجار يعارضون تحديد هوامش أرباحهم (Getty)
+ الخط -

تجري حالياً محاولات لاحتواء أزمة بين التجار والحكومة المصرية حول تحديد الأسعار. ومن المقرر أن يعقد اتحاد الصناعات المصرية اجتماعا، غداً الأحد، لبحث اعتراضات التجار والصناعيين على قرار حكومي بتشكيل لجنة لتحديد هامش الربح.

يأتي هذا التحرك في الوقت الذي قال خبراء اقتصاد وتجار ومنتجون، إن قرار تحديد هامش ربح للسلع غير منطقي وطارد للاستثمار، موضحين أن هذا الإجراء صعب تنفيذه، خاصة أن معظم المنتجات المطروحة في السوق المصرية مستوردة، وكل سلعة لها طبيعة خاصة وبالتالي فرض هامش ربح محدد لا يتماشى مع قواعد الاقتصاد الحر الذي كفله الدستور المصري.

وكان شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري، شكل لجنة من عدد من الجهات لتحديد الهامش المتحرك للربح في السلع الأساسية، مضيفاً أنه سيتم التنسيق مع كل المختصين من اتحادات الغرف التجارية إذا صدر عن اللجنة تحديد هامش ربح معيّن لإحدى السلع.

عودة إلى الوراء؟
وقال محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، في تصريحات خاصة، إن هذا القرار بمثابة عودة للوراء ورِدّة عن اقتصاديات السوق الحرة، والتي تخضع دومًا لآليات العرض والطلب.

وأوضح أن مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها من الخارج، متسائلاً في الوقت نفسه عن كيفية توفير العملة الصعبة (الدولار)، وهل لدى الحكومة القدرة على توفير العملة لكي يتم احتساب هامش الربح.

وأشار إلى أن الحكومة لم تحدد حتى الآن ما هي نسبة الربح للمنتج الذي يتحمل العبء الأكبر في السلعة، وما هي نسبة تجار الجملة، وما هي نسبة تاجر التجزئة الصغير، وهناك سلع سريعة التلف وأخرى ذات مدد صالحية أكبر.

وتوقع البهي فشل هذه التجربة كما فشلت تجربة تطبيق التسعيرة الاستشارية التي طبقها اللواء محمد أبو شادي، وزير التموين الأسبق، عام 2013.

 وأكد أن السوق يعيد تصحيح نفسه بنفسه، وأن دور الدولة المفترض أن يقتصر على توفير السلع التموينية المدعمة، أو طرح سلع بأسعار منخفضة بالمجمعات الاستهلاكية التابعة لها، وأن ما تنوي الحكومة تطبيقه عودة للوراء ورِدّة اشتراكية.

وقال إن مسألة تحديد هامش لربح السلع المتداولة بالأسواق تكون غير منطقية لسبب بسيط وهو أن كلفة المنتج تختلف من مصنع إلى آخر، والشركات تتنافس وفقاً لكلفة الإنتاج، وفي حالة تحديد هامش الربح نصبح ضد المنافسة العادلة.

وقال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، التي تضم أكثر من 4.5 ملايين تاجر ومؤدي خدمات، في تصريحات خاصة، إن الاتحاد لم يجتمع مع الحكومة حتى الآن لبحث كيفية تطبيق هذا القرار.

وأضاف أنه سيتم عقد اجتماع قريباً للبحث والتشاور مع المسؤولين، لافتاً إلى أن عدم دراسة القرار بشكل متأن سيضر بالسوق وقد يدفع بعض السلع للاختفاء في حالة إقرار الحكومة لهامش ربح قليل، أو عدم تغيير هامش الربح مع تقلبات سعر الصرف في السوق المصرية.

وقال أسامة جعفر، عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، في تصريحات خاصة، إن هذا القرار سيئ للغاية، ويتعارض مع ما تقوم به الحكومة الآن بمحاولة جذب الاستثمار الأجنبي، موضحاً أن أي مستثمر لن يدخل السوق المصرية في ظل أوضاع غير مستقرة وصدور قرارات ليس لها معنى كل يوم، ثم يثبت فشلها وتتخلى الحكومة عنها.

وأوضح أن سياسة الاقتصاد الحر تحدد دائماً مهام الحكومات التي تتبع هذه السياسة، وتنحصر هذه المهام في أحكام السيطرة على الأسواق، ووقف كافة الممارسات الضارة، مثل الاحتكار والإغراق والتهريب والغش التجاري، وغيرها من الأعمال التي تربك آليات العرض والطلب، مؤكدا أن التدخل في الأسعار يخلق السوق السوداء للسلع والتي عانينا منها خلال فترة السبعينيات والثمانينيات.

إجراء يناسب المنتج المحلي
وقال رجب شحاتة، عضو مجلس إدارة غرفة الحبوب ورئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات، إن القرار جيد جداً عند تطبيقه على المنتجات المصنعة محلياً.

 

وأضاف أن مشكلة تحديد هامش الربح ستكون صعبة بالنسبة للسلع الغذائية المستوردة من الخارج، موضحاً أن مصر تستورد 50% من الفاصوليا، و80% من الفول، و100% من العدس، وبالتالي هذه السلع مرتبطة بأسعار عالمية من جانب، وسعر الدولار في السوق المصرية من جانب آخر.

وأشار إلى أن هامش الربح المحدد سيكون مختلفاً في حالة حصول المستورد على الدولار بالسعر الرسمي من البنك المركزي، وسيكون بسعر آخر في حالة عدم توفير البنك للعملة الصعبة واضطرار المستورد للجوء إلى السوق السوداء، التي لا يوجد فيها سعر محدد لمدة زمنية معينة، وإنما تتعرض للهبوط والارتفاع.

وأوضح أنه في حالة فرض سعر معيّن أو هامش ربح معين على السلع المستوردة مع عدم توفير الدولار، فلن يستوردها أحد، ما قد يخلق عجزاً في هذه السلعة.

وفي المقابل، قال اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، في تصريحات خاصة، إن من حق الدولة وضع تسعيرة جبرية للسلع الأساسية في حالة ارتفاع أسعارها ارتفاعا يصعّب على المواطن شراءها، مشيرا إلى أن قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ينص على هذا الأمر بعد الرجوع للجهاز.

وأكد أنه من حق الدولة فرض التسعيرة الجبرية على السلع الأساسية لفترة محددة، وهو ما تم العمل به في بلدان بالولايات المتحدة الأميركية عند ارتفاع سعر البترول، حيث تم توزيع السلع من خلال طوابع على المواطنين.

المساهمون