"بي بي سي" تتجاهل تعهداتها البيئية وتكسب الآلاف من شركة سعودية

"بي بي سي" تتجاهل تعهداتها البيئية وتكسب الآلاف من شركة سعودية

02 نوفمبر 2021
تستفيد وسائل إعلام عالمية من عائدات إعلانات شركات الوقود الأحفوري (Getty)
+ الخط -

تجد هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" نفسها وسط أزمةٍ جديدة، تظهر تجاهلها لتعهداتها البيئية، واكتسابها آلاف الدولارات من شركة "أرامكو" السعودية.

وتعهّد قادة العالم في اجتماع باريس في عام 2015 بأنّ دولهم ستحاول الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية وقرّروا اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ. ولتحقيق هدف باريس في الوصول إلى صافي صفر، يحتاج العالم إلى الحد من انبعاثات الكربون حتى لا يرتفع مستوى غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي بعد عام 2050. ومن المعلوم أنّ هناك اختلافات جوهرية بين التزامات الدول والشركات، حيث تتمتّع الشركات بحرّية أكبر في الانتقال إلى نموذج أعمال خالٍ من الكربون. لكن بما أنّ معظم إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الخارجي مدعوم من الإعلانات التجارية، فقد تلقت حوالي 300 ألف جنيه إسترليني (حوالى 410 آلاف دولار أميركي) من عائدات الإعلانات في العام الماضي من شركة النفط الوطنية السعودية، أرامكو، ما يعني أنها أخلّت بتعهّداتها التي أعلن عنها تيم ديفي المدير العام لـ"بي بي سي" في يناير الماضي حيث دعا إلى "زيادة التركيز على الاستدامة" والوصول إلى صافي صفر في عام 2030 من خلال تقليل صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. 

وبحسب ما أوردت صحيفة "ذا غارديان"، اليوم الثلاثاء، أنفقت شركات الوقود الأحفوري الكبيرة ما يقرب من 660 ألف دولار أميركي (483 ألف جنيه إسترليني) مع "بي بي سي" على الإعلانات الرقمية التي تركز على الولايات المتحدة منذ عام 2018، وفقًا لتوقّعات أنتجتها شركة البيانات الإعلانية "ميديا رادار".

وجاءت معظم الأموال من شركة النفط السعودية الوطنية، بينما أنفقت شركات الوقود الأحفوري الأخرى: BP وExelon وPhillips 66، مبالغ من خمسة أرقام لإعلاناتها التجارية على خدمة "بي بي سي" الرقمية. ويمكن أن يكون الرقم الحقيقي لمقدار ما تجنيه "بي بي سي" من شركات الوقود الأحفوري الكبيرة أعلى بكثير عند أخذ أشكال أخرى من الدعاية في الحسبان.

إلى ذلك، أكّدت الإذاعة البريطانية الشهر الماضي أيضاً، أنها تحاول القضاء على "استخدام الوقود الأحفوري عبر عملياتها" كجزء من استراتيجية "إزالة الكربون العميق" للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2030، لكن الغريب في الأمر أنّها لا تزال تقبل الأموال من الشركات التي تستخرج النفط والغاز من الأرض.

في المقابل، يقول متحدث باسم "بي بي سي": "لدينا إرشادات واضحة حول الإعلانات وهي متاحة للجمهور"، ويضيف أنّهم يحرصون على التأكّد من أنّ جميع إعلاناتهم غير مضلّلة.

من جهته، يشدّد ديفي على الحاجة إلى زيادة الإيرادات التجارية للشركة، بما في ذلك من خارج المملكة المتحدة لتعويض التخفيضات الحقيقية في دخل رسوم الترخيص التي تفرضها الحكومة البريطانية. وعلى الرغم من استمرار قبول الأموال من شركات الوقود الأحفوري الكبيرة، فإن "بي بي سي" من بين الناشرين عبر الإنترنت الذين استفادوا أيضًا من زيادة الإعلانات حول المواد المتعلقة بالبيئة في الأسابيع الأخيرة، حيث سارعت الشركات إلى الترويج لأوراق اعتمادها الخضراء قبل قمة المناخ "كوب 26" في غلاسكو.

وبحسب الصحيفة، أبرمت "بي بي سي" صفقات مع جناح الاستثمار الدولي للحكومة الاسكتلندية لعمل سلسلة من البرامج حول كيفية تقليل الكربون في التحضير لقمة المناخ. وهناك أيضًا مواد خاصة بهيئة الإذاعة البريطانية برعاية شركة "وول مارت" الأميركية العملاقة، تبحث في التقدم الذي أحرزته تسع دول في مجال المناخ منذ توقيع اتفاقية باريس.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

تلفت "غارديان" إلى أنّها توقفت عن قبول الإعلانات من شركات النفط والغاز منذ عامين، على الرغم من أن معظم المنافذ الإخبارية الأخرى تواصل أخذ مبالغ كبيرة. وبالاستناد إلى تقديرات من "ميديا رادار" للإعلانات الرقمية التي تركز على الولايات المتحدة والتي اشترتها شركات الوقود الأحفوري الكبرى، فقد حصلت صحيفة "واشنطن بوست" على 12.8 مليون دولار منذ عام 2016، وحصلت "بوليتيكو" على 9.5 ملايين دولار، و"سي إن إن" 6.6 ملايين دولار، وصحيفة "نيويورك تايمز" 4.5 ملايين دولار.

وبينما لم ترد "واشنطن بوست" و"بوليتيكو" و"سي إن إن" على طلب "غارديان" التعليق، كرّرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ التزامها بالصحافة التي تغطي أزمة المناخ لا يعني أنّ سياستها ضدّ قبول أموال الإعلانات بما يتجاوز إرشاداتها العامة. وقالت إنّه يتم تمييز جميع الإعلانات بوضوح وهي منفصلة تمامًا عن غرفة الأخبار لديها وتلعب دورًا مهمًا في المساعدة في تمويل صحافتها المستقلة والتوسع المستمر في تغطيتها لأكبر القصص في عصرنا، بما في ذلك تغير المناخ، عبر مجموعة واسعة من التحليلات والتنسيقات. 

المساهمون