"بالستاين بوست": لسان النخبة الصهيونية منذ ما قبل النكبة

28 يونيو 2016
"جيروزاليم بوست" هي "فلسطين بوست" سابقاً (Getty)
+ الخط -
على الرغم من أن صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية الصادرة بالإنجليزية، تُعتبر "نخبويّة"، إذ يقتنيها ويحرص على متابعة موقعها الإلكتروني أولئك الذين يجيدون اللغة الإنجليزية، إلا أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تحديداً، حفّز نهاية الأسبوع الماضي الكثير من الإسرائيليين على العودة لسيرة هذه الصحيفة، وتاريخ تطورها. 
فقد اهتم الإسرائيليون كثيراً بالتغريدات التي نشرها ديفيد برين، محرر "جيروزاليم بوست" على حسابه على "تويتر"، والتي لفت فيها الأنظار إلى أن صحيفة "بالستاين بوست" (palestine post)، التي قدّم عباس صفحتين أوليين، لعددين صدرا منها للملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، خلال اللقاء الذي جمعهما في الرياض الأحد الماضي، ضمن هدية تذكارية. الصحيفة الصهيونية، هي الصحيفة الأم لـ "جيروزاليم بوست"، التي يرأس تحريرها برين.
وتعود جذور "جيروزاليم بوست" إلى صحيفة "Palestine Bulleti" التي صدرت عام 1925 لتكون بوقاً بالإنجليزية للحركة الصهيونية، وذلك بواسطة "وكالة التلغراف اليهودية"، التي كان يملكها اليهودي الأميركي جاكوب لانداو. وكانت الخطوة التي أقدم عليها لاندو ضمن مخطط الحركة الصهيونية لتعزيز وعي اليهود الناطقين باللغة الإنجليزية بضرورة الاستنفار لدعم المشروع الصهيوني. وفي العام 1932 قام لاندو بتغيير اسم الصحيفة إلى "Palestine Post"، حيث واصلت الصحيفة لعب دورها في تحفيز اليهود على الهجرة إلى فلسطين، إلى جانب أنه تم توظيفها، كسائر الصحف اليهودية التي صدرت في فلسطين في تلك الفترة، كأداة للتعبئة الأيديولوجية.
وقد برزت الصحيفة في انتقاداتها الشديدة للقيود التي فرضتها سلطات الانتداب البريطاني بعد ثورة فلسطين الكبرى 1936 - 1939 على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ومما يعكس تقدير مؤسسة الحكم في تل أبيب للدور الذي قامت به "Palestine Post"، قد تم تعيين جرشون أجرون، الذي خلف لانداو في رئاسة تحرير الصحيفة رئيساً لبلدية الاحتلال في القدس، بعد "الإعلان عن إسرائيل". ولم يقتصر اقتناء الصحيفة على اليهود الناطقين باللغة الإنجليزية، بل أن موظفي حكومة الانتداب البريطاني كانوا يعتمدون عليها في الإطلاع على ما يدور في المنطقة، حيث أن متوسط عدد الأعداد التي كان توزعها الصحيفة 20 ألف نسخة يوميًا، في حين قفز العدد إلى 50 ألف في اليوم الذي وقعت فيه معركة "نورماندي" في 6-6-1944.
وفي العام 1950 وبعد مرور عامين على الإعلان عن الكيان الصهيوني، فطن القائمون عليها إلى ضرورة تغيير اسمها إلى "جيروزاليم بوست". وفي العام 1963، حازت نقابة العمال العامة الإسرائيلية "الهستدروت" وشركات تابعة لها على معظم أسهم الصحيفة. وفي العام 1970 اشترت شركة "مشكيعي يسرائيل" التي يملكها رجل الأعمال سم روتنبيرغ.
وقد ظلت "جيروست بوست" تعبر عن توجهات حزب العمل، الذي ظل يحكم إسرائيل منذ العام 1948 وحتى العام 1977.
وفي العام 1989 حدث انقلاب على توجهات "جيروزاليم بوست" بعد أن تم شراؤها من قبل شركة " Hollinger Inc" الكندية التي يملكها رجل الأعمال اليهودي كوردي بلاك ذو التوجهات اليمينية، الذي اشترى الصحيفة بمبلغ أكبر بكثير من قيمته من أجل توظيفها لخدمة الخطاب الدعائي لليمين الإسرائيلي. وإثر هذا التطور تركت مجموعة من الصحافيين والعاملين الصحيفة ودشنت صحيفة "جيوسلم ريبورتر". وعام 2005 اشترى رجل الأعمال اليهودي إيلي عزور، ذو التوجهات اليمينية الصحيفة وأقام شراكة مع صحيفة "وولستريت جورنال" الأميركية، حيث تم الاتفاق على التعاون في تسويق الصحيفتين في كل من "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية. وتحولت الصحيفة إلى مصدر لمدّ الحكومات اليمينية الإسرائيلية بالكوادر البيروقراطية. فعند انتخاب بنيامين نتنياهو لأول مرة كرئيس للوزراء عام 1996، عين محرر الصحيفة دوري غولد مستشاراً سياسياً له، وبعد ذلك عيّنه مندوبًا لإسرائيل في الأمم المتحدة، في حين أنه يشغل حالياً منصب وكيل الخارجية. وكان سفير إسرائيل السابق في واشنطن مايكل أورن، والسفير الحالي رون درمر، من كتاب الأعمدة الرئيسيين في الصحيفة.
يذكر أن صحيفة "جيروزاليم بوست" حرصت منذ العام 2008 على إصدار نسخة باللغة الفرنسية.
دلالات