بريطانيا... الخوف والعنصرية يملآن الإعلام ومواقع التواصل

بريطانيا... الخوف والعنصرية يملآن الإعلام ومواقع التواصل

27 يونيو 2016
(Getty)
+ الخط -
"الخوف" هو ما طغى على وسائل الإعلام البريطانيّة ومواقع التواصل الاجتماعي، قبل وبعد التصويت على الاستفتاء لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فقد بنت وسائل الإعلام الداعمة للخروج "بريكزيت"، بالإضافة إلى الخطاب السياسي، على حسّ الخوف من المهاجرين واللاجئين، بدلاً من نشر الحقائق حول الموضوع.
وفي ظلّ الحشد الذي بذله مؤيدو الخروج، انتشرت خلال الشهر الماضي، الأحاديث عن "وجوب الخروج لحماية بريطانيا من المهاجرين الذين سيكتسحون البلاد"، الأمر الذي يناقض الإحصاءات. وهو ما دفع المواطن البريطاني لورانس تايلور، إلى نشر إعلان على صفحة كاملة في جريدة المترو، يوم الأربعاء يوضح الموضوع، عبر رسم بياني يؤكد أنّ نسبة المهاجرين سنوياً في بريطانيا هي 0.5 فقط، وكتب "تريدون التصويت بنعم أو بلا، افعلوا ما شئتم.. لكن لا تفعلوه بناءً على الخوف.. صوّتوا بناءً على الحقائق".
مفاعيل هذا "الخوف" وتأثيراته العنصريّة مستمرّة. وخصصت "ذا غارديان" الأحد، مقالاً عن تغطية الإعلام للاستفتاء، تحديداً "ديلي مايل" و"ذا صن". فأشارت الصحيفة إلى عنوان "مايل" يوم الأربعاء، التي تحدثت خلال افتتاحيّتها عن "أكاذيب" الاتحاد الأوروبي، داعيةً للتصويت للخروج. بينما عنونت "ذا صن" قبل أسبوع من التصويت "آمنوا ببريطانيا" لاعبةً على كلمة believe حيث كتبت beleave أي "أخرجوا"، ثم عنونت "يوم الاستقلال"، الخميس، و"See EU later" أي نرى الاتحاد الأوروبي لاحقاً، يوم الجمعة.

وأوضحت "غارديان" أنّ هذه العناوين لم تأتِ صدفةً مع الاستفتاء، بل كانت نتيجة لسنوات من التغطية المنحازة ضد الاتحاد الأوروبي، ففي فبراير/ شباط الماضي، عنونت "مايل" متسائلةً "من سيتكلم لإنكلترا؟". وفي الأيام السابقة للاستفتاء، عنونت "مايل": "افتحوا لنا، نحن من أوروبا" على غلافها، فوق صورة لمهاجرين اختبأوا في شاحنة للدخول إلى بريطانيا. واضطرّت الصحيفة للاعتذار بعدها، إذ تبيّن أنّ هؤلاء لاجئون من العراق والكويت، في قصّة غطّتها "ذا صن" بنفس الطريقة.
وعن ذلك، تحدث ناشر "مايل أونلاين"، مارتن كلارك، في مقابلةٍ قائلاً: "اللاجئون كانوا في الشاحنة بطريقة غير قانونيّة. أتوا من مكانٍ ما عبر مكانٍ ما"، مضيفاً عندما سئل عن التغطية التي تتحدث عن امتلاء بريطانيا بالمهاجرين، وتحفيز الخوف من ذلك بالقول: "نحن نغطي ما يقوله الناس. لم نحفّز أو نغذي الخوف من المهاجرين.. الخوف موجود لدى الناس".

هذا وطغت أخبار انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي على الصحف البريطانية خلال الأيام الأربعة الماضية والتي تلت الاستفتاء، بما له من تداعيات سياسية واقتصادية وآثار على حياة المواطن العادية، بالإضافة إلى استقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون التي تم تناولها من عدة زوايا.

ولعلّ ما كشفه عملاق البحث "غوغل" عن الغموض الذي يلف عقول البريطانيين تجاه مستقبل بلادهم أبرز إشارة على تضليل الصحافة، إذ ظل البريطانيون يبحثون عن معنى مغادرة الاتحاد الأوروبي ومستقبل بريطانيا، ساعات بعد حسم الأمر، كما سألوا "ماذا سيحدث إذا غادرنا الاتحاد الأوروبي؟".
وفي هذا الإطار، جاء عنوان صحيفة "ذا تلغراف" أن بوريس جونسون ومايكل غوف يحضران "فريق الحلم" لقيادة حكومة الانفصال. وأضاءت الصحيفة على عريضة تطالب باستفتاء آخر (وصل عدد الموقعين عليها إلى 3 ملايين ظهر الأحد). وقالت الصحيفة إنهم وقعوا عريضة إعادة الاستفتاء بعد أن شعر العديد منهم بالندم والقلق حيال الانفصال.
واحتلت الحملة للمطالبة باستفتاء ثان الخبر الأول في صحيفة "إندبندنت" بالإضافة إلى أنباء عاجلة عن تزايد أعداد المؤيدين لها. كذلك أجرت الصحيفة مقابلات مع بريطانيين صوتوا للخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنهم الآن نادمون، مع استحداث كلمة Bregret التي أطلقتها على النادمين على التصويت مع الخروج من الاتحاد.
ونشرت الصحيفة على صفحتها على "فيسبوك" مقطع فيديو يوضح كيف سيؤثر الانفصال على المواطن العادي في حياته اليومية. وكان أحد تداعيات الإعلان عن الانفصال، الطلب من سيدة أعمال بريطانية مسلمة حزم حقائبها والعودة إلى وطنها بعد أن صوتت لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

هذا الأمر تحديداً هو ما كتب عنه موقع "فاريتي" الأميركي، مشيراً إلى حالة الخوف والزينوفوبيا والعنصريّة التي نتجت عن التصويت للخروج. وأشار الموقع، عبر رسم بياني، إلى أنّ المجموعة التي تدخل مؤخراً إلى بريطانيا هي في الحقيقة من كرواتيا ومالطا وقبرص.
وأبرزت مواقع التواصل، العنصرية التي انتشرت في الشارع البريطاني إثر التصويت، فنقلت هيفين كراولي في تغريدة ما شاهدته ابنتها في بيرمينغهام، حيث تعرضت فتاة مسلمة لمضايقات بينما قيل لها "أخرجي.. لقد صوّتنا بالخروج". ونشر ديفيد صورةً من نيوكاسل، لأشخاص حملوا لافتةً كتب عليها "أوقفوا الهجرة".

المساهمون