تعطلت مظاهر الحياة في العديد من المدن اليمنية، لاسيما العاصمة صنعاء، التي تشهد عمليات نزوح، مع دخول ضربات "عاصفة الحزم" الأسبوع الثاني، حيث بدت الشوارع شبه خالية وحركة النقل الداخلي معطلة، مع انعدام الوقود في محطات البنزين بالمدينة، فيما قدر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن (غير حكومي) خسائر الاقتصاد بأكثر من مليار دولار منذ بدء الضربات.
وتشن 10 دول خليجية وعربية وإقليمية بقيادة السعودية منذ 26 مارس/آذار الماضي،
ضربات جوية، ضد مليشيات عبد الملك الحوثي، التي استولت على السلطة بالقوة بعد انقلاب 21 سبتمبر/ أيلول الماضي في صنعاء وسيطرتها على العديد من المنشآت والمدن اليمنية وصولاً إلى إصرارها مع مليشيات المخلوع علي عبد الله صالح لاحتلال عدن.
وارتفعت أسعار السلع الأساسية من القمح والدقيق والسكر في المدن اليمنية بنسبة راوحت بين 20 و100%، حيث وصل سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغرام إلى 9000 ريال في بعض المناطق ( 40 دولاراً)، مقارنة بـ 24 دولاراً في السابق، بارتفاع بلغت نسبته 66.6%.
وتشهد صنعاء منذ بدء ضربات العاصفة، موجة نزوح كبيرة من الأحياء السكنية القريبة من المواقع العسكرية التابعة لجماعة الحوثي، التي تتعرض للقصف الجوي، فيما تنعدم المواد الغذائية، التي ارتفعت أسعارها بنسبة تصل إلى 60% في بعض المنتجات وفق سكان محليين وجمعيات حقوقية.
وفي مدينة تعز الواقعة على بعد 265 كيلومتراً جنوب العاصمة صنعاء، تبدو بوادر أزمة خانقة في الغذاء والوقود، حيث ارتفعت أسعار القمح بنسبة 100%، وقتل شخص وأصيب ثلاثة آخرون يوم الإثنين في خلاف لمواطنين اصطفوا في طابور طويل أمام محطة البنزين للتزود بالوقود.
وقالت منظمات محلية إن 13 مخبزاً فقط من إجمالي 204 من المخابز المعتمدة، تعمل في تعز منذ اختفاء مادة الدقيق في المدينة.
اقرأ أيضاً:
اليمن يأمل بـ"مشروع مارشال" لإعادة الإعمار
وتؤدي حالة الهلع التي أصابت الناس في محاولة شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية واحتكار بعض التجار للمواد إلى اختناقات كبيرة في المواد الأساسية وعدم وصولها إلى فئات كبيرة من السكان لاسيما الأسر الفقيرة.
وحذر محللون ومنظمات إغاثة من تزايد خطر توقف إمدادات الغذاء في اليمن نتيجة الحظر البحري المفروض على الموانئ اليمنية من قبل تحالف عملية "عاصفة الحزم"، وسط مخاوف من حدوث أزمة غذائية كبرى في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات.
ويعتمد اليمن بشكل كامل على استيراد الغذاء، إذ يستورد 90% من القمح و100% من
الأرز، وهما مادتان أساسيتان في الغذاء الوطني.
وقال مصطفى راجح، المحلل الاقتصادي في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن حياة سكان العديد من المدن توقفت، وأصبحوا يعيشون معركة يومية للبحث عن الدقيق والقمح والغاز والديزل والكهرباء، مشيراً إلى أن خسائر الاقتصاد تتفاقم يوماً تلو الآخر.
وقدر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (غير حكومي)، خسائر الاقتصاد اليمني بأكثر من
مليار دولار، منذ بدء الضربات الجوية لعاصفة الحزم، بخلاف الخسائر في الجانب العسكري.
وأشار المركز في تقرير له حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى حالة التدهور الاقتصادي والوضع الإنساني الذي تعيشه اليمن، جراء الصراع المسلح في أكثر من محافظة.
وتشن مليشيات الحوثي هجمات مسلحة ضد المدن الجنوبية، لاسيما عدن التي أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة للبلاد، بعد سيطرة الحوثي على صنعاء منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
ولفت مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى أن الاقتصاد اليمني أصيب بحالة ركود شبه كلي وتضررت عدد من المنشآت الاقتصادية، وانعدمت العملة الصعبة في السوق اليمنية، وتوقفت الموانئ البحرية والجوية عن استيراد وتصدير السلع والمنتجات من وإلى اليمن.
وتوقع أن يزيد عدد المواطنين الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة إلى أكثر من 12 مليون مواطن، مشيراً إلى أن نسبة الفقر تجاوزت 60% لمن يعيشون على أقل من دولارين في اليوم.
ويقول المحللون، إن الحرب ستضع اقتصاد اليمن على حافة الانهيار، ولن تكون الحكومة قادرة على دفع رواتب موظفيها المدنيين، وقد تنخفض قيمة الريال اليمني كثيراً، مما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية المستوردة. وسبق أن حذرت وكالة المساعدات الدولية "أوكسفام"، من أن الاقتصاد اليمني على حافة الانهيار.
وأكد نائب رئيس الغرفة التجارية في عدن، عبد الله سالم الرماح لـ "العربي الجديد"، أن 50% من المحلات التجارية في المدينة تعرضت للقصف من قبل الحوثيين وجماعة صالح.
ويواجه سكان عدن ثاني أكبر مدن اليمن نقصاً في الماء والكهرباء، إضافة إلى نفاد مخزونات المواد الغذائية في كثير من المتاجر مع تصاعد حدة الصراع في المدينة بين مقاتلي الحوثي والمقاتلين الموالين للرئيس هادي، بعد أن قطع الحوثيون الطرقات التي تؤدي إلى المدينة.
وأشار الرماح إلى أن عدن تعيش مأساة إنسانية جراء القصف العشوائي على المنازل
والمواجهات الدائرة في الأحياء الآهلة بالسكان.
ويتخوف من تفاقم الأوضاع الاقتصادية، لاسيما أن الحرب الحالية تهدد استمرار صادرات النفط التي يعتمد عليها البلد الصغير المنتج للنفط بنحو 70% من موارده.
وكان اليمن خسر قرابة مليار دولار من عائداته النفطية، خلال العام الماضي 2014، مقارنة بالعام السابق عليه، وفقاً للمصرف المركزي اليمني، بسبب الصراع المسلح وعمليات التخريب التي طالت حقول وأنبوب النفط الرئيسي.
وحسب محللين اقتصاديين، فإن الوضع المالي أصبح أكثر صعوبة، ومن المستحيل أن تتمكن وزارة المالية، التي سيطر عليها الحوثيون، من دفع فاتورة الرواتب والأجور عن شهر أبريل/ نيسان الجاري والوفاء بالتزاماتها المختلفة.
وفي منتصف فبراير/ شباط الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، إن 14.7 مليون شخص باليمن، من أصل عدد السكان البالغ نحو 26 مليوناً، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.
اقرأ أيضاً:
الحوثيون يعاقبون رافضي "التبرّع" لمواجهة "عاصفة الحزم"