عجز الخليج المالي..ملفات حساسة وخيارات صعبة

29 يوليو 2015
أسعار الوقود في السعودية الأرخص عالمياً بعد فنزويلا(فرانس برس)
+ الخط -

باتت دول الخليج أمام بدائل محدودة وخيارات صعبة لدى التعامل مع واحدة من أبرز الملفات حساسية حالياً، وهي مشكلة عجز الموازنات العامة، وتراجع إيرادات الدولة، واستمرار انخفاض إيراداتها من النفط لتراجع أسعاره عالمياً، يقابل ذلك زيادة مطلوبة في الإنفاق العام سواء على الدفاع والأمن ومقاومة الإرهاب، أو تلبية احتياجات ضرورية للمواطنين تتعلق بحياتهم المعيشية، أو سداد تكلفة الحرب اليمنية ومواجهة تنظيم داعش.

البدائل المتاحة خليجياً لمواجهة مشكلة العجز المالي وتراجع الإيرادات وسداد الفواتير الملحة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1- تحرير دعم الوقود، أي ترك أسعار المشتقات البترولية كالبنزين والسولار والغاز وغيره للعرض والطلب وحسب تحركات الأسواق العالمية، إسوة بالتجربة الإماراتية التي سيبدأ تطبيقها بداية الشهر القادم والتي سيتم من خلالها زيادة أسعار مادتي الجازولين والديزل، علماً بأن تطبيق هذا البديل، وهو التحرير الكامل لأسعار الوقود، سيوفر عشرات المليارات من الدولارات لهذه الدول، وبالتالي يقلل من عجز الموازنات لديها.
 
وحسب أرقام صندوق النقد الدولي فإن فاتورة دعم الطاقة في الإمارات وحدها قبل خصم الضريبة تبلغ 12.64 مليار دولار في عام 2015 وحده، أي ما يعادل 2.87٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ويزداد هذا الرقم في دول أخرى بحجم السعودية ذات الكثافة السكانية العالية والمساحات الشاسعة وضخامة العمالة الوافدة حيث يقدر الدعم بنحو 4.62٪ من الناتج المحلي، في حين يقدر الدعم بنحو 1.81% في الكويت و1.64% في قطر.

2- رفع دول الخليج أسعار الوقود والسلع والخدمات بما فيها الضرورية مثل الكهرباء والمياه، وقد اتخذت دول خليجية خطوات بالفعل في هذا الشأن مثل البحرين والكويت وسلطنة عمان والإمارات، كما أعلن مسؤولون سعوديون أن وزارة النفط بالبلاد تدرس اتخاذ خطوات مماثلة.

3- تقليص دول الخليج الدعم الموجه لمخصصات الأمن والدفاع، وهو رقم ضخم حيث يبلغ 130 مليار دولار حسب تقديرات جون كيري وزير الخارجية الأميركي بداية هذا الأسبوع.

4- ترشيد الإنفاق العام خاصة على المشروعات الاستثمارية العملاقة خاصة في قطاعات البتروكيمياويات والإسكان والبنية التحتية ومترو الأنفاق، والتي كانت دول الخليج تسعى من خلالها لزيادة إيراداتها من النقد الأجنبي، وبالتالي دعم احتياطياتها الخارجية بدلاً من السحب منها.

5- السحب من الاحتياطيات الخارجية المودعة في بنوك غربية والبالغة تريليون دولار، وقد قلت فى مقالات سابقة إن دولاً مثل السعودية سحبت بالفعل مبالغ ضخمة من الاحتياطي الذي فقد 245 مليار ريال من قيمته في الأشهر الخمسة الأولى فقط من العام الحالي. 

6- التوسع في سياسة الاقتراض من البنوك المحلية والخارجية، وهو ما تتفق فيه معظم دول الخليج، حيث بدأت اقتراض مليارات الدولارات لسد العجز في الموازنة العامة.

7- وضع دول الخليج قيوداً على التحويلات الخارجية الضخمة التي تخرج منها، وعلى سبيل المثال فإن التحويلات التي خرجت من السعودية في العام 2014 بلغت 45 مليار دولار بما يضع المملكة في المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية في حجم التحويلات المالية العالمية، حيث قدر حجم التحويلات بنحو 583 مليار دولار، وفي حال تطبيق هذا الخيار فإنه قد يستتبعه فرض قيود على العمالة الأجنبية سواء من ناحية العدد وربما خفض الرواتب التي يحصلون عليها، أو وضع رسوم علي التحويلات نفسها.

هناك بالطبع خيارات أخرى طويلة الأجل ويحتاج تطبيقها سنوات في حال معالجة المشاكل المالية التي بدأت تظهر فى دول الخليج، وتظل كل الخيارات مطروحة، لكن هناك خياراً يمثل حساسية لدى الخليج وهو تحرير أسعار الوقود كاملة خاصة في دولة مثل السعودية، وبالتالي من المستبعد أن تحذو السعودية حذو الإمارات في مسألة التحرير الكامل لأسعار الوقود حتى وإن نجحت التجربة، وكذا الحال بالنسبة للكويت التي يوجد بها برلمان قوي أجبر الحكومة على التراجع عن خطوة زيادة أسعار المشتقات النفطية في شهر يناير الماضي.

وقد تلجأ السعودية في هذه الحالة لبديل أخف وهو رفع أسعار الوقود خاصة مع وجود مبررات اقتصادية لذلك، إذ تعتبر المملكة ثاني أرخص دولة في العالم من حيث أسعار البنزين بعد فنزويلا، وهو ما يدفع مواطنيها نحو الإسراف في استخدام الوقود، وشراء السيارات الفارهة.

المساهمون