تحرير سعر الوقود والأسئلة المسكوت عنها في مصر

07 يناير 2019
هل يمتد تحرير سعر الوقود لبنزين 92؟ (فرانس برس)
+ الخط -


بإعلان الحكومة المصرية اليوم الإثنين تحرير سعر البنزين 95، وتشكيل لجنة فنية لمتابعة آلية التسعير التلقائي للموادّ البترولية، تكون الحكومة بذلك قد فتحت الباب على مصراعيه أمام اتخاذ قرار أخطر، يقضي بتحرير أسعار كل المشتقات البترولية والكهرباء وربط سعرها بالأسواق الدولية.

ورغم أن الحكومة نفت عدة مرات تحرير أسعار الوقود، آخرها كان من خلال إصدار بيان رسمي يوم 11 ديسمبر الماضي، إلا أن المتابع لملف الاتفاق المبرم بين مصر وصندوق النقد الدولي في نهاية عام 2016 بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي، يجد أنه ينصّ صراحة في أحد بنوده على تحرير أسعار الوقود منتصف العام الجاري، وربط أسعار المشتقات البترولية بالأسعار العالمية، كما أن رئاسة الجمهورية أكدت في بيان لها يوم 30 ديسمبر الماضي الالتزام بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى .

وإذا كانت الحكومة قد بدأت اليوم الأثنين تحرير سعر بنزين 95، فقد مهدت لتلك الخطوة عبر إعطاء انطباع لوسائل الإعلام والصحف بأن هذا النوع من البنزين هو وقود الأثرياء وعلية القوم والسيارات الدبلوماسية، ومن ثم فإن الزيادة الجديدة في سعر البنزين 95 ستكون من نصيب سيارات رجال الأعمال والمستثمرين والصفوة والسفارات والأجانب.

لكن ما لم تقله الحكومة أن الخطوة المقبلة قد تتضمن تحرير باقي أنواع المشتقات البترولية مثل بنزين 92 وبيعه بالأسعار العالمية وكذا السولار، كما أن الخطوة قد تتضمن كذلك إلغاء بنزين 80 الشعبي الذي يصنف على أنه وقود الفقراء في مصر واستبداله بأنواع أخرى أغلى في السعر وأفضل في الجودة.


الحكومة، بدأت بالفعل أولى خطوات تحرير أسعار الوقود بالاستجابة لضغوط شديدة من صندوق النقد الدولي، الذي تأخر في الإفراج عن الشريحة الخامسة من قرضه البالغة ملياري دولار والتي كان من المقرر صرفها الشهر الماضي، وسارعت في تلبية مطالب الصندوق لحاجتها لأموال تساعدها في تمويل مشروعات قومية كبرى، وخفض العجز في الموازنة العامة للدولة، وتخفيف الأعباء المالية عن الدولة.

لكن الخطوة التي أقدمت عليها اليوم والمتعلقة بتحرير سعر بنزين 95 تطرح هنا عدة أسئلة، أبرزها:

السؤال الأول

ماذا عن مصير الوفر الذي سيتحقق من فاتورة استيراد المشتقات البترولية، التي تتجاوز قيمتها 13 مليار دولار في العام الواحد بشهادة الحكومة والأرقام الرسمية، وبواقع 1.3 مليار دولار شهرياً؟، علما بأننا نتحدث هنا عن فاتورة استيراد سنوية تقدر بنحو 230 مليار جنيه يتم تخصيصها من إيرادات الدولة والموازنة العامة.

السؤال الثاني

ماذا عن الوفر المالي المحقق لموازنة الدولة في حال تحرير سعر الكهرباء وربطها بالأسعار العالمية، وزيادة أسعار الخدمات وفي مقدمتها الرسوم ومياه الشرب، هل لدى الحكومة خطة لإعادة توجيه هذه المليارات بما يخدم الطبقات الفقيرة والمعدمة والمتضررة من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي من أبرز ملامحه بيع سعر الوقود بالأسعار العالمية رغم تدني دخل المواطن وزيادة أعباء المعيشة؟

السؤال الثالث

هل سترفع الحكومات رواتب ودخول المصريين لتصبح مساوية للمعدلات العالمية حتى يكون المواطن قادراً على سداد أسعار البنزين والسولار والغاز والمياه والكهرباء، التي سيتم بيعها بالأسعار العالمية؟


إنا مع خطوة تحرير سعر البنزين 95 وبيعه بالأسعار العالمية، إذ أنه من الصعب قبول فكرة توجية إيرادات الدولة المحدودة لمنح رجال الأعمال وقودا رخيصاً أو مدعوماً حكومياً وتموين سيارات الأثرياء ورجال الأعمال والدبلوماسيين الأجانب بأموال الفقراء والأرامل والمحتاجين.

لكن في المقابل لست مع تحرير الأنواع الأخرى من الوقود المرتبطة بالطبقات الفقيرة والمتوسطة قبل تحسين دخولهم وأوضاعم المعيشية وخفض الأسعار الرئيسية خاصة الأغذية والشراب، لأن خطوة كتلك سترفع كل الأسعار داخل المجتمع وفي المقدمة المواصلات العامة ومترو الانفاق والقطارات، وتكلفة النقل والشحن، وإنتاج المحاصيل الزراعية والصيد وغيرها.

وفي حال زيادة كلفة هذه السلع، فإنها ستجر خلفها كل أسعار الخدمات من دروس خصوصية وأجرة طبيب وغيرها، وبالتالي نكرر سيناريو ما حدث عقب تعويم قيمة الجنيه المصري في نوفمبر 2016 والذي أدى على حدوث إنهيار في قيمة العملة المحلية وتآكل المدخرات وقفزة في معدل التضخم.

المساهمون