مخدّرات العيد في القاهرة الكبرى

مخدّرات العيد في القاهرة الكبرى

26 سبتمبر 2015
الإقبال الأكبر هو على الحشيش، في العيد (فرانس برس)
+ الخط -

للتخلّص من مطاردة الكلاب البوليسيّة، تُنقل المخدّرات في عربات خضار وفاكهة بين الشطة الحمراء. هكذا يفعل بعض مروّجي تلك المواد في القاهرة.

مع حلول الأعياد في مصر، عادة ما تنتشر ظاهرة الإتجار بالمخدرات، خصوصاً بالتزامن مع الانفلات الأمني أخيراً. ويضخّ التجّار تلك السموم بكميات كبيرة وباختلاف أنواعها، ليتزوّد متعاطوها ومدمنوها بما يكفيهم. وثمّة نسبة كبيرة يحصل عليها الشباب، لا سيّما تلاميذ المرحلة الثانوية.

وتتعدّد أنواع المخدرات التي تنتشر في القاهرة الكبرى (محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية) في العيد، خصوصاً في يوم الوقفة، ومنها الهيرويين وأقراص ترامادول والحشيش والبانجو وصباع الحشيش. ويصل ثمن الأخير في أيام العيد إلى 70 جنيهاً مصرياً (9 دولارات)، أما لفافة البانجو فتتراوح ما بين 20 و50 جنيهاً (2.5 - 6.5 دولارات). ويباع غرام الهيرويين بـ 50 جنيهاً (6.5 دولارات)، وعلبة برشام ترامادول بـ 35 جنيهاً (4.5 دولارات).

ويسجّل الإقبال الأكبر على الحشيش في أيام العيد، ومن ثم ترامادول وبعدها الهيرويين، بينما يحلّ البانجو في المركز الأخير. وثمّة نوع فاخر من البانجو، يتراوح ثمن اللفة منه ما بين 1200 و1500 جنيه (154 - 191 دولاراً) بخلاف النوع الشعبي. وتضاف المشروبات الكحولية إلى كل ذلك.

وفي عمليات الإتجار بالمخدرات، تُطلق أسماء مشاهير على بعض الأنواع. نجد أن أشهر نوع حشيش هو "السيسي" ويصل سعر الإصبع إلى 80 جنيهاً (10.3 دولارات) في بعض المناطق، بينما يصل نوع "مرسي" إلى 50 جنيهاً (6.5 دولارات) ويحلّ "أبو تريكة" في المركز الثالث مع 40 جنيهاً (5.11 دولارات) للإصبع الواحد.

انتشار مقلق

وكان تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، قد بيّن أن عدد متعاطي المخدرات في مصر في ازدياد مستمر، وقد وصل في نهاية العام الماضي 2014 إلى أكثر من 8 ملايين مواطن، أي بما يعادل 10 في المائة من الشعب المصري. وأوضح أن ثمّة أحياء ومناطق سكنية كاملة هي عبارة عن أوكار للإتجار بالمخدرات والترويج لها تحت أنظار رجال الشرطة.

في هذا السياق، يقول الدكتور مجدي حسن وهو أستاذ في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن "الإتجار بالمخدرات انتشر في مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة بطريقة خطيرة"، لافتاً إلى أن "مراكز السموم المنتشرة في المحافظات شاهدة على تلك الآفة الخطيرة التي تهدد عدداً كبيراً من شباب مصر". ويوضح أن "عقار ترامادول هو الأكثر انتشاراً في الوقت الحالي، إذ يتعاطاه 45 في المائة من المدمنين. تجدر الإشارة إلى أن المتعاطي يتناوله بداية كمسكّن للألم". ويشير حسن إلى أن "كميات كبيرة من المخدرات دخلت إلى مصر بسبب حالة الانفلات الأمني، وقد حقق الإتجار بها أرباحاً ضخمة".

من جهته، يقول الدكتور سعيد عبد العظيم أستاذ محاضر في الطب النفسيّ في جامعة القاهرة، إن "الضغوط النفسية وانتشار البطالة بين الشباب من أبرز الأسباب التي تدفع إلى تعاطي المخدرات"، مؤكداً أن "علاج المدمن يتوقف على مدى رغبته في الإقلاع عن تعاطي المخدرات. في بداية العلاج تصيب الآلام أعصابَ الجسم، وتحمُّل ذلك يتطلب رغبة حقيقية في العلاج إلى جانب تشجيع الأسرة والمقرّبين". يضيف أن "الإتجار بالمخدرات وتعاطيها أصبحا ظاهرة منتشرة في الريف والمدن على حدّ سواء، وفي كل الشرائح الاجتماعية والاقتصادية. إلى ذلك، يعيش 58 في المائة من المدمنين مع ذويهم، الأمر الذي يدل على انحسار دور الأسرة". ويتابع عبد العظيم أن "تكلفة زراعة فدان البانجو يصل إلى 20 ألف جنيه (ألفان و554 دولاراً) وأرباحها إلى 200 ألف جنيه (25 ألفاً و540 دولاراً). وهو ما يدفع كثيرين إلى زراعته والإتجار به، خصوصاً في المحافظات الواقعة في الأطراف". ويشير إلى أن "مصر هي الدولة الأولى على مستوى العالم في نسبة حوادث السير. وقد تبيّن أن أكثر سائقي السيارات يتعاطون المواد المخدّرة على الطرقات السريعة، وتلك التي تربط بين المحافظات. ونسبة كبيرة من هؤلاء تتعاطى المخدرات للشعور بالسعادة والانبساط، في الوقت الذي تدمّر فيه تلك المواد أجهزة الجسم بالكامل".

20 وكراً للإتجار

في القاهرة الكبرى، نجد نحو 20 وكراً لبيع المخدرات. ولعلّ أشهرها الباطنية في الدرب الأحمر، والجيارة في مصر القديمة، والمدبح وأبو القاسم في السيدة زينب، وجبل المقطم وشبرا والشرابية والزاوية الحمرا، وناهيا في بولاق الدكرور، بالإضافة إلى منطقة المعتمدية حيث أكبر أمكنة تخزين الحشيش والبانجو. ومنها، تورَّد إلى الأحياء الراقية مثل المهندسين والدقي والعجوزة. وتنشط أيضاً حركة الإتجار في منطقتَي الطالبية والعمرانية في شارع الهرم، اللتين تكتظان بالعاطلين من العمل، فيما تبقى منطقة الكيت كات في إمبابة من الأشهر أماكن بيع الحشيش. إلى ذلك، ثمّة فئة كبيرة من الطلاب تروّجها بين زملائها و"أولاد الذوات". ولم يعد التعاطي مقتصراً على بعض المقاهي أو الأماكن المغلقة، لا بل هو يلاحَظ أيضاً على الأرصفة وفي الطرقات والشوارع.

اقرأ أيضاً: "مفيش تذاكر" في مصر