طريق الموت في سيناء ينتظر تحرّك الحكومة

01 ابريل 2019
كان قد وقع حادث اصطدام (Getty)
+ الخط -

قصص موت كثيرة يشهدها طريق القنطرة ـ العريش الدولي، أو "طريق الموت"، بسبب عدم قيام الجهات المعنية المصرية بإعادة تأهيله من أجل سلامة المواطنين. لذلك، ترتفع نسبة الحوادث

سيطر الحزن على سكّان محافظة شمال سيناء (شرق مصر) خلال اليومين الماضيين، بعد مصرع رجل وزوجته وطفل في حادث سير على طريق القنطرة ـ العريش الدولي، الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل من قبل الحكومة في ظل كثرة الحوادث التي يشهدها، حتى أنه سمّي بـ "طريق الموت". إلا أن كلّ المناشدات ذهبت أدراج الرياح ليبقى الطريق على حاله. وفي النتيجة، تستمر الحوادث لتحصد أرواح المزيد من المصريّين.

وفي تفاصيل الحادثة، يقول مصدر طبّي في مستشفى العريش العام لـ "العربي الجديد": "قرية التلول على الطريق الدولي العريش - القنطرة شهدت اصطدام سيارتين، ما أدى إلى وفاة محمد إسماعيل حجاب وزوجته فوزية أحمد حجاب، وحفيدته أسيل إسلام عبد الرحمن، وإصابة والدتها نورا عبد الرحمن، ووفاة الطفل يوسف جمال عبد الناصر، وإصابة آخرين بينهم أطفال. جميع هؤلاء كانوا قد وصلوا إلى المستشفى وهم في حالة حرجة. وجرى التعامل معهم من قبل الفرق الطبية، وأجريت لهم عمليات جراحية عاجلة، خصوصاً الأطفال".



يضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أنّ المستشفى اعتاد استقبال المصابين نتيجة حوادث السير التي تقع بغالبيتها على الطريق الدولي، في مقابل نسبة ضئيلة من الإصابات التي تقع داخل مدن المحافظة. ويشير إلى عدم وجود إحصائية دقيقة لأعداد القتلى والمصابين، إلا أنها قدرت بالعشرات على مدار الأعوام الخمسة الماضية، من دون أن تبدي أية جهة حكومية الاهتمام بالإحصائيات المتعلقة بالحوادث، أو أن تطلبها أصلاً لمتابعة القضية والعمل على حلها بحسب الإمكانيات المتاحة لدى المحافظة والجهات الحكومية في سيناء.

ولطالما اشتكى سكان محافظة شمال سيناء من خطورة الطريق الدولي وكثرة الحوادث، خصوصاً ليلاً أو في حال كانت الأحوال الجوية سيئة، ما يشير إلى ضرورة تحرّك الجهات الحكومية والهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية في اتجاه إصلاح الطرقات في أقرب وقت ممكن، لتفادي المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات. وأطلق نواب سيناء نداءات عدة للجهات الحكومية والمحافظة، في سبيل السعي لحلّ مشكلة الطريق، وإنهاء الأضرار التي أصابته خلال السنوات الماضية. إلا أن ذلك لم ينتج عنه أي قرار إيجابي حتى هذه الأيام.

ويقول أحد السائقين على طريق القنطرة العريش لـ "العربي الجديد": "العمليات العسكرية للجيش المصري أدت إلى جرف أجزاء من الطريق، وإقامة سواتر رملية. وبعد إنتهاء النشاط العسكري، لا يصلح الجيش ما أفسدته جرّافاته على الطريق، ما يؤدي إلى اصطدام عشرات السيارات بالسواتر الرملية، عدا عن الحفر. وما زالت بعض العبوات التي كان يستخدمها تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي على الطريق الدولي على حالها، ما يؤدي إلى ارتطام السيارات بها، وهو ما تكرر خلال الأشهر الماضية".

يضاف أنّه لم توضع أية علامات لتنبيه السائقين، أو الطلب من إدارة المرور التابعة لوزارة الداخلية وضع الإشارات اللازمة، إذ إن الطريق في حاجة إلى الكثير من الإشارات التنبيهية والتحذيرية للسائقين للتقليل من نسبة الخسائر. ويعتمد السائق على حفظه للطريق خلال سيره نهاراً، والأضواء التي يملكها في سيارته ليلاً. وفي حال أي نسيان من قبل السائق، سيكون ضحية جديدة لهذه الأزمة التي يعاني منها كل سائقي سيناء، بما فيها الشاحنات وسيارات النقل والحافلات.

ويعتبر الطريق الدولي الممر الأبرز في سيناء، ويمتد لعشرات الكيلومترات بين القنطرة والعريش، ويسلكه عشرات آلاف المواطنين بشكل يومي بواسطة السيارات والحافلات والميكروباصات. كما يعد ممراً للمسافرين الفلسطينيين من معبر رفح في اتجاه قناة السويس. لكن ما من خطوط إنارة أو لافتات أو نقاط ضوئية يمكن أن ترشد السائقين خلال السير، خصوصاً أنّ بعض الالتفافات تؤدي بالسائقين إلى نقاط عسكرية، ما قد يجعلهم عرضة لإطلاق الرصاص الحي من دون سابق إنذار".



تعقيباً على ذلك، يقول مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء لـ "العربي الجديد": "الدوائر الحكومية في سيناء تحمل بعضها بعضاً المسؤولية. ويرفض أيّ طرف تحمل مسؤولية الطريق والحوادث التي نسمع عنها كل أسبوع تقريباً. والسبب الأبرز لوقوعها يتمثّل في الأضرار على الطريق وعدم وجود لوحات إرشادية". يضيف أنّ الجيش المصري ووزارة الداخلية ومحافظة شمال سيناء ونواب سيناء يتحملون مسؤولية بقاء هذه الأزمة حتى وقتنا الحالي، على الرغم من مرور سنوات على ظهورها بشكل واضح، وتسببها في حالات الموت والإصابات التي تزداد مع مرور الوقت.

ويبيّن المسؤول الحكومي أنه يتوجّب على سائقي سيناء وسكّانها التحرّك ورفض هذا الإهمال من قبل مختلف الجهات الحكومية. وهناك إشارة للجميع وليس لطرف بحد ذاته، لأن مسؤولية تحسين أوضاع الطريق تشاركية بين مجالس المدن والمحافظة والوزارات المعنية، مؤكداً أن ذلك لا يتطلب ميزاينات كبيرة. ويمكن للجهات الحكومية في المحافظة السيطرة على الأزمة وحلّها بإمكاناتها المحلية، وبمشاركة قوات الجيش التي من الواضح أنه لم يطلب منها أحد المساعدة في إصلاح الأضرار، داعياً محافظ سيناء الذي تعهد في إنهاء كل الأزمات الحياتية أن يسعى جاهداً لحل أزمة الطريق الدولي خلال الفترة المقبلة، بما يحقق السلامة والأمان للمواطنين.