بريطانيا "تسجن" اللاجئين.. قبلَ الترحيل

28 مارس 2015
يعيش اللاجئون حالة قلق دائم (Getty)
+ الخط -

لا يخفى على أحد المخاطر التي قد يُواجهها المهاجرون للوصول إلى أوروبا. بيد أن كثيرا منهم يجهل قوانين تلك الدول. على سبيل المثال، يواجه اللاجئون في بريطانيا عقوبة لارتمائهم في أحضانها هرباً من الحرب والدمار أو الفقر، ما يعني أن ما فقدوه في بلادهم لن يحصلوا عليه في البلدان المتقدّمة. فمراكز ترحيل اللاجئين جاهزة لترحّب بهم، ثم العمل على ترحيلهم.
أُقرّ قانون اعتقال المهاجرين للمرّة الأولى في بريطانيا عام 1971. وقبل عام 2002، كانَ هناك نوعان من مراكز الاعتقال، وهي مراكز الترحيل وسجون الترحيل. هدفت الأولى إلى إحكام سيطرة الحكومة على المهاجرين ومراقبة تحرّكاتهم خلال النظر في قضاياهم.

في الوقت الحالي، يوجد في بريطانيا حالياً 12 مركز ترحيل، يُقال إنها توفر بعضاً من الرفاهية والامتيازات. إلا أن احتجاز حريّة اللاجئين أثار جدلاً كبيراً، إذ رأى بعضهم فيها ظلماً على اعتبار أن اللاجئ لم يرتكب أية جريمة ليعتقل.
شبّه اللاجئون "هارموندس - وورث"، وهو أكبر مركز لترحيل اللاجئين في العاصمة البريطانية لندن، والواقع قرب مطار هيثرو، بـ "قفص الحيوانات". ووصفوا الحياة فيه بـ "أسوأ ما يمكن أن يتعرّض له المرء جسدياً ونفسياً". وأعربوا لعدد من وسائل الإعلام التي تمكنت من الوصول إليهم عن عجزهم عن معرفة مصيرهم، بالإضافة إلى شعورهم بالغضب لاعتقالهم من دون ارتكاب أي جريمة أو جنحة. وكان عدد منهم قد أضرب عن الطعام في 8 مارس/آذار الماضي، إلى أن عدّل المعنيون طريقة التعامل معهم.

في الوقت الحالي، يضم المركز 615 رجلاً ينتظرون معرفة مصيرهم، ما يضطر الحكومة إلى صرف ملايين الدولارات عليهم. وكانت وزارة الداخلية قد منعت الصحافيين من التحدّث إلى هؤلاء اللاجئين من دون توضيح أسباب الرفض. بيد أن العديد من الصحافيين تمكّنوا من التواصل معهم عبر الهاتف، أو من خلال الدخول سراً.
تقول إحدى العاملات في منظمة جنوب لندن للاجئين، لـ "العربي الجديد"، والتي رفضت الكشف عن اسمها، إن وزارة الداخلية اعتقلت في الوقت الحالي ثلاثة شبان في مركز ترحيل اللاجئين، حين بلغوا الثامنة عشرة من عمرهم. وكانت المنظمة قد استقبلت هؤلاء الشبان منذ أعوام، مضيفة أنها المرّة الأولى التي تواجه فيها قراراً مماثلاً، حتى أنهم كانوا على وشك ترحيل أحد الشبان إلى بلاده، قبل أن يعيدوه إلى المركز في اللحظات الأخيرة.

من جهته، يقول أحد اللاجئين لـ "العربي الجديد"، ويدعى جاد، وكان قد قدم إلى البلاد في شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي، إن المقابلة الأولى التي أجراها في مبنى وزارة الداخلية في منطقة كرويدن جنوب لندن، اتسمّت بالغموض، وخصوصاً سؤال: "هل تمانع وضع قضيتك ضمن مسار الاعتقال السريع، والبت فيها خلال أسبوعين"؟.
يوضح أنه لم يفهم السؤال حين تُرجم له، واعتقد أن تلك الطريقة أفضل لتسريع الإجراءات، فأجاب بأنه لا يمانع. إلا أن محاميه شرح له لاحقاً أنّ القضايا التي تتبع ذلك المسار غالباً ما يوضع أصحابها في مراكز الترحيل، ويرحلون عن البلاد ويخسرون حقّهم في اللجوء. لم يُعتقل جاد حتى الآن، وما زال ينتظر موعد المقابلة الثانية. لكنّه يعاني من القلق والخوف من اعتقاله في كل مرة يزور فيها موظفاً في وزارة الداخلية.

في السياق، تُوضح مديرة منظمة "آزايلم ويلكام" المعنية باللاجئين، كايت سمارت، لـ "العربي الجديد" أن عدد المتطوّعين المحليين في المنظمة يبلغ 120، ويعملون على زيارة مراكز ترحيل اللاجئين في منطقة أوكسفورد، لافتة إلى أن نحو نصف اللاجئين الذين يتعاملون معهم رُفضت طلبات لجوئهم.

وفي ما يتعلق بأوضاع المعتقلين، تصف سمارت حياتهم بالصعبة، كونهم يجهلون مدّة حجزهم، وإن كانوا سيرحّلون عن بريطانيا أم ينقلون إلى مراكز احتجاز أخرى، فيعيشون في قلق دائم من المستقبل. تلفت إلى أن اللاجئين لم يرتكبوا أي جريمة، بيد أنّهم وُضعوا في مراكز لا تختلف عن السجون، مشيرة إلى وجود سياج وحرّاس أمن، عدا عن فقدانهم خصوصيتهم، إذ يتشاركون الغرف.
وتتابع سمارت أنهم يعانون بسبب "عدم قدرتهم على التواصل مع العالم الخارجي. فالزيارات مراقبة والهواتف معطّلة في معظم الأوقات لأسباب مختلفة". وتلفت إلى أن هناك صعوبات للحصول على الرعاية الصحية أو مقابلة محاميهم. ووضح أن بعض اللاجئين يفضّلون "كامبسفيلد" عن بقية مراكز الترحيل لأن العاملين أكثر اهتماماً بهم.