إضافة ضامنين جدد لمسار أستانة السوري ترجّح مشاركة المعارضة

01 مايو 2017
أعلنت "قسد" سيطرتها على نصف الطبقة (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه المعارضة السورية المسلحة نحو المشاركة في مفاوضات "أستانة 4"، المقررة بعد أيام في العاصمة الكازاخية، مستبشرة خيراً بالحديث عن ضم أطراف إقليمية جديدة إلى فئة الضامنين لاتفاقيات نهاية العام 2016، التي لم تُحترم ولو ليوم واحد من قبل راعيين رسميين لاتفاق وقف إطلاق النار، أي روسيا وإيران، بينما يستعد الائتلاف الوطني السوري لتغيير قيادته. تطورات سياسية لم تسرق الأولوية من الميدان، إذ سجلت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المزيد من التقدم العسكري على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة الطبقة قرب الرقة، بينما تتواصل الحشود التركية على الحدود السورية استعداداً ربما لاقتحام بري من جهة تل أبيض، على وقع مجزرة جديدة ارتكبها طيران النظام السوري بحق عشرة أشخاص في درعا، واستمرار الاقتتال بين فصائل الغوطة الشرقية لدمشق.

وحتى اللحظة، تنوي الفصائل العسكرية المشارَكة في لقاءات أستانة، انطلاقاً من أنباء وصلتها عن ضم قطر والسعودية والأردن إلى فئة الضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار ومراقبته، وهو ما تعتبر المعارضة أنّ من شأنه أن يُحدث توازناً في القوة بين معسكري النظام والمعارضة داخل لجنة أستانة، التي لا تزال تميل بشكل كبير لمصلحة النظام السوري، بما أن موسكو وطهران تواجهان أنقرة وحيدة لناحية الدول الضامنة. وأكد عضو وفد قوى الثورة العسكري، العقيد فاتح حسون، تلقي الوفد دعوة لحضور اجتماعات "أستانة 4" المقرر عقدها في الثالث والرابع من مايو/أيار الحالي، مرجحاً حضور الوفد للاجتماعات. وقال حسون، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لا يوجد أي رفض للحضور حتى الآن"، آملاً أن يحدث "تقدم" في المباحثات، مشيراً إلى "احتمال أن يحدث تقدم على صعيد تثبيت وقف إطلاق النار"، كاشفاً أن الطرف الروسي أفاد بوجود طروحات جديدة لديه حول ذلك، إضافة إلى تحسين آليات وطرق تنفيذ الاتفاق. وأعرب عن أمله في أن "يلتزم الروس هذه المرة بوعودهم، وأن يلزموا النظام ومليشياته باحترام الاتفاق". كما لم يستبعد حسون انضمام دول أخرى، لم تكن موجودة سابقاً، إلى المؤتمر.

وكانت المعارضة السورية المسلحة قاطعت "أستانة 3" احتجاجاً على عدم التزام النظام وضامنيه باتفاق وقف إطلاق النار، واستمرار سياسة التهجير المتعمد للسوريين، خصوصاً في محيط دمشق وحمص. وتسعى روسيا إلى توسيع دائرة الدول المراقبة لعملية أستانة، في ظل عدم اهتمام أميركي بمسار أستانة، ما يعكس عدم رضى واشنطن عن سياسات موسكو في سورية، والتي تشجع نظام بشار الأسد على الاستمرار في محاولة تحقيق حسم عسكري مع المعارضة السورية. وبات واضحاً أن موسكو تحاول إنقاذ مسار أستانة من الانهيار، خصوصاً أنها تعوّل عليه في إبقاء غالبية خيوط "اللعبة السورية" بيديها اللتين "تلوّثتا بدماء السوريين، لدرجة أنها باتت هي المشكلة في سورية، وليست جزءاً من أي حل"، وفق مصادر المعارضة السورية.

بموازاة ذلك، يستعد الائتلاف الوطني السوري، لعقد اجتماع لهيئته العامة في مدينة إسطنبول التركية، يومي السبت والأحد المقبلين، لإجراء انتخابات تسفر عن تغيير جذري في قيادته. وقالت مصادر في الائتلاف، لـ"العربي الجديد"، إنه ستجرى انتخابات لاختيار رئيس جديد ونائبين له وأمين عام، إضافة إلى 19 عضواً للهيئة السياسية في الائتلاف الذي تأسس أواخر العام 2012 في العاصمة القطرية الدوحة. وكشفت المصادر أنه جرى تعديل في النظام الداخلي للائتلاف يتيح للرئيس ونائبيه والأمين العام البقاء في مناصبهم سنة كاملة، بعد أن كان النظام ينص على ستة أشهر فقط، معتبرة أن هذا التعديل هو محاولة لإعادة هيكلة الائتلاف على ضوء تطورات سياسية هامة أعقبت مجيء إدارة أميركية جديدة، تدل المؤشرات على أنها تتعاطى إيجابياً مع الملف السوري. وكشفت ذات المصادر أن كتلتي "المجالس المحلية"، وجماعة الإخوان المسلمين تسعيان إلى إعادة خالد خوجة إلى رئاسة الائتلاف، مع أن عدداً كبيراً من أعضاء الائتلاف لديه تحفظات وملاحظات على خوجة إبان ترؤسه للائتلاف في العام 2015، خصوصاً لجهة ابتعاده عن العمل الجماعي، وفق المصادر. وذكرت أن هناك عدة أسماء مطروحة للدخول في انتخابات رئاسة الائتلاف مقابل خوجة، منها نائب رئيس الائتلاف الحالي، عبد الحكيم بشار، الذي يمثل المجلس الوطني الكردي في الائتلاف، ورياض سيف، إضافة إلى نذير الحكيم. 


"قسد" تتقدم في الرقة

على صعيد التطورات الميدانية، أمس الأحد، واصلت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، تقدمها داخل مدينة الطبقة الواقعة غرب محافظة الرقة، وسط قصف لطيران التحالف الدولي وحشود تركية على الحدود السورية، في حين يتواصل الاقتتال بين فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، لليوم الثالث على التوالي. وقال ناشطون إن الاشتباكات في عدة مدن وبلدات في الغوطة الشرقية، بين "جيش الإسلام" من جهة، و"فيلق الرحمن" و"هيئة تحرير الشام" من جهة أخرى، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وقال الناشط الإعلامي، أبو وسيم الغوطاني، لـ"العربي الجديد"، إن الاشتباكات اشتدت في مدن حزة، وسقبا، وجسرين، فيما سيطر عناصر "جيش الإسلام" على بلدتي أفتريس والأشعري بشكل كامل بعد اشتباكات مع "فيلق الرحمن"، تم فيها استخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة، مشيراً إلى سقوط أكثر من مائة قتيل خلال الاشتباكات التي بدأت الجمعة بهجوم شنه "جيش الإسلام" على مواقع "هيئة تحرير الشام" في الغوطة الشرقية، والتي اتهمها باختطاف رتل مؤازرة تابع له كان متوجهاً إلى حي القابون، الأمر الذي نفته "الهيئة" واعتبرته محض افتراء.

ويرى متابعون أن "جيش الاسلام" يسعى إلى إنهاء وجود "هيئة تحرير الشام" في الغوطة الشرقية بشكل كامل، تزامناً مع دعوات من الأهالي لشرعيي وقادة الفصائل إلى وقف المعارك التي حصدت المزيد من الضحايا، على غرار ما حصل في مثل هذه الأيام من العام الماضي. وقد طالبت الفعاليات المدنية والثورية في مدينة عربين بوقف الاقتتال الحاصل بين الفصائل، وسحب المظاهر المسلحة من المدينة. وقال بيان الفعاليات "نطالب قيادة جيش الإسلام بوقف تجاوزات عناصره، والإفراج عن المعتقلين من العسكريين والمدنيين، إضافة إلى تأمين ممرات للمقاتلين وذخيرتهم باتجاه خطوط التماسّ مع قوات النظام، وطرقات تبديل النوبات". ويتخوّف أهالي الغوطة من خلل يطاول جبهات القتال ضد قوات النظام والمليشيات، ما يهدد الوضع العسكري في القابون وسواه من المناطق التي تتقدم إليها قوات النظام، على نحو مشابه لما جرى سابقاً، حين خسرت المعارضة القطاع الجنوبي ومساحات واسعة من المرج بينما كانت الفصائل مشغولة بالاقتتال في ما بينها.


بموازاة ذلك، وفي آخر تطورات المعارك في الرقة، أعلنت "قسد" سيطرتها على ستة أحياء جديدة في مدينة الطبقة بعد معارك مع "داعش". وقالت، على موقعها الرسمي، إنها سيطرت على أحياء المهاجع، والبوسرابة، وأبو عيش، والكنيسة الآشورية، والكسارة، والمسحر، بعد اشتباكات استمرت حتى صباح أمس الأحد، مشيرة إلى أن عناصرها مشطوا المنطقة التي استولوا عليها وصادروا أسلحة وذخائر، وإن كانت مصادر محلية أكدت أن الاشتباكات ما زالت مستمرة في هذه المناطق، إذ لم تتمكن "قسد" من فرض سيطرتها الكاملة عليها. كما أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" سيطرتها على الطريق الواصل بين مدينتي الرقة والطبقة، إثر اشتباكات عنيفة مع تنظيم "داعش"، تم فيها استخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة، فيما دارت اشتباكات أخرى بين الطرفين على جبهة المشفى الوطني في مدينة الطبقة. وحسب تصريحات مسؤولين عسكريين في المليشيا الكردية فإنها سيطرت حتى الآن على نحو نصف المدينة. وواصل طيران التحالف الإغارة على المدينة، التي قتل فيها ثلاثة مدنيين في قصف قرب الكنيسة إضافة إلى عنصر من "داعش" وأصيب ستة نقلوا إلى مشافٍ ميدانية. وشنت طائرات التحالف ثلاث غارات استهدفت المنطقة بين الجسرين القديم والجديد وسوق الغنم في مدينة الرقة. يأتي ذلك بعد مقتل وإصابة تسعة مدنيين، أول من أمس، جراء قصف جوي استهدف بلدتي المنصورة والعالية غرب مدينة الرقة.

وتترافق هذه التطورات مع تواصل الحشود العسكرية التركية على طول الحدود مع سورية، خصوصاً في مواجهة القوات الكردية في تل أبيض شمال الرقة ومنبج شرق حلب، بالإضافة إلى الحسكة في أقصى الشمال الشرقي للبلاد، وذلك بعد ضربات وجهتها الطائرات التركية لمواقع الوحدات الكردية داخل الأراضي السورية وعلى الحدود مع العراق، تبعها قصف مدفعي متبادل على طرفي الحدود. ورأى مراقبون أن هذه التطورات قد تشير إلى اقتحام عسكري تركي قريب من جهة تل أبيض، بانتظار المشاورات التي سيجريها مسؤولون أتراك، على رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان مع موسكو وواشنطن. في غضون ذلك، حركت أميركا مدرعاتها يوم الجمعة الماضي إلى المناطق الحدودية مع تركيا شمال الحسكة، فيما بدا أنها محاولة لتهدئة الأوضاع في المنطقة. وقال ناشطون إن رتلاً من المدرعات الأميركية مر، أول من أمس، على بعد أمتار قليلة من مقرات النظام السوري، ومن أمام نقاطه وحواجزه في مدينة القامشلي. وأوضحوا أن جنود النظام السوري أداروا ظهورهم أثناء مرور الرتل، وهو ما أثار "حزن" أردوغان الذي تعهّد بالاستفسار حياله من الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما يلتقيه في واشنطن منتصف الشهر الحالي.

وجدد أردوغان التأكيد على نية بلاده دعم "الجيش الحر" لدخول منبج، وطرد "قسد" منها، في إعادة لإحياء التفاهمات السابقة مع واشنطن، بعدم اقتراب الأكراد من الضفة الغربية لنهر الفرات، وذلك وسط أنباء عن استعداد مقاتلين من "الجيش الحر" لدخول تل أبيض من الأراضي التركية. ومن المقرر أن يجتمع أردوغان مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منتصف مايو الحالي، مع ترجيحات بأن يكون الموقف من المليشيات الكردية محور النقاش. وأعلن أردوغان أنه "حزين" لرؤية عربات عسكرية أميركية تقوم بأعمال الدورية قرب الحدود التركية السورية مع مقاتلين أكراد من "وحدات حماية الشعب". وقال "للأسف إن وجود علم أميركي إلى جانب منظمة إرهابية اسمها وحدات حماية الشعب في قافلة، أمر يحزننا بشدة". وأضاف "سنتحدث في الأمر حين نلتقي في 16 مايو"، مبدياً أسفه لاستمرار التعاون بين القوات الأميركية و"وحدات حماية الشعب" الكردية. وشدد على أن "هذا الأمر يجب أن يتوقف فوراً، وإلا فإن هذه المعضلة ستستمر بالنسبة للمنطقة ولنا".

قتلى في درعا البلد

وقتل 10 مدنيين، معظمهم نساء وأطفال، وأصيب آخرون، حين ألقت مروحيات النظام 15 برميلاً متفجراً على الأحياء السكنية في درعا البلد، ما تسبب في انهيار مبنى كامل على رؤوس قاطنيه. كما استهدفت قوات النظام والمليشيات بالمدفعية والصواريخ الأحياء ذاتها. وطاول القصف الجوي أيضاً بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى. يأتي هذا بعد سيطرة فصائل المعارضة على أكثر من 95 في المائة من حي المنشية بدرعا البلد، وفشل قوات النظام والمليشيات في استعادتها.




المساهمون