جدل حول فعالية الدبلوماسية المغربية بعد أزمة الصحراء

24 مارس 2016
تظاهرات مغربية ضد تصريحات بان (فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

أعاد التوتر الحاصل بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشأن ملف الصحراء والوضع في مخيمات تندوف، إثر وصف الأمين العام الصحراء بالأرض المحتلة، إلى الواجهة موضوع الدبلوماسية المغربية الموازية، سواء الحزبية أو البرلمانية، التي تسعى لترويج الطرح المغربي لحل نزاع الصحراء أمام المحافل الدولية. ويتضمن مقترح المغرب لإيجاد حل لملف الصحراء منح حكم ذاتي موسّع لمناطق الصحراء، لتتدبر شؤونها بحسب مواردها واحتياجاتها، على أن تكون تحت السيادة المغربية، فيما تطالب جبهة البوليساريو منذ العام 1975 بانفصال الصحراء عن الحكم المغربي، وهو ما ترفضه الرباط.

وأفضى الخلاف غير المسبوق بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة، قبل أسابيع قليلة من تقديم الأخير تقريراً حول الوضع في الصحراء ومهام البعثة الأممية إلى المنطقة "المينورسو"، إلى عودة الجدل حول مدى فعالية الدبلوماسية الحزبية في تقديم الموقف المغربي من نزاع الصحراء بشكل ناجع وفعال خارج البلاد. وتعالت أصوات مغربية تدعو إلى إعادة النظر في فعالية أداء الدبلوماسية البرلمانية والحزبية في الفترة الأخيرة، باعتبار أن الدبلوماسية النشطة لا تكون بعدد السفارات والبعثات الدبلوماسية، بقدر ما تكون بتبنّي استراتيجية دبلوماسية حزبية وبرلمانية وإعلامية تنتصر للقضية في الأروقة الدولية، والمنتديات الدولية غير الحكومية.
في المقابل، يرى البعض الآخر أن أداء الدبلوماسية الحزبية في المغرب سليم وناجع، لكونها أظهرت فعاليتها في الأزمة الأخيرة بين المغرب والسويد حول موضوع الاعتراف بالبوليساريو، بعد أن كانت استوكهولم تعتزم الإقرار بما يسمى الجمهورية الصحراوية، قبل أن ترسل الرباط وفوداً حزبية، خصوصاً اليسارية منها، لملاقاة قيادات سويدية، لتتراجع السويد عن نيتها تلك.

اقرأ أيضاً: المغرب يتّهم بان بالتطاول على السيادة

وفي هذا السياق، يعتبر المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف الصحراء سعيد بنيس، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك غياباً شبه كلي للدبلوماسية البرلمانية أو الدبلوماسية الحزبية في الدفاع عن الموقف المغربي أو التعريف بمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في العام 2007 كحل سياسي لهذا النزاع. ويقول بنيس إنه "في الوقت الذي دأبت فيه الدبلوماسية المغربية على الدفاع عن الموقف المغربي في كل الجبهات سواء على المستوى المتعدد الأطراف أو المستوى الثنائي، كانت الغالبية العظمى للأحزاب المغربية في سبات عميق، إلا إذا استثنينا مبادرات خجولة لبعض الأحزاب بين الفينة والأخرى".

ويلفت إلى أن البعض انتظر الخطاب الذي وجّهه الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014، لتقوم بعض الأحزاب، خصوصاً الأحزاب المحسوبة على المعارضة، كحزب "الأصالة والمعاصرة"، وبعض الأحزاب غير الممثلة في البرلمان مثل الحزب "الاشتراكي الموحّد"، بالتحرك والاضطلاع بدورها في الدفاع عن الموقف المغربي. ويشدد على أنه "من الصعب أن يربح المغرب كل المعارك الدبلوماسية التي ينخرط فيها في ظل غياب مشاركة المجتمع المدني والأحزاب السياسية، فالأحزاب تنقصها رؤية واضحة واستراتيجية لفتح أبواب الحوار والتواصل مع الأحزاب اليسارية للدول المتعاطفة مع طرح البوليساريو، خصوصاً في أميركا اللاتينية.

ويرى أن الدور الإيجابي الذي يمكن أن تقوم به الدبلوماسية الحزبية ظهر خلال التوتر الدبلوماسي الذي شهدته العلاقات بين المغرب والسويد خلال الربع الأخير من السنة الماضية بسبب نية الحكومة السويدية الاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، وظهر نجاح الأمينة العامة للحزب "الاشتراكي الموحّد" نبيلة منيب، إلى حد ما في تلطيف الأجواء بين المغرب والحكومة اليسارية السويدية. ويعتبر أنه يجب البناء على هذه التجربة، وتعميمها على بلدان أخرى يحظى فيها البوليساريو بدعم كبير، خصوصاً في إسبانيا، والتي برز فيها خلال السنتين الماضيتين حزب بوديموس ذو التوجّهات اليسارية الراديكالية، والذي عبّر قياديوه أكثر من مرة عن دعمهم طرح البوليساريو. من هذا المنطلق، يضيف بنيس، يجب على باقي الأحزاب المغربية أن تستلهم من التجربة التي انخرطت فيها نبيلة منيب، والتي أظهرت الدور التكميلي الذي يمكن أن تقوم به الدبلوماسية البرلمانية والحزبية في مؤازرة الدبلوماسية الرسمية، وفي هدم الفجوة بين المغرب والحكومات الأوروبية والأميركية التي تتزعمها أحزاب يسارية.

ويلفت المستشار الدبلوماسي إلى أنه "ينبغي ألا تكون هذه الدبلوماسية موسمية، بل يجب أن تعمل على مدار السنة وبناءً على استراتيجية محكمة"، داعيا الأحزاب المغربية إلى أن تتحلى باليقظة وبُعد النظر الضروريين لمساعدة المغرب على كسب المعارك الدبلوماسية التي سيخوضها في المستقبل.

اقرأ أيضاً: محاولات فرنسية لتطويق الأزمة بين المغرب وبان بخصوص الصحراء

المساهمون