لم يصبر التحالف الوطني الحاكم في العراق، طويلاً على رئيس الوزراء حيدر العبادي، الخارج من صفوف التحالف ذات الغالبية الشيعية، حتى بدأ بشن حملة منظّمة لإسقاطه.
في هذا السياق، يكشف مصدر من داخل التحالف الوطني، لـ "العربي الجديد"، أنّ "زيارة العبادي الأخيرة إلى واشنطن، وقبوله بشروط الرئيس الأميركي باراك أوباما لمنع مليشيات الحشد الشعبي من دخول الأنبار، فجّر العلاقة مع شركائه في التحالف".
ويوضح المصدر أنّ "الكثير من الكتل ومنها كتلة بدر وكتلة التيار الصدري، وكتلة دولة القانون، بالإضافة إلى الفصائل المسلحة بدأوا بحملة لإسقاط العبادي والإطاحة به"، مبيناً أنّ "الأمين العام لكتلة بدر هادي العامري ذهب إلى طهران، والتقى بعدد من المسؤولين الإيرانيين بهذا الصدد، فيما بدأ بشن هجمات إعلاميّة على العبادي تحدّث فيها عن تأثره بالحملة الإعلاميّة التي تشن ضد الحشد الشعبي، وأنّ العبادي يتحمل مسؤولية تقدّم داعش في مصفى بيجي بسبب قراره بسحب الحشد الشعبي منها".
اقرأ أيضاً: واشنطن تخيّر العبادي بين ضبط المليشيات وتسليح العشائر
ويضيف المصدر (طلب عدم ذكر اسمه) أنّ "العامري حاقد أساساً على العبادي الذي أقصاه عن تسلّم حقيبة الداخلية، وهو اليوم يعمل على التنسيق مع الكتل الأخرى والفصائل المسلحة لشن حملة لإسقاطه".
ويضيف أنّ "تحرك بعض الفصائل المسلحة التي دخلت قضاء النخيب في الأنبار، كان خطوة لإحراج العبادي عبر استفزاز السعودية والطرف العربي السني عموماً"، مشيراً إلى أنّ "العبادي اليوم يتخبط بسياساته، لأنّه محارب من داخل تحالفه، ومن خارجه (الكتل السياسية)، ومن قبل داعش والجهات الإقليمية الأخرى".
بدوره، يحذّر الخبير السياسي محمود القيسي، من "انهيار حكومة العبادي في حال ركونه إلى التحالف الوطني والجانب الإيراني فقط".
ويقول القيسي لـ "العربي الجديد"، إنّ "العبادي اليوم يمرّ بمأزق صعب للغاية، وعليه أن يفتح قنوات حوار داخلية وخارجية"، لافتاً إلى أنّ "الحوار الداخلي يتعلّق بالسنّة والأكراد، من خلال كسبهم وتطبيق الاتفاقات السياسية التي أبرمها معهم، واعترض عليها التحالف الوطني".
اقرأ أيضاً: خلافات التحالف الوطني تطيح بعشرات الضباط العراقيين
ويوضح أنّ "قنوات الحوار الخارجية تتمثل بحصول العبادي على ضمانات من الولايات المتحدة، حتى وإن كانت على حساب إيران"، مؤكّداً أنّ "الإشارات تدل على أنّ العبادي بدأ يتوجه نحو الولايات المتحدة من خلال إقصاء الحشد الشعبي، لكن ذلك بحد ذاته يمثّل انتقالة خطيرة بمسار حكومة العبادي تحتّم عليه الحذر الشديد".
من جهته، يصف النائب عن ائتلاف دولة القانون المنضوي ضمن التحالف الوطني، جاسم محمد جعفر، هيكلية الدولة العراقية الحالية بأنّها "ضعيفة وهزيلة وغير قادرة على الصمود أمام عواصف الانفصال والأقلمة التي بدأت تهب على العراق بمباركة دولية وإقليمية ومحلية".
وقال جعفر في بيان له، إنّ "قيام بعض الشخصيات وقادة كتل سياسية يمثلون مكوّناً بعينه، بزيارات مكّوكية إلى الخارج، والالتقاء بزعماء ومسؤولين من دون موافقة الحكومة المركزية، دليل على ضعف التنسيق والفوضى في المشهد السياسي العراقي اليوم".
وأشار إلى أنّ "ضعف النظام السياسي الراهن في العراق، تسبّب بإطلاق الكونغرس لمشروع تسليح السنّة والأكراد من دون الرجوع إلى الحكومة" المركزية، مؤكّداً أنّ "اللامبالاة وعدم الاهتمام الذي تبديه أجهزة الدولة المختلفة إزاء مثل هذه الأمور، من شأنها أن تثير الشارع والرأي العام العراقي".
اقرأ أيضاً العبادي لـ بايدن: لا تتدخلوا بشؤون العراق
من جهته، ينفي النائب عن كتلة "دولة القانون" علي العلاق، ما أثير عن "وضع رئيس الوزراء حيدر العبادي استقالته تحت تصرف المرجعية الدينية". وقال العلاق، في تصريح صحافي، إنّ "رئيس الوزراء يعمل وفق مسؤولياته ولا يخيب من صوت له داخل مجلس النواب"، مضيفاً أن "العبادي لن يتنازل عن موقعه وهو رئيس وزراء العراق".
وكان زعيم مليشيا عصائب أهل الحق (المقربة من المالكي) قيس الخزعلي، قد هاجم العبادي أخيراً، مؤكداً أن ليس من حق أحد تنصيب نفسه زعيماً للجيش والحشد الشعبي، مهدّداً بعدم السكوت على منع الحشد من دخول الأنبار.