شكل القاتل المتسلسل الشهير باسم "جاك المتعري"، أسوأ كوابيس النساء البريطانيات في الستينات، بعد خنقه لـ6 شابات، وإلقاء أجسادهن العارية في مجمعات النفايات في غرب لندن.
ولم يلق القبض على قاتل النساء الـ6 في ذلك الحين، إلا أن قضيته عادت لتطفو على السطح بعد مضي ما يزيد على نصف قرن، بعد أن صرح الصحافي مايكل ليتشفيلد، المراسل السابق لصحيفة "ذا صن" مؤخرًا بأنه يمتلك أدلة دامغة على أن جاك المتعري، هو فريدي ميلز، بطل العالم في الملاكمة، والذي اشتهر بماسونيته.
كما يعتقد أن ميلز اعترف بجرائمه لمحقق سكوتلاند يارد (جهاز الشرطة البريطاني) الماسوني أيضًا، والذي كان مسؤولًا عن التحقيق وقتها، قبل أن ينتحر هرباً من العقاب، عام 1965.
وعثر على الجثة الأولى التي عرفت باسم هانا تيلفورد (30 عامًا)، بالقرب من نهر التايمز في منطقة هامرسميث، في شهر شباط/فبراير من عام 1964، وحدد الطب الشرعي الاختناق سببًا للوفاة، كما تعرضت الضحية لخلع العديد من أسنانها بينما كانت على قيد الحياة، ووجدت ملابسها الداخلية محشورة داخل فمها، وفقًا لموقع "ديلي ميل".
وتلا هذه الجريمة سلسلة من الحالات المشابهة، حيث وجدت جثث 5 فتيات أخريات ارتبطت أسماؤهن بالبغاء، مخنوقات ومرميات على ضفاف نهر التايمز، كما تعرض بعضهن للاعتداء الجسدي، في حين لم يقدم القاتل السادي، الذي خلع أسنان النساء للعدالة.
ووجدت جثة إيرين لوكوود (25 عامًا)، في شهر أبريل/نيسان عام 1964، في المكان ذاته الذي ألقيت فيه جثة هانا، وبعد بضعة أسابيع اكتشف المارة جثة هيلين بارتيميلي (22 عامًا) في أحد الأزقة، ميتة خنقًا، تمامًا مثل الضحيتين السابقتين.
كما عثر على رفات ماري فيلينغ (30 عامًا) في مرأب سيارات في تشيزويك خلال شهر تموز، وعلى جثة فرانسيس براون (21 عامً) في كينسينغتون، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام.
وكان فريدي ميلز، الذي ولد في بورنموث، مشتبهًا رئيسيًا في تحقيقات الشرطة بما سمي وقتها بـ"جرائم قتل هامرسميث"، إلا أنه لم يدن بسبب عدم توفر الأدلة القاطعة، وبدا أن أية أمل بالجزم في ذلك اختفى تمامًا، عندما عثر عليه ميتًا بطلق ناري، في سيارته.
ولم يبد فريدي في البداية شخصية مثيرة للشك، إذ حظي باحترام جماهيري واسع، وخاصة بعد اعتباره نموذجًا للبراعة الرياضية بعد فوزه ببطولة العالم في الملاكمة عام 1948، مما جعله يحقق الشهرة لاحقًا بشكل أكبر عندما قدم برنامجًا موسيقيًا على قناة "بي بي سي"، إلا أن حياته السرية، وعلاقته بالبغايا اللواتي ادعين أنه تعامل معهن بعنف شديد أكثر من مرة، دفعت الشرطة لرؤيته بشكل أعمق من مجرد شخصية رياضية شهيرة.
وأكد ليتشفيلد في كتاب يتحدث فيه عن حياة ميلز، أن الشرطة كانت قد بدأت التحقيق بأمره عند العثور على جثة الضحية السادسة، بريدي أوهارا في منطقة صناعية، في شهر شباط من عام 1965.
وتولى كبير قياديي شرطة سكوتلاند يارد، جون دو روز، مهمة التحقيق في جرائم جاك المتعري، في وقت اكتشاف جثة أوهارا، بضغط من الصحافة والناس، إلا أن ليتشفيلد يعتقد أن هذه الخطوة كانت مفيدة لفترة قصيرة بالنسبة لميلز، الذي تشارك مع المحقق انتماءه للماسونية وعرفه قبل ذلك الوقت، مما مكنه من البوح له بأسراره من دون الخوف من العقاب.
ولم يدرك فريدي أن دو روز سجل اعترافه إلا بعد فوات الأوان، حيث بدأ المحقق يطالبه بالاعتراف بجرائمه مقابل مساعدته في تخفيف التهم، من القتل العمد إلى القتل عن طريق الخطأ، وهذا ما دفع فريدي للتخطيط لاغتيال نفسه للهروب من المحاكمة، بالاتفاق مع رجلين عرفهما خلال مهنة الملاكمة، دعيا بالتوأمين كراي، حيث وعدهما بمبلغ 1000 دولار مقابل إطلاق النار عليه، بحيث يبدو الأمر شبيهًا بالانتحار، وهذا ما حصل حقًا وفقًا لمصادر ليتشفيلد المزعومة.
وعثر على ميلز ميتًا في سيارته في 25 تموز من عام 1965، مع بندقية موضوعة بين ركبتيه، وشخص البروفيسور كيث سيمبسون تهشم الجمجمة، الناتج عن الطلق الناري، سببًا للوفاة، وأكد أن الأدلة تشير إلى حادثة انتحار.
ويقول ليتشفيلد في كتابه أن وفاة فريدي انتحار بواسطة وكيل، لأنه لم يمتلك الجرأة على فعل ذلك بنفسه، ويؤكد أن حياته السرية بقيت سرًا لسنوات عديدة، بسبب خطورة الإجراءات القانونية، على الرغم من أن المصدر الذي روى له هذه التفاصيل، هو الشرطي بوب بري، الذي سمعها بدوره من أحد رجال العصابات.
(العربي الجديد)