الوشم يؤرّخ تقلّباتنا النفسيّة

03 مارس 2015
تعتبر قضية الوشم ظاهرةً قديمةً حديثة (Getty)
+ الخط -
حلمت منذ أن بلغت السادسة عشرة من عمري بالحصول على وشم، لم يهمني مكانه ولا معناه، كان الهوس واضحاً ولطالما غرقنا في المنزل بنقاشاتٍ عميقة عن معنى الوشم والغاية منه.
عارضت أمي الفكرة منذ لحظة طرحها، أما الوالد فكان دبلوماسياً بجوابه: "لكِ حرية الاختيار عند بلوغك الثامنة عشرة".

قضية الوشم أو "التاتو" والتي تعتبر ظاهرةً قديمةً حديثة غالباً ما ترتبط إمّا بالتعبير عن النفس أو عن الوضع النفسيّ الذي نعيشه سواء كان سعادةً أم حزن. توالت الأيام والسنوات وبلغت العشرين من عمري. قضيت معظم أوقاتي بتصفّح صور الوشوم الصغيرة والكبيرة محاولة اختيار ما يناسبني، ما يشبهني.

وفي الثانية والعشرين من عمري اكتشفت أنني فاشلة باختيار الوشم المناسب وأنني أملك مخيّلة نملة. استسلمت مقتنعةً بأن اللحظة المناسبة للحصول على وشم ستأتي عاجلاً أم آجلاً. وفي الرابع من شباط/فبراير 2014، وبعد يومٍ عصيب في العمل ومشاكل لا متناهية، وخلال استماعي لأغنية بعنوان "وردة اللوتس"، قررتُ أنه اليوم المثاليّ للحصول على وشمي الأول.

الأجواء مناسبة، الأغنية من الأغاني المفضلة عندي واللوتس الوردة الأجمل بنظري، أمّا المحفّز، فكان الغضب. اجتاحتني رغبةٌ عارمة بالحصول على الوشم فحددت موعداً وفي غضون ساعتين كنت أراقب وشمي الأول وهو يُرسم على معصمي.


الألم كان مخيفاً، راقبت الإبرة والدم، نعم، ولم أكترث. عدت إلى المنزل متفاخرةً بإنجازي وبعكس توقعاتي أعجبت والدتي بالوشم وأثنت على خياري الصائب. لم تدم موجة الهدوء البعيد عن حبر الوشوم طويلاً، فبعد أشهرٍ قليلة، وبعد جدالٍ محتد مع صديقٍ لي، وجدت نفسي في المرسم أحصل على وشمي الثاني : "حمامة السلام" التي أتت كردّ فعلٍ على اتهام صديقي لي بـ "العصبية".

نعم، وشومي ردودٌ فعلٍ مؤرخة على جسدي، وهي جزء قد يكون غريباً، ولكنه جزء لا يتجزأ من شخصيتي. الوشوم تذكرني دائماً بلحظات وقراراتٍ غيّرت مجرى حياتي، وهي غالباً ما تكون متعلّقة إمّا بالنهايات أو بالبدايات الجديدة.
المساهمون