مستوطنون يستبيحون بلدة الخليل القديمة والمسجد الإبراهيمي بـ"عيد الفصح" اليهودي

10 ابريل 2023
قوات الاحتلال أغلقت مساء السبت المسجد الإبراهيمي بوجه المصلين (Getty)
+ الخط -

استباح مئات المستوطنين من مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل جنوب الضفة الغربية، ظهر اليوم الاثنين، أحياء في البلدة القديمة من مدينة الخليل، بحجة احتفالاتهم بعيد "الفصح" اليهودي، وسط حماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما كانوا قد استباحوا المسجد الإبراهيمي الليلة الماضية.

وكانت قوات الاحتلال قد أغلقت مساء أول أمس السبت، المسجد الإبراهيمي بوجه المصلين المسلمين، وتركته متاحًا بشكل كامل أمام المستوطنين من الجماعات الدينية اليهودية التي أدت فيه طقوسًا تلمودية، حيث يستمر الإغلاق حتى مساء اليوم.

وقال منسق "تجمع المدافعون عن حقوق الإنسان"، عماد أبو شمسية لـ"العربي الجديد": "تواصل معنا الارتباط الفلسطيني مساء أمس الأحد، وأبلغونا بأن الاحتلال سيتعامل مع منطقة البلدة القديمة بالخليل كمنطقة عسكرية مغلقة، تمهيدًا وتسهيلًا للاقتحامات".

وأضاف أبو شمسية، "الاحتلال الإسرائيلي أغلق صباح اليوم، محلات المواطنين في مناطق الاقتحام، ومنع أهالي وسكّان مناطق تل الرميدة وشارع الشهداء من الوصول إلى منازلهم"، مؤكدًا استمرار توافد حافلات المستوطنين من مناطق خارج مستوطنات الخليل، للوصول إلى منطقة شارع بئر السبع تحديدًا.

ويقتحم المستوطنون شارع بئر السبع، للوصول إلى قبر "حبرون أو بن كناس" الذي يزعمون أنه يعود ليهودي سكن الخليل قديمًا، ويتواجد القبر أسفل منزل فلسطيني في المنطقة.

إغلاق الاحتلال للمناطق الحيوية في البلدة القديمة من الخليل التي تعتبر مصدر رزق لأصحاب المحلات فيها، أثر عليهم سلبًا وفق أبو شمسية، الذي أفاد بأن التفاعل الشعبي والتضامن مع المناطق التي يقتحمها الاحتلال بات معدومًا، حيث إن من يدفع الثمن فقط هم سكّان المناطق المقتحمة.

وبسبب اقتحام المستوطنين اليوم، البلدة القديمة من الخليل، فإن نحو ألف فلسطيني لم يستطيعوا مغادرة منازلهم، كما أغلق أكثر من 120 محلا تجاريا هناك.

من جانبه، قال مدير عام أوقاف الخليل، نضال الجعبري في حديث لـ"العربي الجديد": "إن الاحتلال بعد أن أغلق المسجد الإبراهيمي بوجه المصلين، سمح للمستوطنين بإقامة حفلات الرقص الماجنة بشكل مخجل، حيث تم تدنيس باحات المسجد وإقامة المسيرات الاستفزازية، وهذا ما نجمت عنه حالة ارتباك طاولت سكان محيط المسجد الإبراهيمي، الذين اضطر بعضهم للبقاء في المنازل دون مغادرة، أو مغادرة المنطقة ليومين، حفاظًا على سلامة أطفالهم من اعتداءات المستوطنين".

اللافت حسب مدير أوقاف الخليل، هو أن الاحتلال نشر قناصته المدججين بالرشاشات الثقيلة على أسطح المسجد الإبراهيمي، وسط حصار يمارسه أيضًا على منازل في البلدة القديمة من الخليل، وهذا ما شكّل خطرًا على حياة السكّان، وتحديدًا بعد انفلات آلاف المستوطنين لممارسة الاقتحامات.

وعن التفاعل الرسمي والشعبي تجاه اقتحامات المستوطنين للمسجد الإبراهيمي ومحيطه، أوضح الجعبري لـ"العربي الجديد" أن تراكم الأزمات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، والانقسام السياسي الداخلي، مع حالة الخذلان العربي، كل ذلك أثر على التفاعل مع حالة التضامن الشعبية والرسمية من السلطة الفلسطينية.

وحسب اتفاقية الخليل التي وقعت عام 1997 بين منظمة التحرير الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي، فإنه يحق للإسرائيليين اقتحام المناطق التالية: كهف أوثينال بن كانس في شارع بئر السبع، وشارع بئر حرم الرامة شمال الخليل، ومنطقة عين سارة وسط مدينة الخليل، وذلك بحماية إسرائيلية وتواصل مسبق مع السلطة الفلسطينية، إضافة للموافقة الضمنية على الوضع القائم في المسجد الإبراهيمي، الذي قسمه الاحتلال بعد مجزرة الحرم عام 1994.

ووصف الجعبري اتفاقية الخليل بـ"المريضة"، حيث إن آثارها تظهر في اقتحامات المستوطنين، مؤكدًا أن أيّ اتفاقية لا يمكن لها أن تغير من حقيقة المسجد الإبراهيمي.

البرلمانات الإسلامية تدعو "الجنائية الدولية" إلى التحرك

وفي سياق خطوات التضامن مع الشعب الفلسطيني، عقدت الترويكا الرئاسية، وأعضاء لجنة فلسطين، في اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الاثنين، اجتماعاً، عن بعد، على خلفية الاعتداءات السافرة التي يتعرض لها المسجد الأقصى، والشعب الفلسطيني منذ بداية شهر رمضان. 

واقترح رئيس البرلمان الجزائري إبراهيم بوغالي، الذي ترأس الاجتماع بصفته رئيس الدورة الحالية للاتحاد، المطالبة بتحريك "عاجل للمحكمة الجنائية الدولية، للنظر في هذه الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية التي تهدف إلى تصفية عرقية للفلسطينيين وتسليط عقاب جماعي عليهم"، وكذا "مطالبة الهيئات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني، وتوفير الحماية للمقدسات الإسلامية وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة شعائره الدينية بحرية".

وذكر بو غالي بضرورة "إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية في إطار قرارات الشرعية الدولية"، مبيناً، في كلمة له، أنه أجرى سلسلة اتصالات مع بعض رؤساء مجالس الدول الأعضاء بالاتحاد، والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، "من أجل التشاور حول كيفية التعامل مع الأوضاع الناجمة عن الاعتداءات السافرة"، مشددا على أهمية هذا الاجتماع "أمام هول الموقف وخطورة الوضع".

وأضاف المسؤول الجزائري أن "الواجب يفرض علينا كبرلمانات للدول الإسلامية، وممثلين للشعوب، أمام هذه الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها مقدساتنا أن تكون لنا وقفة لنبرز رؤيتنا في التصدي لهذا العدوان، والخروج من هذا الاجتماع" بموقف يبعث برسائل واضحة للمحتل والمجموعة الدولية" بشأن ما يحدث في القدس.

ويتعرض المسجد الإبراهيمي بشكل دوري لاعتداءات متنوعة من الاحتلال الإسرائيلي تهدف لتهويده، منها مواصلة بناء المصعد الكهربائي، والمسار السياحي الاستيطاني نحوه، إضافة للحفريات في أسفله، ورفع أعلام دولة الاحتلال والشمعدان على سطحه.

وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، قد أشارت في تقريرها السنوي، إلى أن الاحتلال منع رفع الأذان 613 وقتًا، وأغلقه 10 أيام خلال العام الماضي، في أكثر من 175 اعتداءً بطرق مختلفة.