رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن لقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع كبار قادة حركة "حماس" يعتبر المثال الأكثر وضوحاً على رغبة الملك الجديد في العمل مع التنظيمات الإسلامية، كما نقلت عن محلل مقرب من مسؤولين سعوديين، تأكيده، أن اللقاء جرى بتنسيق من دولة قطر.
ونقلت الصحيفة، في تقرير أعدّه الكاتبان ديفيد كيركباتريك وبن هوبارد، عن محللين مقربين من العائلة السعودية المالكة، قولهم إن "اللقاء يعكس إصرار الملك سلمان على حشد أكبر قدر من العالم العربي ضد إيران، التي تشكل منافساً رئيسياً للمملكة، في وقت تخشى السعودية أن تستقوي إيران باتفاقها مع القوى الغربية الكبرى".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الاجتماع الذي عقد في مكة بحضور رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" المقيم في قطر، خالد مشعل، يعدّ تغيراً ملحوظاً عن نهج الملك السابق، عبدالله، الذي قاد حملةً لدحر أو القضاء على جماعة "الإخوان المسلمين" والجماعات التابعة لها في أنحاء المنطقة".
اقرأ أيضاً: "حماس": مشعل يلتقي الملك السعودي
وأبدى الملك سلمان، وفق الصحيفة، استعداداً للعمل حتى مع الإسلاميين الذين يتبعون أسلوب "الإخوان المسلمين" في جهوده لمواجهة إيران، لكن، في الوقت نفسه، ألمح محللون إلى أنه قد يحاول إبعاد حماس عن طهران.
ونقلت الصحيفة عن المحلل في مركز الخليج للأبحاث، مصطفى العاني، إنّ "آخر شيء كنا نتوقعه أن يلتقي الملك، سلمان، خالد مشعل، لكن المناخ الإقليمي الحالي يتغير". مشيراً إلى وجود "حاجة للتعامل المباشر مع حلفاء إيران في المنطقة". واصفاً لقاء مكة بأنه جزء من "استراتيجية شاملة" لمواجهة النفوذ الإيراني.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أن "المسؤولين السعوديين لطالما نظروا إلى الفصائل الإسلامية، مثل حماس على أنها خطر على سلطتهم وعلى استقرار المملكة".
ومنذ وصول الملك، سلمان، إلى الحكم، تعاونت السعودية مع إسلاميين يتبعون أسلوب "الإخوان المسلمين" في اليمن، وفقاً للتقرير، الذي يشير، أيضاً، إلى أن "الملك سلمان تعاون بشكل وثيق مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في دعم الفصائل الإسلامية التي تقاتل الرئيس السوري، بشار الأسد، المدعوم من إيران".
وأضافت الصحيفة أن "علاقات حماس بإيران توترت، منذ عام 2011، عندما عارضت الحركة دعم طهران للرئيس السوري، بشار الأسد، وأخيراً أصدرت الحركة بياناً تدعم فيه الحرب السعودية ضد الحوثيين في اليمن".
ونقل التقرير عن العاني تأكيده أن "لقاء الملك سلمان مع مشعل تم بترتيب من دولة قطر التي حافظت على علاقات طيبة مع مختلف الأطراف، ما تسبب في خلافات بينها وجيرانها في الخليج، لكن الملك سلمان سعى لإصلاح ذلك الخلل لتحسين المعارضة ضد إيران".
اقرأ أيضاً: السعودية تطلق معتقلي "حماس" بعد زيارة مشعل
كذلك نقل التقرير عن المحلل السياسي المقرب من حماس، حمزة أبو شنب، قوله، إن "قادة الحركة لم يجروا أي لقاءات في السعودية منذ عام 2010، عندما سعت حماس لتهدئة مخاوف القادة السعوديين بشأن نقل الحركة أسلحة للحوثيين في اليمن، المدعومين من إيران". مضيفاً أن "حماس تحاول كسر العزلة المفروضة عليها منذ 2013".
ولفت إلى أن "الرياض لا تدعم المقاومة المسلحة، إلا أن القادة السعوديين يجلسون الآن ويتحدثون مع حماس، وهذا يؤكد إمكانية عودة الحركة لوجودها القوي في المنطقة".
وقد يكون للملك سلمان أجندة أكثر تعقيداً، بحسب الصحيفة، خصوصاً في ظل صعود تنظيم "داعش" كتهديد إقليمي آخر". مشيرة إلى أن "التنظيم بدأ يحظى بنفوذ متزايد داخل غزة، مما يهدد بتقويض حكومة حماس التي يرى بعض منظري "داعش" أنها عميلة بسبب اتفاقها على وقف إطلاق النار مع إسرائيل".
وبحسب التقرير فإن "داعش" يشكل خطراً أكبر وأكثر وضوحاً على المملكة من حماس، لذا فإن الرياض قد تسعى إلى دعم حماس ضد غيرها من المتشددين الإسلاميين. كما أن إسرائيل قد تفضل تحقيق الاستقرار في غزة لردع المتشددين الأكثر خطورة من توسيع نفوذهم".
لكن المسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، أبدى عدم تأثره بأنباء لقاء مكة، قائلاً "ليس لدي أي مؤشر على احتمال انفصال حماس عن إيران".
وتساءل غولد "عمّا إذا كانت الحركة شريكاً دبلوماسياً محتملاً أم، ببساطة، جزءاً من العالم الجهادي مثل داعش". مشيراً إلى "تعاون حماس مع الجماعات التابعة لتنظيم داعش في سيناء، للحصول على الإمدادات العسكرية والتدريب".
اقرأ أيضاً: حقبة جديدة بين السعودية و"حماس"