قلق مغربي من زيارات مصرية إلى مخيمات "جبهة البوليساريو"

29 أكتوبر 2014
تكرّرت الزيارات المصرية إلى تندوف (دومينيك فاجيه/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت الحكومة المصرية، منذ وصول المشير عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم، التودد إلى "جبهة البوليساريو"، التنظيم الذي يدعو إلى استقلال أقاليم الصحراء عن المغرب، وذلك عن طريق إرسال وفود إعلامية وثقافية إلى مخيمات "تندوف"، جنوب الجزائر.

ونشرت وسائل إعلام "جبهة البوليساريو" أخيراً أخباراً عن زيارة وفد مصري يقوده وكيل وزارة الثقافة المصري، دامت ثلاثة أيام لمخيمات "تندوف"، بين 24 أكتوبر/تشرين الأول الحالي و26 منه، ولقائه بزعيم الجبهة، محمد عبد العزيز، معتبرة أنها الزيارة الأولى من نوعها لوفد مصري رفيع لمخيمات الصحراويين.

وذكرت "البوليساريو"، أن "الوفد المصري زار عدداً من المؤسسات، منها المتحف الوطني للمقاومة، ومؤسسة الهلال الأحمر الصحراوي، وجمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين، واللجنة الصحراوية للاستفتاء، فضلاً عن زيارة وزارتي الثقافة والإعلام".

وخشية اتخاذ الرباط لردة فعل سلبية إزاء زيارة الوفد المصري لـ"البوليساريو"، سارعت مصر عبر سفارتها بالرباط إلى نفي وجود أي مسؤول مصري في مخيمات "تندوف". واعتبرت أن "الزيارات التي يجريها أفراد مصريون إلى تندوف لا تتعلق بالدولة المصرية".

وأكدت سفارة مصر في الرباط أن "ما يصدر من مواقف بشأن شخصيات تزور المخيمات لا تعكس بأي حال من الأحوال، الموقف الرسمي المصري من قضية الصحراء، التي لا تزال داعمةً فيها للجهود المبذُولة من قبل الأمم المتحدة".

وقبل زيارة الوفد المصري الأخير، كان إعلاميون مصريون قد قاموا بزيارة مخيمات "تندوف" في شهر يونيو/حزيران الماضي، التقوا فيها بمسؤولين في الجبهة، وأعقبتها حوارات صحافية مع زعيم "البوليساريو"، نشرت في كبريات الصحف والمجلات المصرية.

وكان الملك المغربي محمد السادس، قد غاب عن حفل تنصيب السيسي رئيساً جديداً لمصر في 8 يونيو/حزيران الماضي، فيما بعث بوزير خارجيته، صلاح الدين مزوار، ليمثله في ذات الحفل، وهو ما اعتبره مراقبون بأن الرباط، وإن ساندت حكم السيسي، فقد ظلت على مسافة معينة مما يجري بمصر.

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مراكش، ومدير "مجموعة الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات" إدريس لكريني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "التقارب بين مصر في عهد السيسي وجبهة البوليساريو يمكن قراءته من زاويتين، الأولى من زاوية تحكّم الاعتبارات الدولية والإقليمية فيه، وثانيهما تحكّم المعطيات الاقتصادية والاجتماعية". وبالنسبة للمحدد الأول، يؤكد لكريني أن "التغيّر الحاصل في السياسة الخارجية المصرية، يعكس ارتباكاً واضحاً في التعاطي مع مختلف القضايا والمشكلات الإقليمية والدولية".

وأفاد لكريني أن "السياسة الخارجية المصرية ترغب في العودة الفاعلة إلى المحيط الدولي والإقليمي، بعد الانتقادات الدولية لمسار التحوّل في مصر في أعقاب إسقاط نظام مرسي، وما تلاه من تراجع كبير لها كفاعل في النظام الإقليمي العربي". وأكد أن "هذا التوجه ينمّ عن قصور وغياب استراتيجية واضحة في هذا الصدد، ذلك أن مداخله يمكن أن تزيد من عزلة النظام المصري إقليمياً ودولياً".

ويتابع "أما المحدد الثاني، فتتحكم فيه معطيات اقتصادية واجتماعية؛ ذلك أن النظام المصري ولاعتبارات اقتصادية صرفة، يسعى إلى تعزيز علاقاته مع النظام الجزائري بعد شبه قطيعة امتدت لسنوات عدة، نتيجة لتداعيات مباراة مصر والجزائر، التي جرت في مدينة أم درمان السودانية في عام 2010".

وأضاف أن "هذا السعي يجد مبرراته في الرغبة في الاستفادة من الدعم المالي والاقتصادي الجزائري لمصر، التي تعيش على إيقاع أزمات اجتماعية صعبة، بسبب تراجع مداخيل السياحة وضعف الاستثمارات الأجنبية، بسبب ارتباك الأوضاع السياسية والأمنية".

ولفت إلى أن "هناك عامل مشترك أيضاً يتمثل في حضور المؤسسة العسكرية داخل السلطة في البلدين، بما يوفر عنصراً داعماً لهذا التقارب، مع وجود ارتباكات أمنية في ليبيا تدعم هذا التوجه والتنسيق بين الطرفين".
واعتبر لكريني أن "التوجه الجديد للسياسة الخارجية المصرية لايزال محدوداً في هذا الصدد، ولن يصل إلى مستوى الاعتراف بجبهة البوليساريو، بالنظر للعلاقات الحيوية التي تجمع المغرب بمصر، وهو ما يفرض تحركاً ديناميكياً للدبلوماسية المغربية في هذا السياق".

المساهمون