نتنياهو يقايض دعم السلطة الفلسطينية باعتراف أميركي بشرعية المستوطنات

نتنياهو يقايض دعم السلطة الفلسطينية باعتراف أميركي بشرعية المستوطنات

24 نوفمبر 2015
في أثناء لقاء كيري ـ نتنياهو أمس الثلاثاء (Getty)
+ الخط -
جاء تأكيد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، تبنّيه الكامل والمطلق للموقف الإسرائيلي والانحياز التام لسياسة الاحتلال، وخصوصاً الإعدامات الميدانية، عبر وصفه عمليات المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، التي تتم بالسلاح الأبيض، بأنّها جزء من العمليات الإرهابية، بمثابة محاولة أميركية إضافية لمضاعفة الضغوط على السلطة الفلسطينية لإرغامها على مزيد من التعاون، وتحذيرها مسبقاً من خطوات باتجاه وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي.

لكن اللافت في توقيت زيارة كيري إلى الأراضي الفلسطينية، أمس الثلاثاء، كان ما كشفته صحيفة "هآرتس"، في اليوم ذاته، عن أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو يطالب بمقايضة الطلب الأميركي بتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية وتقويتها، باعتراف أميركي بشرعية البناء الإسرائيلي في التجمعات الاستيطانية، في ما بدا وكأنّه ابتزاز آخر جرعة ممكنة من الامتيازات والانحياز لموقف حكومة نتنياهو من إدارة الرئيس باراك أوباما. ويشكل هذا الطلب الإسرائيلي تطوراً لافتاً، وخصوصاً في ظلّ الموقف التقليدي المعلن أميركياً، بعدم الاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

ونقلت "هآرتس" عن موظف وصفته بأنّه "رفيع المستوى"، أنّ الطلب الإسرائيلي، طُرح للمرة الأولى عملياً، خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، عندما عرضه على كيري خلال لقائهما الأخير قبل أسبوعين، إذ أعلن نتنياهو أنّ حكومته "ستكون على استعداد لتقديم تسهيلات للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، مقابل اعتراف أميركي واضح بشرعية البناء في التجمعات الاستيطانية"، التي تفترض إسرائيل أنّها ستبقى تحت سيطرتها وسيادتها في أي اتفاق مستقبلي مع الجانب الفلسطيني.

وتشكّل هذه المقايضة تصعيداً في التعنُّت الإسرائيلي، ومحاولات نتنياهو الحصول على ضوء أخضر لمواصلة سياسة البناء في التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية، وبالتالي إحباط أي شرط فلسطيني مسبق لأي مفاوضات مقبلة، ينصّ على وقف البناء في المستوطنات.

وكان نتنياهو، بحسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية، قد ادعى أنّ اعترافاً أميركياً بشرعية البناء في المستوطنات، سيكون له أثر كبير في قدرته على تمرير جملة من الخطوات المهمة لتسهيل ظروف حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إلّا أن مراسل الصحيفة ذاتها قال إنّ الإدارة الأميركية لم تتلقّ أجوبة واضحة من طرف نتنياهو حول حقيقة هذه الخطوات التي يعِد بها، ولا حتى خلال اللقاءات التي عقدها الموفد الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، فرانك ليفنشتاين، مع الموفد الخاص لنتنياهو، المحامي يتسحاق مولخو. ورفض وفد نتنياهو توضيح طبيعة الخطوات التي يتحدث عنها رئيس الحكومة نتنياهو. كما رفض الأخير أن يحدد الكتل الاستيطانية التي يتعهّد بعدم البناء خارج مناطق نفوذها، بل يصرّ على الموقف ذاته الذي يحمله منذ العام 2009.

اقرأ أيضاً: كيري يتبنى الموقف الإسرائيلي ويصف المقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب"

ويبدو أن نتنياهو يسعى لتحصين موقفه في البناء في المستوطنات، ليس فقط لاستباق أي شرط فلسطيني لمفاوضات مستقبلية، وإنّما أيضاً لتأمين ضمانة من إدارة أوباما، تبقى سارية المفعول كالتزام أميركي رسمي، على غرار رسالة الضمانات التي وجهها الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش، لرئيس الحكومة الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون. وكان بوش قد أوضح في رسالته، التي وجهها لشارون، أنّ ترسيم الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية سيأخذ بعين الاعتبار "التغييرات على الأرض ووجود كتل استيطانية". وتبع هذه الرسالة، توصُّل شارون وإدارة بوش إلى تفاهمات سرية بشأن المستوطنات، التي ادعت إسرائيل أنّها تضمنت اعترافاً أميركياً بالبناء الإسرائيلي داخل الكتل الاستيطانية لسد الحاجة الناجمة عن "التكاثر الطبيعي"، انطلاقاً من حقيقة أنّ هذه الكتل ستبقى على أي حال تحت السيادة الإسرائيلية.

وأشار تقرير نشر، قبل سنوات، في هذا السياق، على موقع لحركة "السلام" الإسرائيلية، "سلام الآن"، بشأن مستوطنات "غوش عتصيون"، إلى أنّ تفاهمات وزير مكتب رئيس الوزراء شيمون بيريز في تلك الفترة، يوسي بيلين، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومبادرة جنيف عام 1995، لم تنف خيار بقاء كتلة "غوش عتصيون" جنوبي القدس بين بيت لحم والخليل، تحت السيادة الإسرائيلية.

وعلى الرغم من أنّ التقرير في صحيفة "هآرتس"، أشار إلى أن كيري وطاقم الخارجية الأميركي أصيبوا بخيبة أمل جراء موقف نتنياهو وطلبه المذكور، إلّا أنّ هذا لم يمنع كيري من الإدلاء بالتصريحات المؤيدة كلياً للموقف الإسرائيلي، كما تجلّت في انحياز كيري إلى موقف إسرائيل عبر وصفه عمليات المقاومة الفلسطينية بأنها جزء من العمليات الإرهابية، التي لا يجب أن يتعايش معها أي شعب في أي مكان، من دون أي إشارة لعمليات الإعدام التي يقوم بها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلتَين.

وكان لافتاً أنّ كيري أضاف بشكل مقصود حادثة إعدام فتاة فلسطينية في القدس، أمس الأوّل الإثنين، كانت مع ابنة خالتها، بادعاء أنها حاولت تنفيذ عملية طعن بواسطة مقص، فيما أظهر شريط فيديو نشر، في الوقت عينه، في مواقع مختلفة، أنّ الفتاة لم تشكّل خطراً على أحد، وأنه تم إطلاق النار عليها بشكل مباشر ومن مسافة أمتار معدودة بهدف القتل.

اقرأ أيضاً: نتنياهو سيطالب كيري بالاعتراف بشرعية البناء في الكتل الاستيطانية

المساهمون