تقدّم قوات "سورية الديمقراطية"... تمهيد للتوغل في معقل "داعش"؟

تقدّم قوات "سورية الديمقراطية"... تمهيد للتوغل في معقل "داعش"؟

28 ديسمبر 2015
أغلب فصائل المعارضة رفضت التعاون مع "سورية الديمقراطية"(جون مور/Getty)
+ الخط -
 


أثار حسم قوات "سورية الديمقراطية"، والتي تضم فصائل كردية وعربية وتركمانية، سريعاً معركة انتزاع السيطرة على سد تشرين، من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تساؤلات كثيرة حول الدعم الذي تتلقاه هذه القوات، وسط اتهامات لها بالتنسيق مع النظام السوري. فهذه القوات تحظى بدعم أميركي وروسي لقتال تنظيم "داعش"، وهو ما يرى بعض المراقبين أنه يأتي في إطار التحوّلات التي تشهدها المنطقة عبر توجيه المعركة ضد "داعش" مع خفوت الأصوات الغربية المطالبة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، إضافة إلى الخلافات الكردية-الكردية التي بدأت تظهر في العراق وسورية.

ويبدو أن التحالف الدولي اختار "سورية الديمقراطية" لتكون "مخلب القط" في الحرب ضد تنظيم "داعش"، وقام بتقديم دعم عسكري كبير لها، ووفّر لها غطاءً جوياً، مكّناها من التقدّم على حساب التنظيم في شرق وشمال سورية، بعد أن رفض أغلب فصائل المعارضة السورية الانخراط بحرب ضد تنظيم "داعش" قبل حسم معركتها الأساسية، وهي إسقاط النظام، معتبرة أن التنظيم نتيجة للحرب المفتوحة التي يشنّها النظام على السوريين، وسقوط هذا النظام وتداعيه سواء بحل سياسي أو بحسم عسكري يسهّل كثيراً مهمة اجتثاث التنظيم من الجغرافيا السورية كون سياساته المتشددة حرمته من حواضن اجتماعية.

وكان من المتوقع أن يستميت "داعش" في الدفاع عن سد تشرين، إذ كان من معاقله المهمة على نهر الفرات، حيث يضم أكبر معتقلاته، إلا أن غبار المعارك انجلى بأسرع من توقعات المراقبين، فبات بمقدور "سورية الديمقراطية" الانتقال من شرق الفرات إلى غربه، والبدء في معارك أخرى تقلص من المساحة التي يسيطر عليها التنظيم في شمال شرق سورية.

ويرى المحلل العسكري بسام حاج مصطفى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وزارة الدفاع الروسية اكتشفت أن قوات النظام السوري غير قادرة على تحقيق تقدّم بري، لهذا تقوم بدعم قوات "سورية الديمقراطية"، والتي تُشكّل الوحدات الكردية المنظّمة عمودها الفقري"، مشيراً إلى أن هذه القوات متحالفة مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتنسّق مع وزارة الدفاع الروسية وقوات النظام، لقاء مكاسب على الأرض وذخيرة ومال.

وكانت أغلب فصائل المعارضة السورية رفضت التعاون مع "سورية الديمقراطية"، بل إن بعضها خاض معارك ضد هذه القوات في ريف حلب الشمالي أخيراً. واعتبر مؤسس الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد هذه القوات "أدوات وبيادق بيد قوى خارجية غير واضحة المعالم".

ويعتقد أغلب المراقبين أن الحسم السريع لمعركة السيطرة على سد تشرين الاستراتيجي، فتح الباب أمام معارك أخرى في إطار استعادة ريف حلب الشرقي من تنظيم "داعش"، إذ بات الطريق مفتوحاً أمام "سورية الديمقراطية" للتحرّك إلى عدة اتجاهات، لعل أبرزها مدينة منبج، وهي أكبر مدن الريف الحلبي. ولكن حاج مصطفى يرى أن "المعركة المقبلة التي من المرتقب أن تخوضها قوات "سورية الديمقراطية"، هي لانتزاع السيطرة على مدينة جرابلس الحدودية لتأمين الجهة اليمنى للقوات التي ستهاجم مدينة منبج".

ويتوقّع حاج مصطفى، أن تكون معارك انتزاع السيطرة على ريف حلب الشرقي "سهلة ولكن مكلفة بالأرواح"، معرباً عن اعتقاده بأن "داعش" بدأ مرحلة الانحسار في سورية، حيث سيضطر للانكفاء إلى الشرق للدفاع عن مواقعه في العراق وخصوصاً مكاسبه النفطية. ويرى أن "الإعلام بالغ كثيراً في إظهار قوة التنظيم في ريف حلب، إذ كشفت المعارك الاخيرة أنه هش ومن السهل هزيمته، وخصوصاً في ظل الغطاء الجوي من طيران التحالف"، وفق حاج مصطفى.

اقرأ أيضاً: "قوات سورية الديمقراطية" تسيطر على سدّ تشرين شرق حلب

من جهته، يرى المحلل العسكري العميد أحمد رحال، ألا أهمية عسكرية استراتيجية لسد تشرين عدا كونه ممر إمداد بين ضفتي نهر الفرات، معرباً عن اعتقاده بأن ما جرى هو "عملية تسليم للسد والمنطقة المحيطة به لا أكثر"، مضيفاً: "لم نرَ شريط فيديو واحداً للمعارك التي يقولون إنها دارت من أجل السيطرة على السد". ويتساءل رحال، في حديث لـ"العربي الجديد": "لماذا يستميت داعش حول مدينة مارع في ريف حلب، حيث قتل أكثر من 200 مقاتل من فصائل المعارضة السورية دفاعاً عنها، في حين ينسحب بسهولة أمام قوات النظام، والفصائل المتحالفة معها كقوات سورية الديمقراطية؟".

ويرجّح رحال أن تحاول قوات "سورية الديمقراطية" التوغّل أكثر باتجاه مدينة الرقة معقل التنظيم الأبرز في سورية، تحت غطاء جوي كثيف من طيران التحالف والطيران الروسي، مستبعداً أن تحاول هذه القوات فتح معارك كبرى في ريف حلب، كمحاولة انتزاع السيطرة على مدينتي جرابلس ومنبج، "فهذه القوات تنفذ تعليمات التحالف الدولي لا أكثر ولا أقل"، وفق رحال.

وكان "داعش" قد انتزع السيطرة على سد تشرين من قوات المعارضة السورية في ربيع عام 2014 إثر معارك شرسة دارت في محيط هذا السد الذي يقع إلى الشرق من مدينة حلب بنحو 115 كيلومتراً وإلى الشرق من مدينة منبج الواقعة تحت سيطرة التنظيم بنحو 15 كيلومتراً، ولا تبعد هذه المنشأة المائية المهمة في شمال سورية عن الحدود التركية سوى 80 كيلومتراً.

ويُعدّ سد تشرين ثاني أهم المنشآت المائية في سورية بعد سد الفرات في مدينة الطبقة شرق سورية. ويوضح الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي مرشد نايف، أن سد تشرين الذي أطلق في عام 1985 بعد عدة سنوات من العمل، كلّف بناؤه 22 مليار ليرة سورية (ما يعادل 400 مليون دولار في ذلك الحين) ويكتسب أهميته الاستراتيجية من كونه مقاماً على بحيرة يُقدّر حجم تخزينها للمياه بنحو 2,2 مليار متر مكعب. ويشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "السد الذي يبلغ طوله نحو كيلومتر واحد، أُقيم لتوليد الطاقة الكهربائية، ويستطيع إنتاج 600 ميغاواط يومياً".

يُذكر أن قوات "سورية الديمقراطية" تم الإعلان عن تشكيلها في 12 أكتوبر/تشرين الأول، وضمت خليطاً من الفصائل، أبرزها "وحدات حماية الشعب" الكردية، و"غرفة عمليات بركان الفرات"، و"المجلس العسكري السرياني المسيحي"، وهي مدعومة بشكل مباشر من التحالف الدولي، ومن الطيران الروسي، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول المهمة الأساسية لهذه القوات، إذ يرى مراقبون أنها تُعدّ ذراعاً أخرى لقوات النظام السوري كونها تضم فصائل متحالفة علناً وسراً مع الأخيرة، منها "وحدات حماية الشعب"، و"مليشيا الصناديد" التي يتزعمها الشيخ القبلي حميدي دهام الهادي والمتحالف مع حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي".

اقرأ أيضاً: التوتّر العربي ـ الكردي يُهدّد خطط التحالف الدولي بسورية