سورية: قوات المعارضة تتقدّم في داريا

27 مارس 2015
ردّت قوات النظام بالبراميل المتفجرة (حسام عياش/فرانس برس)
+ الخط -
تمكنت المعارضة السورية المسلّحة من استعادة السيطرة على مبنى مقام "السيدة سكينة"، أحد أهم المباني المُتنازَع عليها على الجبهة الشمالية لمدينة داريا، في غوطة دمشق الغربية. وتلقّت قوات النظام السوري بذلك، هزيمة كبيرة وغير مسبوقة في المدينة، إذ كانت قوات النظام متمركزة في المبنى، الذي وصلت إليه قوات من تنظيم "أبو الفضل العباس" العراقي ومن "حزب الله" اللبناني للقتال فيه، بسبب أهميته العقائدية، رغم أن تاريخ بنائه لا يتجاوز العشر سنوات. مع العلم أن السفارة الإيرانية في دمشق، موّلت تشييد المقام في العام 2007، ليكون محجّاً للزوّار الإيرانيين والعراقيين، ويقع المقام على خط الاشتباك بين قوات المعارضة وقوات النظام منذ نحو سنتين. 

وكانت قوات "الجيش السوري الحر"، المسيطرة على داريا، شنّت هجوماً كبيراً ضد قوات النظام السوري، مساء يوم الأربعاء، شمال المدينة، وتمكنت من السيطرة على المبنى، الذي تعرّض لأضرار كبيرة بسبب تفجير قوات النظام لشحنة متفجرات كبيرة فيه بعد انسحابها منه، كما ألقت مروحيات النظام براميل متفجرة على المبنى بعد سيطرة "الحر" عليه.

وأوضح الناشط عمر الديراني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الجيش الحر تمكنت من مباغتة قوات النظام، وهاجمتها من محاور عدة بشكل متزامن، ما أفقدها القدرة على المناورة، ففقدت زمام المبادرة على جبهات القتال". وتابع: "مكّن ذلك قوات الحر من فرض حصار كامل على قوات النظام، التي تتمركز في مقام سكينة، لتضطر في ساعات الليل المتأخرة إلى الانسحاب من المبنى، عبر شبكة أنفاق حفرتها في وقت سابق".

اقرأ أيضاً: النظام السوري يتهاوى في إدلب

وكان ردّ قوات النظام على التقدم الكبير لقوات المعارضة عنيفاً، إذ ألقت مروحيات النظام عشرة براميل متفجرة على أحياء عدة في وسط داريا وشمالها، التي تسيطر عليها كتائب الجيش الحر، ما أدى إلى وقوع الكثير من الأضرار في المباني السكنية وفي البنى التحتية في المدينة".

ولم يقتصر رد قوات النظام على البراميل المتفجرة، بل ألقت مروحية تابعة للنظام قنبلة محملة بغازٍ سامٍ على الأحياء الشمالية من داريا، ما أدى إلى إصابة ثلاثة من عناصر قوات المعارضة بحالات اختناق، نُقلوا على أثرها إلى المستشفى الميداني في المدينة.

ويرى الناشط الإعلامي كرم الشامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عملية السيطرة على المقام تعود بفائدة معنوية على المعارضة أكثر من كونها عسكرية، خصوصاً أن مسلّحي حزب الله وأبو الفضل العباس يستميتون منذ نحو عامين للسيطرة بشكل كامل عليه". ولفت إلى أن "تفجير قوات النظام للمقام بعد الانسحاب منه، ما هو إلّا نهاية لقصة المقام، التي مكّنت قوات النظام من جلب مئات من المقاتلين الأجانب إلى سورية للدفاع عنه، قبل سقوط العشرات منهم في المعارك".

وتحظى داريا بأهمية استراتيجيّة خاصة، إذ تبعد أقلّ من سبعة كيلومترات عن القصر الجمهوري، حيث يقيم الرئيس السوري بشار الأسد، وكيلومترين فقط عن مبنى رئاسة مجلس الوزراء، الواقع في حي كفرسوسة، جنوب غربي العاصمة دمشق.

كما يقع مطار المزّة العسكري، أحد أهم المطارات العسكريّة في سورية، على التخوم الشماليّة للمدينة مباشرة، وتُشرف مقرّات الفرقة الرابعة، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، على المدينة، في وقت تُشرف فيه المدينة من الجهة الجنوبية على أوتوستراد دمشق ـ درعا، الذي تستخدمه قوات النظام السوري كخط إمداد رئيسي لها.

وتُعتبر مدينة داريا من أوائل المدن التي خرجت فيها التظاهرات المناهضة للنظام السوري منذ أكثر من أربع سنوات. وتعرّضت إثر ذلك لعمليات اقتحام متكررة من قوات النظام، قبل تشكيل كتائب المعارضة التي أخذت على عاتقها مهمة منع قوات النظام من الدخول إلى المدينة. وتُعدّ جبهة داريا من أعقد وأسخن جبهات القتال، وتحاصر قوات النظام المدينة منذ نحو عامين ونصف، ويوثّق المجلس المحلي في داريا اعتقال قوات النظام حتّى الآن، أكثر من أربعة آلاف من أبناء المدينة، توفي خمسون منهم على الأقل في سجون النظام السوري.

إقرأ أيضاً: معركة بصرى الشام: انتصار للمعارضة السورية على إيران