العلاقة المصرية الروسية: عسكر واستخبارات وعبد الناصر

العلاقة المصرية الروسية: عسكر واستخبارات وعبد الناصر

06 مارس 2015
اتخذت العلاقة بين البلدين بعداً أمنياً (سيفا كاراسان/الأناضول)
+ الخط -
بات واضحاً أن روسيا ومصر تسيران نحو تعميق تعاونهما الأمني والعسكري، الذي يراه نظاما البلدين "مصيرياً" في مواجهة تهديدات الإرهاب، فضلاً عن محاولة جني مكاسب اقتصادية على هامشه في سياق التنسيق بينهما، من أجل تكريس دور فاعل في إدارة قضايا منطقة الشرق الأوسط، بما فيها التأثير في مجريات ثورات الربيع العربي.

وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية جديدة، بعد بدء عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ظهرت أولى تجليّاتها، بعيداً عن زيارات الرئيسين المتبادلة، في زيارة وزير الدفاع والصناعة العسكرية المصري صدقي صبحي إلى موسكو، التي بدأت السبت 28 فبراير/شباط الماضي، وانتهت أمس الخميس، التقى خلالها نظيره الروسي سيرغي شويغو مرتين.

ونقلت وكالة "تاس" عن شويغو قوله في 3 مارس/آذار، في اللقاء الأول مع صبحي، أنه "سيكون عليهم تحليل ما تمكنوا من إنجازه العام الماضي من أجل تطوير العلاقات في المجال العسكري". وأفاد المكتب الصحافي بوزارة الدفاع الروسية بأن "الجانبين، الروسي والمصري اتفقا على المشاركة، على حضور عسكريين مصريين لمراقبة المناورات العسكرية التي ستُجرى في روسيا. وكذلك القيام، خلال العام الجاري، بمناورات مشتركة لقوات البلدين البحرية في مياه البحر الأبيض المتوسط، مع مناورات مكافحة الإرهاب لقوات التدخل السريع". وأضاف المكتب أن "شويغو عرض على زميله المصري مشاركة الجيش المصري في الألعاب الدولية العسكرية، وفي منتدى الجيش 2015، وهما نشاطان سيُقامان في روسيا، العام الحالي".

وعُقد اللقاء الثاني بين الوزيرين، في اليوم التالي، في إطار الجلسة الأولى لـ"اللجنة الثنائية الروسية المصرية للتعاون العسكري التقني"، تم التوقيع فيها على ثلاث وثائق حول التعاون العسكري والعسكري التقني بين البلدين، وهي: بروتوكول للتعاون العسكري، ووثيقة عن وضع اللجنة الروسية المصرية المشتركة للتعاون العسكري التقني، وبروتوكول عن الاجتماع الأول لهذه اللجنة.

اقرأ أيضاً: من بوتين إلى السيسي

وقبل بدء مراسم التوقيع قدّم شويغو هدية لضيفه المصري هي عبارة عن نسخة من عدد صحيفة "برافدا"، الصادر في 14 مايو/أيار 1964، الذي نُشر فيه قرار هيئة رئاسة مجلس السوفييت الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية، والقاضي بمنح الرئيس المصري جمال عبد الناصر لقب "بطل الاتحاد السوفييتي"، وتقليده "وسام لينين" وميدالية "النجمة الذهبية".

وقد قام الرئيس السوفييتي في حينه نيكيتا خروتشيف، آنذاك بتقليد عبد الناصر الوسام وتسليمه الميدالية. لكن حقبة عبد الناصر سرعان ما انتهت في عهد خَلَفه أنور السادات، الذي قطع العلاقات مع الاتحاد السوفييتي، لتبقى علاقات القاهرة بموسكو، حتى عهد قريب، خارج إطار المقارنة مع علاقاتها بواشنطن.

فلم يتم تفعيل التعاون الروسي المصري العسكري، بشكل جدّي عملياً، قبل شتاء 2013 ـ 2014، حين وقّع البلدان عقداً كبيراً لتزويد مصر بالسلاح الروسي. مع العلم بأن قيمة الصفقة الحقيقية بقيت مجهولة، على الرغم من حديث الصحافة الروسية عن مبلغ 3.5 مليارات دولار.

وفي السياق، أشار نائب مدير مركز "تحليل الاستراتيجيات والتقنيات"، قسطنطين ماكيينكو، على موقع "لينتا.رو" الروسي الشهير، إلى أن "مصر تسعى في إطار هذه الصفقة، إلى اقتناء منظومات دفاع جوي وتكنولوجيات عسكرية متطورة. كما جرى الحديث عن اهتمام الجانب المصري بطائرات ميغ ـ 29 إم/إم2". إلا أنّ أي معلومات دقيقة لم تُنشر حول الأمر. يُذكر بأن الحديث عن شراء مصر أنواع مختلفة من الأسلحة الروسية، أعقب إعلان الولايات المتحدة إيقافها المساعدات العسكرية لمصر، بعد إطاحة العسكر بقيادة السيسي بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي صيف 2013.

ولا يقتصر التعاون بين موسكو والقاهرة على الجانب العسكري فقط، بل يتعدّاه إلى تعاون أمني وثيق، بعد إعلان وكالة "ريا نوفوستي"، عن وصول سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، يوم الأحد، إلى العاصمة المصرية برفقة وفد حكومي روسي رفيع المستوى. وأفادت الوكالة بأن "برنامج الزيارة يشمل لقاءه السيسي"، الأمر الذي أكدته صحيفة "الأهرام" المصرية.

ويشار هنا إلى أن الوفد الروسي ضمّ، إلى جانب الموظفين الكبار في جهاز الأمن القومي الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، مع ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والعدل الروسية. وكانت مصادر الرئاسة المصرية قد ركّزت على أن الجانبين سيبحثان في قضايا مكافحة الإرهاب، على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي السياق، قال نائب المدير العام لمؤسسة تصدير السلاح الروسية، "روس أوبورون إيكسبورت"، سيرغي غوريسلافسكي، على هواء إذاعة "صدى موسكو"، إن "مصر والعراق كانا في حينه شريكين تقليديين كبيرين لروسيا (الاتحاد السوفييتي سابقاً) في مجال التعاون العسكري التقني. ولكن نتيجة أحداث معروفة تراجع حجم التعاون. والآن، تجري مشاورات تزرع الأمل والثقة بإمكانية استعادة تعاوننا معهما".

مع العلم أن مدير مركز "تحليل الاستراتيجيات والتقانات"، رسلان بوخوف، كشف عن أن "تعاون روسيا العسكري التقني مع كثير من البلدان، كان يتمّ بمعزل عن التعاون السياسي". وأضاف "لقد حاولنا بيع السلاح مؤكدين أنه مجرد عمل، إلا أن لتجارة الأسلحة والمعدات العسكرية ارتباطاً سياسياً كبيراً إلى جانب المكاسب المادية، ومحاولة فصل أحد الجانبين عن الآخر غالباً ما يؤدي إلى الفشل". وتابع بوخوف في مقالٍ له في صحيفة "موسكوفسكي كومسموليتس"، أنه "تم إخراجنا من عدد من البلدان لأننا لم ندخل إلى هناك بهذه الصورة. ومع تسلّم سيرغي شويغو منصبه وزيراً للدفاع انتهى هذا الوضع".

اقرأ أيضاً: بوتين في القاهرة: شرطي لكل صورة