كيف ينعكس الإعلان الأميركي بشأن الجولان على "صفقة القرن"؟

24 مارس 2019
قرار ترامب أفضى لمزيد من التطرف على المواقف الإسرائيلية(Getty)
+ الخط -

 

ينتظر أن ينعكس إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن نيته الاعتراف بـ"سيادة إسرائيل" على الجولان السوري المحتل على أنماط تعاطي كل من إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية والمجتمع الدولي مع خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن".

فبالنسبة للكثير من الأوساط الإسرائيلية، دلل القرار الأميركي بشأن الجولان، على أن التماهي مع مواقف اليمين الإسرائيلي يعد الإطار المرجعي الذي يوجه سياسات ترامب إزاء المنطقة. ولعل أوضح مثال على تكريس هذا الانطباع حقيقة أن قرار ترامب قد أجج شهية نخب اليمين الحاكم، التي باتت تحدد السقف السياسي لـ "صفقة القرن".

وفي نظر بتسلالس سمورتيتش، نائب رئيس البرلمان الإسرائيلي والقيادي في حزب "البيت اليهودي" المشارك في الائتلاف الحاكم، فإن القرار الذي يتوجب على ترامب اتخاذه بعد الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل والقدس المحتلة يتمثل في الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على كل الضفة الغربية المحتلة.

ومن الواضح أن الموقف الذي عبر عنه سمورتيتش، الذي من المتوقع أن يتولى منصبا وزاريا مهما في الحكومة الإسرائيلية التي ستشكل بعد الانتخابات، في حال فاز نتنياهو، يهدف إلى رسم خطوط إسرائيلية حمراء يتوجب على "صفقة القرن" مراعاتها وعدم تجاوزها.

ومن الواضح أيضاً أن قرار ترامب أفضى إلى حدوث مزيد من التطرف على المواقف الإسرائيلية إزاء صيغ حل الصراع مع الفلسطينيين. فقد كان أقصى ما يطالب به اليمين الديني المتطرف قبل إعلان ترامب بشأن الجولان هو الاعتراف الأميركي بضم إسرائيل مناطق "ج"، التي تشكل حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية، في حين أن القرار الأخير دفع قيادات اليمين للمطالبة بموقف أميركي مؤيد لضم كل الضفة الغربية.

ويبدو أن ما عزز ثقة نخب اليمين الحاكم في تل أبيب بنفسها وزاد من سقف توقعاتها مما يمكن أن يعرضه ترامب في "صفقة القرن" حقيقة أنها باتت تعي تماما أن الانتصار في الانتخابات الرئاسية في 2020 يعد أهم الاعتبارات التي تملي على الرئيس الأميركي سلوكه إزاء إسرائيل والصراع بينها وكل من الفلسطينيين والعرب.

ونظرا لأن فرص ترامب بالفوز بمنصب الرئاسة مجددا تتوقف على مدى قدرته على الحفاظ على قاعدته الانتخابية التي يمثل المسيحيون الإنجيليون، الذين يعدون الجمهور الأكثر دفاعا عن إسرائيل وأطروحات اليمين المتطرف فيها نواتها الصلبة، فإن الانطباع العام في تل أبيب أن ترامب سيصمم الخطة لتكون مقبولة عند اليمين.

وإن كان ما تضمنه كتاب "كوشنر وشركاؤه: الجشع، الطموح، والفساد. قصة استثنائية عن جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب"، لمؤلفته فيكي وورد، الذي صدر أخيراً، في كل ما يتعلق ببنود "صفقة القرن" صحيحا، فإن قوى اليمين في إسرائيل ستضغط على البيت الأبيض للتراجع عن البند الذي يسمح بتشكيل "كيان فلسطيني" على مساحة ما من الضفة الغربية، على اعتبار أن هذه القوى معنية باحتكار السيطرة على كل الضفة الغربية.

من ناحية أخرى، فإن قرار ترامب بشأن الجولان المحتل يعزز موقف كل من السلطة والقوى الفلسطينية الرافض لـ"صفقة القرن"، على اعتبار أن هذا القرار أوضح مرامي سياسات ترامب إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

من هنا، فإن الرهان الأميركي على إمكانية حدوث تراجع على الموقف الفلسطيني بشأن التعاطي مع "صفقة القرن" بعد الانتخابات الإسرائيلية في غير مكانه، لا سيما أن القيادات الفلسطينية باتت تعي أن القرار بشأن الجولان المحتل، مثل دليلا إضافيا على أن ترامب يحاول إملاء ما فشلت حكومات اليمين التي تعاقبت على إدارة دفة الأمور في تل أبيب في تحقيقه.

وعلى صعيد المواقف الإقليمية، فإن قدرة ترامب على تجنيد نظم حكم عربية لمساعدته على إملاء "صفقة القرن" على الفلسطينيين ستكون متدنية جدا بعد قرار الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.

ومن الواضح أن نظم الحكم العربية ستجد صعوبة كبيرة في تبرير التعاون مع ترامب وفريقه في تمرير "صفقة القرن" بعد القرار بشأن الجولان أمام الرأي العام لديها. مع العلم أنه يتضح من كتاب فيكي وورد ومن سيل التسريبات حول الصفقة التي زخرت بها وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية، أن إدارة ترامب تراهن بشكل كبير على نظامي الحكم في كل من السعودية ومصر في تمرير هذه الصفقة.

في الوقت ذاته، فإن رد الفعل الأوروبي والروسي الرافض لنية ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل سيقلص فرص تعاون المجتمع الدولي مع "صفقة القرن"، على اعتبار أن كل الصيغ التي تم تسريبها بشأن هذه الصفقة تشير إلى أن الفلسطينيين مطالبون بالتنازل عن مساحات كبيرة من الضفة الغربية لكي يتم ضمها لإسرائيل.

 

المساهمون