مواجهة ورشة المنامة: ضغط فلسطيني لأوسع مقاطعة عربية ممكنة

14 يونيو 2019
من تظاهرة ضد ورشة المنامة في عمان، مايو 2019(Getty)
+ الخط -
بكثير من القلق وقليل من الثقة تترقب القيادة الفلسطينية اكتمال صدور مواقف الدول العربية بشأن المشاركة في ورشة المنامة الاقتصادية، المقررة في 25 و26 يونيو/حزيران الحالي، والمخصصة للترويج للشق الاقتصادي من خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن".

ويتعزز القلق في ظل عدم حسم عدة دول عربية موقفها من المشاركة، وعلى رأسها مصر والأردن والمغرب، على عكس إعلان العراق ولبنان عدم الحضور. علماً أن السعودية والإمارات كانتا قد رحبتا بالمؤتمر وستشاركان فيه إلى جانب البحرين التي تستضيف الورشة، على الرغم من أن القيادة الفلسطينية طالبت، طيلة الفترة الماضية، الدول العربية بمقاطعة الورشة. وفي موازاة ذلك، بدأت فصائل منظمة التحرير العمل على عقد مؤتمر معارض في بيروت كأول موقف رفض يتجاوز التصريحات الصحافية.

وحتى الآن لا تملك الرئاسة الفلسطينية معلومات نهائية عن الدول العربية التي ستشارك في ورشة "السلام من أجل الازدهار الاقتصادي" في البحرين، وتخشى من مفاجآت اللحظات الأخيرة. وتأتي أجواء عدم الثقة، تحديداً في ما يتعلق بمواقف القاهرة والرباط وعمّان، عقب إعلان مسؤول في البيت الأبيض أن مصر والأردن والمغرب أبلغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتزامها حضور الورشة، وعدم صدور تكذيب من عواصم الدول الثلاث. وانسحبت هذه الأجواء على تصريحات المسؤولين الفلسطينيين الذين يرفضون التعليق على هذا الأمر، لاعتبارات لها علاقة بالعلاقة التاريخية مع دول عدة، بينها الأردن الذي لديه ملفات فلسطينية سياسية مهمة مثل اللاجئين والمقدسات، فضلاً عن أن الأردن هو البوابة الوحيدة للضفة الغربية المحتلة على العالم، ولا أحد يريد أن يوتر علاقته مع عمان.  حتى أن تصريحات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد جاءت لتخفف من حدة المشاركة، إذ قال، لوسائل الإعلام مساء الثلاثاء الماضي، إن "مشاركة الأردن ومصر رمزية ليس أكثر". كما أن بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بعد اجتماع في رام الله أمس الخميس، لم يتطرق بالاسم إلى أي دولة عربية، بل طالب الدول العربية مجتمعة بمقاطعة المؤتمر.

ويقول مصدر سياسي رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد"، "نتعامل مع الأردن ومصر والمغرب بحذر كبير. لا نريد أي تصريحات سياسية توتر علاقتنا معهم، لا سيما أن لدى الأردن ومصر ملفات سياسية فلسطينية مهمة، مثل اللاجئين والمقدسات والمصالحة والعلاقة مع قطاع غزة وغيرها من الملفات". وأضاف "نكتفي حتى الآن بأن هذه الدول وغيرها من الدول العربية لم تعلن صراحة أنها مع صفقة القرن، وندرك حجم الضغوط التي تتعرض لها من أميركا". وبحسب مصادر أخرى تحدثت، مع "العربي الجديد"، فإن "عدم مشاركة الأردن ومصر، إن تحققت، ستكون بسبب خوفهما من وضعهما الداخلي وليس لأسباب فلسطينية". وأضافت المصادر "كل دولة منهما لديها أسبابها الداخلية لعدم المشاركة في مؤتمر يهدف لتصفية القضية الفلسطينية ومساومة اللاجئين بالمال". وحيال ما يتسرب من موافقة الأردن ومصر والمغرب على المشاركة في ورشة المنامة، خصوصاً بعد جولة مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، أكدت الحكومة الفلسطينية، في بيان، أول من أمس الأربعاء، أن "لديها إحاطة من الأردن ومصر والمغرب بأنهم لم يعلنوا قبولهم المشاركة في ورشة البحرين". وجاء هذا البيان بعد ساعات من تصريح للحكومة تعرب فيه عن "أسفها من إعلان مشاركة الدول المذكورة في الورشة". ويكشف عدم نشر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بيان الحكومة الفلسطينية، فجر الأربعاء، الذي أعرب عن أسفه لمشاركة الأردن ومصر والمغرب في الورشة الاقتصادية، عن وجود ارتباك داخل السلطة، التي قررت نشر بيان صدر بعد ساعات من اجتماع المتحدث باسم الحكومة إبراهيم يوسف مع السفير الأردني في فلسطين محمد أبو وندي، يشير إلى أن هذه الدول لم تعلن قبولها المشاركة في الورشة.



أما مؤتمر بيروت الذي تسعى فصائل فلسطينية لعقده رداً على "صفقة القرن" وورشة المنامة، فينظر له بعض السياسيين الفلسطينيين على أنه "مهرجان خطابي" ولن يكون خطوة فعلية بمعنى الكلمة، لأسباب عدة أولها الترتيب المتأخر، والأهم أن منظمة التحرير قطعت عبر السنوات الماضية علاقتها بالتنظيمات والفصائل الشعبية في الدول العربية، وتريد أن تنعشها الآن، بين ليلة وضحاها بعد أن خذلتها الأنظمة الرسمية. وأكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في بيان أمس، "أهمية مواصلة الجهود والمساعي لعقد المؤتمر الشعبي في بيروت بمشاركة مؤتمر الأحزاب العربية والمؤتمر القومي والمؤتمر الإسلامي، وذلك في 25 و26 الشهر الحالي، في موعد عقد عمل ورشة المنامة، للتأكيد على الرفض الشعبي والحزبي في مقاطعة هذا المؤتمر ورفض المشاركة فيه".

وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر شحادة، لـ"العربي الجديد"، إنه "يجري حالياً الإعداد لمؤتمر في بيروت بالتزامن مع ورشة البحرين، ويقوم على ذلك العضو في الجبهة الشعبية ماهر الطاهر، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد، بهدف عكس وحدة الموقف الفلسطيني ضد صفقة القرن، ورفض وإدانة ورشة المنامة، واعتبار اللقاء في البحرين ارتداداً عن الموقف الوطني والقومي والإسلامي والعربي، وخرقا للثوابت الفلسطينية". وأضاف "ستشارك جميع الفصائل الفلسطينية في المؤتمر، ومنها حماس والجهاد الإسلامي". وأكد أن هذا المؤتمر يأتي استكمالاً لمؤتمر "متحدون ضد صفقة القرن" الذي عقد في بيروت قبل عشرة أيام، وحضرته الفصائل الفلسطينية، واتفقت على الوثيقة التي صدرت عنه، والتي كان أهم ما جاء فيها "دعم المقاومة، وعدم الرهان على أوسلو، والوقوف ضد صفقة القرن، وضد مؤتمر البحرين، والدعوة إلى حراك شعبي عربي، وعقد مؤتمرات موازية في بيروت"، موضحاً أن "الجبهة الشعبية بادرت لعقد هذه المؤتمرات". وحول الجهة القائمة على هذه المؤتمرات، سواء التي عقدت أو التي يتم التخطيط لعقدها بالتزامن مع عقد ورشة المنامة، قال إن "القائمين على هذا المؤتمر، هم الأحزاب العربية ومؤتمر الأحزاب القومية والإسلامية، ومؤتمر الأحزاب القومية، ومؤسسة القدس العالمية".