كتائب المعارضة في حلب: خريطة التوزّع والحجم

26 أكتوبر 2014
كتائب المعارضة تحافظ على سيطرتها في حلب (الأناضول)
+ الخط -

تشهد مدينة حلب، منذ أكثر من عامين، اشتباكات يومية بين قوات النظام السوري، التي تسيطر على وسط وغربي المدينة، وقوات المعارضة المسلّحة، التي تبسط سيطرتها على الأحياء الشماليّة والشرقيّة والجنوبية منها. ومنذ نهاية العام الماضي، لا تزال خطوط الاشتباك على حالها، بعدما تمكّنت كتائب المعارضة من تثبيت نفسها في المدينة.

أصبحت الأحياء التي تسيطر عليها قوات المعارضة، شبه خاوية من السكّان، بفعل القصف العشوائي بالبراميل المتفجّرة الذي يشنّه سلاح الطيران التابع لقوات النظام السوري، منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2013.

وفي حين تشهد خطوط التماس بين الطرفين هدوءاً نسبياً في القسم الجنوبي والجنوب الغربي من المدينة، تشهد خطوط الاشتباك وسط المدينة، وفي أحياء حلب القديمة، حالةً من المراوحة والركود منذ أشهر، تتخلّلها من وقتٍ لآخر اشتباكات متقطّعة بين الجانبين.

أمّا على خطوط الاشتباك في الأحياء الشمالية من المدينة، فيسيطر وضع مشابه في الأشهر الأخيرة، حاولت خلالها قوات المعارضة التقدّم على جبهات الجهة الغربية من مدينة حلب، أكثر من مرّة، من دون أن تنجح حتى اليوم بالسيطرة على فرع الاستخبارات الجوية، الذي يشكّل النقطة الأكبر والأهمّ لقوات النظام في القسم الغربي من المدينة.

في المقابل، تمكّنت قوات النظام السوري من استعادة السيطرة، في الأشهر الأخيرة، على مناطق واسعة شرقي وشمالي مدينة حلب. فبعد سيطرتها، مع بداية العام الحالي، على اللواء 80، شرقي المدينة، تقدّمت نحو المدينة الصناعية، التي تمكّنت من السيطرة عليها، بعد انسحاب قوّات المعارضة منها في بداية شهر تموز/ يوليو الماضي، ونجحت بفكّ الحصار الذي كانت تضربه قوات المعارضة على محيط سجن حلب المركزي. كما توجّهت قوّات النظام شرقاً، لتسيطر على بلدتي "حندرات" و"سيفات"، وهي في طريقها لفك الحصار عن بلدتي "نبّل" و"الزهراء"، شمالي حلب، المواليتين للنظام السوري، واللتين تقبعان تحت حصار قوات المعارضة، منذ أكثر من سنتين.

وشهدت قوّات المعارضة المسلّحة، في السنتين الماضيتين، خلافات عدّة في صفوفها، وصلت لحدّ الاشتباكات في ما بينها، وذلك بسبب تنوّع الرؤى والمرجعيات السياسية والفكريّة فيها.

جيش المجاهدين

يُعتبر "جيش المجاهدين" الأضخم عدداً وعتاداً في مدينة حلب، ويقاتل في الأشهر الأخيرة قوات النظام السوري على خطوط الاشتباك غربي المدينة، حيث تنتشر قواته على خطوط الاشتباك في ضاحية عقرب، ومنطقة سوق الجبس، في المنطقة المقابلة لأكاديمية الأسد العسكرية، وهي النقطة العسكرية الأكبر لقوات النظام السوري في حي الحمدانية، جنوب غربي المدينة. كما تنتشر قوّات "جيش المجاهدين" في ضاحيتي الراشدين الشمالية والجنوبية، المقابلتين لمنطقة البحوث العلمية التابعة لوزارة الدفاع، والتي تقع على مدخل مدينة حلب من الجهة الغربية.

إلى ذلك، ترابط قوات "جيش المجاهدين" أيضاً، على نقاط التماس مع قوات النظام السوري في أحياء صلاح الدين، والزبدية، والسكري، جنوبي حلب، وفي منطقة "الجديدة"، وسط حلب القديمة.

يعتبر "جيش المجاهدين" تجمّعاً لـ"ألوية الأنصار"، و"الحرية"، و"حلب المدينة"، و"حلب الشهباء"، و"أمجاد الإسلام"، و"أنصار الخلافة"، وحركتي "النور" و"الصفوة"، التي اتّحدت جميعها في بداية العام الحالي، بهدف زيادة التنسيق في ما بينها لمواجهة قوات النظام السوري، وقوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتتألّف معظم الكتائب والألوية التي يتشكل منها "جيش المجاهدين"، من مقاتلين يتحدّرون من بلدات وقرى ريف حلب الغربي، ومن أبناء مدينة حلب، ولا يضمّ في صفوفه أي مقاتلين أجانب.

الجبهة الإسلامية

يتركز وجود "الجبهة الإسلامية" بقوّة على جبهات القتال في مدينة حلب، ممثلّةً بـ"لواء التوحيد"، و"حركة أحرار الشام"، وبعض الكتائب التابعة تنظيمياً لـ"لواء الإسلام".

وفي حين تنتشر الكتائب التابعة لـ"لواء التوحيد" على خطوط الاشتباك في مناطق كرم الجبل والصاخور، شمالي المدينة، وفي حي سيف الدولة، في الجنوب، تغطي كتائب "لواء التوحيد" معظم جبهات القتال في أحياء حلب القديمة.

كان "لواء التوحيد"، في وقتٍ سابق، يمثّل أكبر التشكيلات التي تقاتل النظام السوري في مدينة حلب، قبل أن يخسر عدداً من قواته وقادته في معارك ضد قوات النظام السوري وتنظيم "داعش"، في المدينة وريفها الشمالي. خسر اللواء، قبل نهاية العام الماضي، مؤسّسه عبد القادر الصالح، في غارة شنّتها قوات النظام السوري على مدرسة المشاة العسكريّة، التي تعتبر المقرّ الأكبر الذي يسيطر عليه اللواء في ريف حلب الشمالي، لينوب عنه بعدها عبد العزيز السلامة، في قيادة اللواء، والذي أصبح، في ما بعد، قائداً عاماً لـ"الجبهة الإسلامية" في حلب.

ويتحدّر معظم مقاتلي "لواء التوحيد" من مدن وبلدات ريف حلب الشمالي، ولا يضمّ في صفوفه أي مقاتلين أجانب. وتتبع لـ"الجبهة الإسلامية"، في حلب أيضاً، كتائب عدّة تنتمي لـ"حركة أحرار الشام"، وهي تقاتل قوات النظام السوري على جبهات العويجة والإنذارات، شمالي حلب، فضلاً عن كتائب تابعة لـ"لواء الإسلام"، تقاتل قوات النظام السوري على خطوط الاشتباك في منطقة أغير، في حلب القديمة.

جبهة أنصار الدين

ومن القوى الموجودة أيضاً على جبهات قتال قوات النظام السوري في مدينة حلب، تشكيل "جبهة أنصار الدين"، وهو تشكيل كبير مؤلّف من أربع قوى رئيسية، هي "جيش المهاجرين"، و"الأنصار" و"حركة شام الإسلام" (اللتين جرت إضافتهما من قبل حكومة الولايات المتحدة، أخيراً، على قائمة الإرهاب)، إضافةً إلى "الكتيبة الخضراء" وحركة "فجر الشام"، وهي تحوي جميعاً مقاتلين أجانب، من جنسيات مختلفة، معظمها من جمهوريات القوقاز، باستثناء حركة "فجر الشام"، التي تعود أصول مقاتليها إلى بلدات وقرى ريفي حلب الشمالي والغربي.

وتقاتل "جبهة أنصار الدين" على أكثر جبهات القتال سخونةً في مدينة حلب، حيث يتركز حضورها على خطوط الاشتباك في المنطقة المحيطة بفرع الاستخبارات الجوية، التابع للنظام السوري غربي المدينة، وتوجد أيضاً في مقابل منطقتي حندرات وسيفات، اللتين تحاول قوات النظام التقدّم منهما لمحاصرة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة. كما توجد قوات "جيش المجاهدين"، و"حركة الفجر"، التابعتين لهذا التشكيل، في الجبهات الجنوبية من المدينة، في أحياء الشيخ سعيد، والمرجة، والميسر، وقرية عزيزة، التي تقابل مطاري النيرب العسكري وحلب الدولي، حيث تتمركز أكبر نقاط قوات النظام السوري.

لواء شهداء بدر

على صعيد آخر، تنتشر قوات "لواء شهداء بدر"، التابع لـ"الجيش السوري الحرّ"، في أحياء مدينة حلب الشمالية، حيث تغطّي قوات اللواء نقاط الاشتباك مع قوات النظام السوري في أحياء الأشرفية، والبني زيد، والخالدية، والليرمون، إضافةً إلى أجزاء من حي بستان الباشا، الذي تقاتل فيه "ألوية فجر الحرية"، التابعة لـ"الجيش السوري الحرّ" أيضاً. كما تقاتل "ألوية السلطان محمد الفاتح" و"السلطان مراد"، التي تضمّ مقاتلين تركمان من أبناء ريف حلب الشمالي، على جبهات القتال في مناطق الميدان، والشيخ خضر شمالي المدينة، وتتبع هذه الألوية لـ"الجيش السوري الحرّ" أيضاً.

تشكيلات مستقلة

من جهة أخرى، توجد في مدينة حلب تشكيلات مسلّحة معارضة مستقلة، لا تتبع لأي من التجمّعات السابقة، ولعلّ أشهرها حركة "نور الدين زنكي"، التي تشارك مع "جيش المجاهدين" في القتال ضدّ قوات النظام السوري على الجبهات الجنوبية والغربية من مدينة حلب، وتضمّ في صفوفها عناصر من أبناء ريف حلب الغربي.

ومن التشكيلات المستقلّة الشهيرة في حلب، كتائب "أبو عمارة"، التي تنتشر على جبهات التماس مع قوات النظام السوري في منطقة الشيخ سعيد، جنوب المدينة، وهي عبارة عن تشكيل صغير معظم عناصره من أبناء مدينة حلب.

وتغيب "جبهة النصرة" عن الوجود بشكل واضح على جبهات القتال في مدينة حلب، بعد شهرين من انسحابها من المدينة الصناعية، شمال المدينة، لتبقى لها نقاط صغيرة في حي بستان القصر، وسط المدينة، إضافةً إلى سيطرتها على منطقة خان طومان، جنوبي حلب، والتي تقابل مدرسة المدفعية، أكبر نقاط جيش النظام في المنطقة.

دلالات