عدوى محاولات الانتحار تنتشر في السجون المصرية

16 ابريل 2023
خارج سجن بدر في مصر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

رصدت منظمات حقوقية مصرية، من بينها التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، محاولات انتحار في سجن برج العرب في محافظة الإسكندرية، وذلك بعد انتشار أخبار خلال الأسابيع الماضية عن محاولات انتحار عدة في سجن بدر 3 في ضواحي القاهرة. 

وتلقت المنظمات الحقوقية نداءات استغاثة من أهالي سجناء سياسيين بسجن برج العرب لإنقاذ ذويهم بعد ورود أنباء تفيد بوجود محاولات انتحار متكررة، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الأوضاع المأساوية والانتهاكات الممنهجة بحقهم من قبل إدارة السجن، وتم منع الزيارة عن المعتقلين المنقولين من سجن بدر 3، بخلاف الاعتداءات اللفظية والجسدية المتكررة عليهم"، بحسب رسائل الاستغاثة. 

وأمام الانتهاكات المتكررة من إدارة السجن، "دخل بعض المعتقلين في إضراب عن الطعام، فيما حاول آخرون الانتحار على غرار ما حدث في سجن بدر 3 خلال الأسابيع الماضية. ونقلت إدارة السجن الضحايا إلى المستشفى لإسعافهم، فيما وردت أنباء بوجود حالة خطرة بينهم، تكتمت عليها قوات السجن ولم تفصح عن وضعها الصحي"، طبقاً للرسالة. 

وكشفت آخر رسالة مسربة من سجن بدر 3 عن محاولة انتحار خمسة سجناء سياسيين، بسبب التنكيل بالسجناء وتدهور الأوضاع، عبر قطع شرايين اليد، وهم أسامة محمد مرسي، وعبد الله شحاته، وعمرو العقيد، وأحمد شريف الليثي، وداود خيرت.

وظهرت أول رسالة غير مؤرخة هرّبت من سجن بدر 3 في أواخر فبراير/ شباط. وتوضح بالتفصيل العديد من الانتهاكات الجارية داخل مجمع السجن، بما في ذلك الحظر المطول للزيارات للمحتجزين وعدم كفاية التغذية وتدهور الأوضاع الصحية وحرمان الخدمات الطبية.

وبحسب تلك الرسالة المسربة، ففي أعقاب مداهمة لزنزانة من قبل قوات أمن السجن، قام السجين حسام أبو شروق بشنق نفسه، وحاول اثنان آخران، حمد ترك أبو يارا وعوض نعمان، الانتحار بقطع شرايين معصميهما، لكنهما أُسعفا ونُقلا إلى مستشفى السجن.

بعدها، وعلى مدار مارس/ آذار الماضي، خرجت العديد من الرسائل من سجن بدر تؤكد انتشار محاولات الانتحار في صفوف السجناء السياسيين، بسبب تردي أحوال السجن وخلوه من الشروط الإنسانية المطلوبة، مثل الحق في الزيارات والتراسل والتريض، بخلاف الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء من مراقبة وإضاءة مستمرة على مدار اليوم وتقليل كميات الطعام (التعيين). 

وخرجت رسالتان مسربتان بتاريخ الأول من مارس/ آذار و2 مارس/ آذار على التوالي، تؤكدان استمرار الانتهاكات الجارية داخل السجن. 

وجاء في الرسالة الثانية أن سلطات السجن تواصل حرمان المحتجزين الخدمات الطبية، على الرغم من تدهور الحالة الصحية للعديد من السجناء، وخصوصاً كبار السن. وادعت الرسالة أنه على مدار الأيام العشرة الماضية منذ توقيعها (الأول من مارس)، حاول 55 سجيناً داخل جناح سجن بدر 3 الانتحار بسبب الظروف السيئة التي يواجهونها داخل المجمع.

وبحسب الرسالة المؤرخة في 2 مارس/ آذار الماضي، واصل العديد من المعتقلين، ومن بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، إضرابهم عن الطعام، احتجاجاً على هذه الأوضاع السيئة. 

وأوضحت الرسالة الثالثة المسربة أن إدارة السجن بدأت بنقل بعض المعتقلين إلى مجمعات مختلفة في محاولة لكسر مثل هذه الأعمال الاحتجاجية. وتوالت الرسائل المسربة من سجن بدر 3 في كشف المزيد من محاولات الانتحار، والانتهاكات التي يتعرض لها المحتجزون. 

في هذا السياق، طالبت "منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي"، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالتحقيق في "مزاعم الانتهاكات الجسيمة التي كُشف عنها أخيراً في سجن بدر سيئ السمعة، حيث تؤكد ثلاث رسائل مسربة من معتقلين داخل جناح سجن بدر 3، تحققت منها منظمة DAWN في مقابلة في 6 مارس/ آذار مع مصدر له أصدقاء وأقرباء معتقلون داخل سجن بدر، التقارير التي تفيد بوجود إساءة معاملة واسعة النطاق ومحاولات انتحار في المجمع".

وافتتح سجن بدر الجديد في أعقاب إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إطلاق "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" الجديدة، والتي تضمنت خططًا لتحديث السجون في مصر، بافتتاح سجون جديدة في جميع أنحاء مصر على غرار "النموذج الأميركي"، بحيث تضمن حماية صحة ورفاهية السجناء. 

وكان مجمع الإصلاح بدر أحد هذه المجمعات الجديدة. وجرى الترحيب بسجن بدر، الواقع خارج القاهرة، باعتباره نموذجاً "للإصلاح"، ليكون مقراً لاحتجاز النشطاء السياسيين من مختلف الأطياف الأيديولوجية في مصر، بمن في ذلك قادة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم من الدعاية الحكومية لهذا المجمع، فإن الظروف داخل سجن بدر "مروعة وغير إنسانية، فالتعذيب منتشر، والسجناء محرومون الاتصال بعائلاتهم أو محاميهم، ومحرمون بشكل روتيني الخدمات الطبية المناسبة".

ومنذ افتتاح هذا السجن، لقي ما لا يقل عن خمسة سجناء مصرعهم داخل السجن بسبب الإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز، وذلك بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية.

المساهمون