مصر: خداع 36 ألف معلم على مائدة "الحوار الوطني"

08 يونيو 2023
من احتجاج سابق للمعلمين (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

تبنّى تحالف أمانات عمال الأحزاب والنقابات في مصر مطالب المعلمين وحقوقهم، وعلى رأسها تعيين ذوي العقود البالغ عددهم 36 ألف معلم ممن تم خداعهم بالتعيين ثم الاستغناء عنهم. وطالب بوضع أزمات المعلمين على مائدة الحوار الوطني الذي يهدف إلى خلق أفق سياسي جديد من دون أدنى بشائر حتى الآن، بحسب مراقبين. 

وأكد التحالف اليوم الخميس أنه على الرغم من "تعاقب خمسة وزراء على مقعد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني رضا حجازي منذ عام 2013. إلا أن سياسة إهدار حقوق المعلمين وحقوق الإنسان ظلت ثابتة في الوزارة لا تتغير بتغير الوزراء، لتبرهن على زيف فكرة متداولة وهي أن كل وزير يلغي سياسات سلفه ويضع لنفسه سياسة جديدة".

وطرح التحالف أزمة معلمي العقود المؤقتة. ففي فبراير/ شباط 2019، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عن حاجتها لتعيين نحو 70 ألف معلم لسد العجز في المعلمين، فأعلنت عن مسابقة لتعيين 36 ألف معلم بعقود مؤقتة. وبعد إجراء المسابقة واجتياز التدريب، قررت الوزارة الاختيار والتعاقد مع العدد المطلوب من أصل أكثر من 120 ألف معلم كانوا قد تقدموا بأوراقهم للمسابقة. وبعد استيفاء جميع الأوراق المطلوبة، تم تحرير عقود لهم وتعيينهم بالعمل في المدارس.

ثم في إبريل/ نيسان من العام نفسه، استلم المعلمون العمل المؤقت، والذي دام لمدة شهرين حتى نهاية العام الدراسي عند نهاية شهر يونيو/ حزيران. لكن بعد انتهاء مدة التعاقد، قررت الوزارة الاستغناء عنهم وعدم التجديد لهم قبل بداية العام الدراسي الجديد. 

وأعرب المعلمون عن استنكارهم لقرار الوزارة بالاستغناء عنهم، وقد تكبدوا جميع نفقات ومصاريف المسابقة والتدريبات وإجراء الاختبارات، فضلاً عن تكاليف تجهيز الأوراق المطلوبة، وتراوحت جميع تلك النفقات ما بين أربعة إلى ستة آلاف جنيه (ما بين 120 و200 دولار أميركي)، فضلاً عن تكلفة مستند واحد هو شهادة DSL تكلفتها 900 جنيه (نحو 30 دولاراً أميركياً).

وبحسب الائتلاف، "قال وزير التربية والتعليم والتعليم الفني آنذاك في مجلس النواب عند سؤاله عن توفير رواتبهم: لدي موارد في الوزارة تكفي أجورهم". ولدى سؤاله عن إنهاء التعاقد معهم، قال "المعلمون وقعوا على عقود بالتعيين شهرين فقط" بحسب الائتلاف، الذي أشار إلى أن هذه التصريحات "تفضح الانتهاكات القانونية التي شابت إجراءات التعاقد، ومنها تعمد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني عند إعلانها لشروط المسابقة، كتمان أو إغفال مدة التعاقد مع هؤلاء المعلمين، إلى جانب حرمان المتعاقدين من الاطلاع على بنود التعاقد وإجبارهم على التوقيع على الصفحة الأخيرة من العقد، من دون الحصول على نسخة منه كما هو مقرر قانوناً".

وربط الائتلاف بين أزمة معلمي العقود المؤقتة وسير جلسات الحوار الوطني، الذي يتبنى هيكلة جديدة للتعليم في المحور الاجتماعي، أو العدالة الاجتماعية في المحور الاقتصادي، أو النقابات والعمل الأهلي في المحور السياسي. وتساءل: "هل ستجد أنات الشاكين آذاناً صاغية لدى أولئك الذين نطلق عليهم صفة أصحاب القرار، أم كالعادة سيتجاهلونها ويستمروا في غيهم؟".

وجاءت اجتماعات الحوار الوطني بناءً على دعوة من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في إبريل/ نيسان من العام الماضي لإجراء حوار سياسي، من خلال مفاوضات بين الجهة الراعية للحوار (متمثلة في مكتب رئيس الجمهورية) وقيادة الحركة المدنية الديمقراطية، لتسفر المفاوضات عن تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني باعتباره الجهة المنوط بها تنظيم وتحضير سير وفعاليات ومخرجات جلسات الحوار الوطني، واختيار نقيب الصحافيين السابق ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، منسقاً عاماً بمجلس الأمناء.

وعلى مدار أشهر انعقاد لجنة الحوار الوطني، ركزت غالبية الاجتماعات على تنظيم الأمور الخاصة بعمل مجلس الأمناء، مثل إقرار لائحة عمل المجلس ومدونة سلوك جلسات الحوار، فضلاً عن اختيار المقررين العموم ومساعدتهم في المحاور الثلاثة العامة وفي لجان الحوار، التي تم الاتفاق على أن تكون 19 لجنة. 

واتسم عمل مجلس أمناء الحوار بالبطء الشديد، وانتهى عام 2022 من دون تحديد جدول انعقاد جلسات الحوار الوطني، وشغلته التوافقات الداخلية بين أطرافه حول طبيعة التمثيل النسبي لكل طرف داخل كل محور وكل لجنة. ووصفت منظمات حقوقية المجلس بأنه "مجرد جهة تنظيمية لعملية سير وإجراءات الحوار الوطني، بينما يتوقف القرار السياسي بشأن تطور الحوار على الجهات التنفيذية المعنية بالاتصال مع القوى السياسية. كما أن السلطة السياسية لم تبد مؤشرات حقيقية حول جديتها في خلق حوار وطني حقيقي ينتج عنه انفتاح سياسي يساعد على إعادة ترسيم المسار بعد الفشل الكبير الذي أحرزته السلطة الحالية على مختلف الأصعدة. في المقابل، استمرت السلطات المصرية في ممارساتها المنتهِكة لحقوق الإنسان، وإحكام القبضة الأمنية على المجال العام سواء الافتراضي أو التقليدي، بالإضافة إلى استمرارها في إقرار السياسات العامة دون حوار ودون انتظار الحوار".

المساهمون