عمال الفحم... قلوب بيضاء وسط السواد

القاهرة

كريم أحمد

avata
كريم أحمد
25 مايو 2016
+ الخط -

تحسب إذا رأيته بجلبابه الرثّ وملامحه الملطخة بغبار الفحم الأسود، أنه تجاوز العقد السادس من العمر، على الرغم من أنه ما زال في منتصف الأربعينيات. ليس هو وحده فحسب، وإنما ما يقرب من ألفَي أجير يطالعونك بالملامح البسيطة المتأزمة ذاتها، وهم يعملون بنشاط ودأب في مكمورة قرية الزوامل في الشرقية.

لم يذهب الحاج أحمد إلى مكمورة قرية الزوامل هذا الصباح، فقد شعر بنهش مروّع في صدره، وعلى أثره قرّر أن يتخلى مجبراً عن أجرته اليومية التي تقدّر بخمسين جنيهاً ويذهب إلى الطبيب. ما إن حرّك الطبيب سمّاعته على قفصه الصدري، حتى بادره سائلاً عن عدد السجائر التي يدخنها في اليوم. الأمر الذي نفاه الحاج أحمد بإشارة من رأسه. عندها قال الطبيب بثقة: "رئتاك متعبتان تماماً من التدخين". فردّ الحاج أحمد ببراءة غير مصطنعة: "وهل العمل في مكمورة الفحم يضرّ بالصدر يا دكتور؟". هزّ الطبيب رأسه وطلب منه ترك مهنته هذه والبحث عن عملٍ آخر.

من جهته، يؤكد أستاذ علوم البيئة عصام عزت أنّ "المكامير تبعث ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الأخشاب، وتتسبب في حدوث اختناقات للأهالي، بالإضافة إلى حساسية الصدر والالتهابات الصدرية". ويوضح أنّ "المكامير تؤثّر سلباً على التجمعات السكانية بسبب دخان العوادم الناجم عن احتراق الفحم وانبعاثات أول وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت، إذ إنّ الفحم بالمكامير عبارة عن مخلّفات زراعية تتكون من مادة الكربون الناتج عن نزع الماء من النبات". ويلفت إلى أنّ "الفحم النباتي يصنع من الخشب والحطب، ويدخل في عدد من الصناعات".

دلالات