إتاوات على شواطئ مصر

إتاوات على شواطئ مصر

06 اغسطس 2016
يلهون على مقربة من مرفأ الإسكندرية (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت وجهات اصطياف الفقراء في مصر هذا العام - على غير العادة - ارتفاعاً كبيراً في أسعار دخولها، فضلاً عن تحكّم عدد من البلطجية في ذلك، الأمر الذي أثار غضب الأهالي. وعمد البعض إلى تقديم شكاوى وتحرير بلاغات، لكنّ محليات تلك المحافظات لم تضطلع بدورها على خلفية تعاونها مع هؤلاء في تقسيم الإيرادات.

تُعدّ محافظة الإسكندرية التي تضمّ 44 شاطئاً من بينها ستة للفقراء بدون رسم دخول، وهي جليم والهانوفيل والمكس وشهر العسل والدخيلة وبرج العرب. يُذكر أنّه مسموح لمرتادي هذه الشواطئ بحمل شماسيهم وكراسيهم الخاصة معهم. لكنّ الأمر تغيّر أخيراً، خصوصاً مع زيادة عدد المصطافين الذين يقصدون الإسكندرية لقربها من القاهرة ولأسعارها الرخيصة، فراحت مجموعة من الأشخاص تتحكم في الدخول وتفرض إتاوات تتراوح ما بين 10 و15 جنيهاً مصرياً (1.05 - 1.70 دولار أميركي) للفرد الواحد بدون إيصالات معتمدة من المحافظة. الحال نفسها في مصيف بلطيم في محافظة كفر الشيخ وجمصة في محافظة الدقهلية، وهما من الأماكن التي كانت تُعدّ مقصداً لعدد كبير من الفقراء ومحدودي الدخل، إذ إنّ أسعارها كانت في متناول الجميع من جهة ولقربها من القاهرة من جهة أخرى.

ولعلّ أبرز ما يدلّ على مصايف "الغلابة" في مصر، الفرش الخاص بهم والخبز الفلاحي والمحاشي وكراسي البلاستيك. كذلك، يتنقّل بعضهم في مركبات نقل عموميّة، إذ لا يستطيعون تحمّل مصاريف إضافية. وهم أيضاً يستمتعون بالجلوس على الرمال بدون شماس، فيما تبقى نساء كثيرات بملابسهنّ العادية، ومنهنّ مع الجلباب والخمار أو الطرحة الطويلة، كذلك الأمر بالنسبة إلى بعض الرجال الذين يبقون بالجلباب أو بملابسهم العادية.

يكشف مسؤول في محافظة الإسكندرية أنّ "الوحدات المحلية في المحافظة، التي تتضمّن شواطئ للغلابة، على علم برسم الدخول الذي يُفرَض على الفقراء في الشواطئ المجانية اليوم"، مشيراً إلى أنّ "العائد اليومي لمصايف الفقراء يُقسّم يومياً على هؤلاء الأشخاص القائمين على تلك المصايف بطريقة غير قانونية وعلى عدد من المسؤولين". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "مصايف الغلابة تشهد إقبالاً كبيراً خلال شهر أغسطس/ آب خصوصاً، ومن المحافظات كافة. هؤلاء يهدفون إلى قضاء أيام يرفّهون فيها عن أنفسهم". ويوضح أنّ "موسم المصيف يُعدّ موسماً كبيراً لبعض الأشخاص والمسؤولين الذين يجدون مصدر دخل إضافياً، بطرق غير قانونية".




إلى ذلك، يلفت المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أنّ "إيرادات مركز اصطياف الإسكندرية قد تصل إلى أكثر من 60 مليون جنيه (نجو سبعة ملايين دولار) هذا العام، نتيجة الضغط الكبير على تلك المراكز"، مشدداً على أنّ "نسبة كبيرة من تلك الأموال سوف تدخل إلى جيوب عدد من المسؤولين والقائمين على تلك المصايف".

وتشهد المحافظات الساحلية، خصوصاً الإسكندرية وكفر الشيخ والبحر الأحمر، ارتفاعاً كبيراً في أسعار الوحدات السكنية التي يستأجرها المصطافون لقضاء إجازة الصيف. وتتراوح الأسعار بين 300 و800 جنيه (34 - 90 دولاراً) في اليوم الواحد، وفقاً لقرب الشقة من البحر أو بعدها عنه ووفقاً لتجهيزاتها الداخلية من تكييف وما إليه. يُذكر أنّ تلك الأسعار ترتفع في المناطق الراقية.

عمر عطية (موظف) قضى أسبوعاً في الإسكندرية، يقول إنّ "الشواطئ المجانية التي تقع أغلبها على أطراف المحافظة، قليلة جداً، بالمقارنة مع باقي الشواطئ الأخرى التي يقصدها أصحاب المداخيل المرتفعة وعليّة القوم". ويشير إلى "انتشار أصحاب السوابق والبلطجية في مراكز الاصطياف المجانية وغيرها، فيفرضون الرسوم المالية على الأهالي بدون وجه حق، وهذا ما يثير غيظ البعض". كذلك يتحدّث عن تلوّث تلك الشواطئ بمياه المجاري.

من جهته، يقول محمد السيد (محاسب في إحدى الشركات) إنّ "فرض بدلات دخول إلى الشواطئ المجانية أو رفع أسعار تلك المميزة، أمران اعتاد عليهما المصطافون في الإسكندرية خصوصاً". ويشدّد على أنّ "الكارثة الكبرى هي أنّ أكثر من 60 في المائة من تلك الأموال لا تدخل إلى خزينة المحافظة لتنميتها، وأنّما إلى جيوب أشخاص لا علاقة لهم بالعاملين في المحافظة".

أمّا علي جاد (موظف) فيرى أنّ "الطامة الكبرى في مراكز اصطياف الإسكندرية هي الشركات الاستثمارية التي تديرها خفية بالتعاون مع المحافظة، خصوصاً المنتجعات الكبرى الخاصة بعليّة القوم". يضيف أنّ "مراكز الاصطياف الأخرى معدودة تعمّها الفوضى والنفايات، وهي أشبه بالبرك التي تُعدّ مصدراً لنقل الأمراض والأوبئة".

دلالات