رسائل السيسي في رواندا لا يمكن إدراكها إلا في مصر

16 اغسطس 2017
ما كتبه السيسي بمتحف جماجم الإبادة في رواندا (فيسبوك)
+ الخط -
في اليوم التالي للذكرى الرابعة لمذبحة رابعة العدوية، وأثناء زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى رواندا، قام بزيارة إلى النصب التذكاري ومتحف ضحايا مذابح الإبادة الجماعية في الدولة الإفريقية الصغيرة.


وكتب السيسي في لوحة الزوار: "إننا نقف هذا اليوم لنتذكر ببالغ الأسى الضحايا الأبرياء، ونؤكد قدسية النفس البشرية وضرورة التعايش المشترك بين مختلف أطياف البشر، بحيث يكون التعاون والحوار والسلام هو اللغة المشتركة السائدة بين مختلف شعوب العالم. نأمل ألا تتكرر مثل هذه الجرائم البشعة ويعم السلام في كافة بقاع العالم".


وحملت كلمات الرسالة ومناسبة كتابتها، معانيَ مناقضة تمامًا للتوقيت الذي كتبت فيه، حيث تزامنت مع ذكرى قتل قوات مسلحة مصرية، من الشرطة والجيش، مئات المعتصمين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في رابعة العدوية والنهضة، ووقتها كان السيسي وزيرًا للدفاع، والحاكم الفعلي للبلاد.


ويرى الباحث المصري، بدر شافعي، أن السيسي يمثل "حالة من الازدواجية الشديدة في المعايير الخاصة بقضية واحدة، هي الإبادة على الهوية، ففي ذكرى مجزرة رابعة التي وقعت خلال عمله كوزير للدفاع، نجده يستنكر وقوع مجازر مماثلة في رواندا، وعلى الرغم من التفاوت الكبير في أعداد الضحايا بين ما جرى في رواندا وما جرى لاحقاً في رابعة، إلا أنهما متماثلان في المنطق الإنساني الرافض لإهدار الدماء".


وأوضح شافعي لـ"العربي الجديد"، أنه "كان الأولى بالسيسي الذي أعرب عن رفضه للمجازر في رواندا أن يقوم بإجراء تحقيق عادل في الجرائم التي ارتكبت في فض اعتصام رابعة، مثلما حدث في أعقاب المجازر في رواندا، وربما كانت تلك مقدمة منطقية للمصالحة المجتمعية اللازمة في مصر، وليس محاكمة الضحايا كما فعل السيسي".



وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، أطلقت تقريرًا حمل عنوان "مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، قالت فيه إن "عمليات القتل لم تشكل فقط انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الدولية، لكنها بلغت على الأرجح مستوى الجرائم ضد الإنسانية، ويجب التحقيق فيها ومقاضاة المتورطين في الحملة دولياً".



ووجهت المنظمة اتهامات لمسؤولين مصريين كبار بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" أثناء حملة القمع الممنهج التي استهدفت متظاهرين مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي، والتي أسقطت مئات القتلى، ومن بين المتهمين مع السيسي، وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم، ومدحت المنشاوي قائد القوات الخاصة وقائد عملية رابعة، وغيرهم.


وحملت صورة السيسي أمام جماجم ضحايا الإبادة في رواندا، رسائل وإسقاطات أخرى أبعد كثيرًا من قيمة تلك الزيارة.



فحتى اليوم، في الذكرى الرابعة للمذبحتين، لا يزال أعداد شهداء ميداني رابعة العدوية والنهضة غير محدد، وتتفاوت كثيرًا التقديرات الحقوقية والحكومية والدولية في إحصاء أعداد الضحايا.

فبينما أعلنت وزارة الصحة المصرية رسميًّا يوم 15 أغسطس/آب 2013، سقوط 638 قتيلاً و3994 مصابًا على مستوى الجمهورية كلها، منهم 288 سقطوا في رابعة وحدها؛ قفز العدد كثيرًا في حصر تحالف دعم الشرعية الذي أعلن في أعقاب الفض سقوط 2600 قتيل في رابعة العدوية وحدها.


فيما وثّق موقع "ويكي ثورة" الحقوقي، سقوط 1485 قتيلًا بمختلف المحافظات، منهم 904 قتلى خلال فض رابعة، و88 قتيلاً في النهضة، وأن عدد أفراد الشرطة الذين سقطوا في ذلك اليوم هو 43 قتيلًا، منهم 7 سقطوا في رابعة، و13 في كرداسة، و11 في المنيا.


وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "قوات الأمن المصرية قتلت على الأقل 800 في فض الاعتصام".




دلالات