لاجئون فلسطينيون... رفض لإغراءات النظام السوري العودة إلى اليرموك

لاجئون فلسطينيون... رفض لإغراءات النظام السوري العودة إلى اليرموك

10 نوفمبر 2018
هُجّرت من المخيّم (رامي السيد/ الأناضول)
+ الخط -

بدا إعلان النظام السوري قبوله عودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى مخيّم اليرموك بمثابة سعي إلى غسل يديه من مأساة استمرّت سنوات، أدّت إلى تدمير المخيّم وتهجير أهله ما بين الداخل والخارج. وطُرحت أسئلة عدة، منها: كيف سيعود اللاجئون إلى مخيّم مدمّر؟

بعد تدمير قوّاته نحو ثمانين في المائة من مخيّم اليرموك الفلسطيني، يسعى النظام السوري، في الوقت الحالي، إلى إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى المخيم. وهذا ما دعا إليه نائب وزير خارجية المغتربين في الحكومة، فيصل المقداد. ونقلت مصادر إعلامية موالية قول المقداد: "هناك دول ما زالت تعرقل عودة اللاجئين السوريين والفلسطينيين إلى مناطقهم على الرغم من التسهيلات. الحكومة السورية لا تضع أيّ مانع أمام عودة الفلسطينيين، وهناك خطة لتنظيم عودة اللاجئين".

كما أعلن مسؤول الإعلام المركزي في الجبهة الشعبية - القيادة العامة، أنور رجا، أنّ نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد "أبلغنا قراراً سورياً رسمياً بعودة أهالي اليرموك"، مضيفاً أنّ "المخيم تعرّض لأضرار بالغة، وقد دمرت أجزاء منه بالكامل، والعودة ستتمّ عبر خطوات منظّمة".



في هذا الإطار، يقول المنسّق العام لتجمع مصير، المحامي أيمن أبو هاشم، لـ "العربي الجديد": "من خلال التصريحات التي أطلقها النظام مؤخراً، فإنّه يُحاول أن يغطي على دوره الأساسي في تدمير أكثر من 80 في المائة من البيوت والمنازل والبنى التحتية في المخيّم، ومسؤوليّته عن تهجير أهله منذ نهاية عام 2012 وعلى مراحل مختلفة. ومع نهاية عام 2012، بدأ النظام بضرب المخيّم من خلال طائرات الميغ، ما أدى إلى تهجير نحو 75 في المائة من السكان يومها. وخلال فرضه حصاراً على المخيم لأكثر من خمس سنوات، هُجّر آخرون. وفي عام 2018، هجّر كل من تبقى فيه إلى الشمال السوري، خلال تدمير النظام والطيران الروسي القسم الأكبر من المخيم. بالتالي، يحاول النظام إخفاء مسؤوليته عن كل هذه الجرائم من خلال ادعائه عودة اللاجئين الفلسطينيين. كيف يعود هؤلاء إلى مخيم مدمّر من دون أي خطة لإعادة الإعمار؟". يضيف أنّه من خلال المرسوم رقم 10 الذي صدر هذا العام، أراد النظام إلحاق المخيم بمنطقة تنظيميّة جديدة، لإنهاء صبغة كينونته كمخيم فلسطيني، وهذا يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى. للأسف، فإنّ بعض الفصائل تُرحّب بالتصريح الأخير للنظام بعودة الأهالي، وتشاركه في التغطية على مسؤوليّته تجاه الفلسطينيين، في ظل المآسي والنكبات".

الدمار كبير داخل المخيّم (لؤي بشارة/ فرانس برس) 


ويشير أبو هاشم إلى أن "أكثر من نصف أهالي المخيم هجّروا إلى خارج سورية. وهذا التصريح يهدف إلى إعادة تبييض صفحة النظام، والقول إنه نظام مقاوم وممانع ويقف مع القضية الفلسطينية. لكن الحقيقة أن هذا النظام أكثر من أضرّ بالقضية الفلسطينية، وتسبّب في أذية اللاجئين الفلسطينيين. ولأنه ما من إمكانيات لعودة الأهالي، يجب أن نربط المسألة بما يجري في مخيم درعا، فقد أصدر قراراً تحت اسم التطوير العقاري يُلحق مخيم درعا بمنطقة جديدة بهدف إنهائه، وقد تعرّض للتدمير والتهجير، أسوة بمخيم اليرموك. هذا مخطط قام به النظام، والآن يريد التغطية عليه بالقول إنه يرغب في عودة اللاجئين الفلسطينيين. ما من شك أن جميع اللاجئين الفلسطينيين لديهم رغبة حقيقيّة وشديدة في العودة إلى مخيمهم". يضيف أبو هاشم: "هناك مشاكل عملية تحول دون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المخيمات. من هجّر إلى خارج سورية لا يشعر بالأمان للعودة إلى هذه المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام، خشية الملاحقة والاعتقال والتصفية. النظام اليوم مسؤول عن اعتقال وقتل آلاف الفلسطينيين. وليس لدى الناس شعور بالأمان في حال فكروا في العودة".

وعن المشكلة الثانية التي تمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيّمات في ظل حكم نظام الأسد، يقول أبو هاشم: "حتّى بالنسبة للاجئين الموجودين داخل سورية، فإن غالبية البيوت مدمرة وليس لدى اللاجئين أي قدرة مالية لبناء بيوتهم على نفقتهم الخاصة. الناس في وضع اقتصادي ومعيشي سيّئ للغاية. والنظام يعلم أن هذه الأمور ستمنع الكثير من اللاجئين من العودة، لكنه يتاجر وما زال بقضية اللاجئين".

وعن الحلول، يقول أبو هاشم إنّ "حلّ موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيماتهم، وإعادة بناء المخيمات المدمرة كمخيم اليرموك، منوط بإسقاط النظام الذي بات يشكل العقبة الأساسية في سورية بالنسبة للفلسطينيين والسوريين، كونه مسؤولاً عن كل المآسي التي تعرّض لها الشعبان. والضمانة الأساسية هي إعادة بناء وطن سوري حر يتّسع للجميع، ويكون اللاجئون الفلسطينيون قادرين على العيش بأمان إلى جانب أشقائهم السوريين. وهم متمسكون بحق العودة فعلياً إلى فلسطين، لكن سورية وطن عزيز بالنسبة إليهم". يضيف أنّ لدى كل فلسطيني تعلّق كبير بسورية. لكن في ظل هذا النظام، ستبقى هناك مشكلة كبيرة. وفي النتيجة، لم يستطع الفلسطينيون الاستقرار، "وما زلنا نشهد استنزافاً من خلال تهجير الفلسطينيين وخروجهم إلى منافي قريبة وبعيدة".



وسيطر تنظيم "داعش" على مخيم اليرموك في عام 2015، ليستعيد النظام السيطرة عليه في مايو/أيار عام 2018، بدعم من الطائرات الحربية الروسية.

وعن الدمار في المخيم، يقول اللاجئ الفلسطيني نور الدين محمد، المقيم في الشمال السوري، لـ "العربي الجديد": "خرجنا من بيوتنا ولا نملك شيئاً. أحببنا المخيم كما أحببنا فلسطين، لكنّه سُلب منا بكذبة من نظام الأسد، الذي ادعى زوراً الدفاع عنّا وعن فلسطين. والخروج كان الحل الأفضل لنا كي لا نهدر دماء إخوتنا الذين قتلوا في المخيم، ونضيعها بأن نصافح المجرم الذي قتلهم".

من جهته، لا ينوي كرم علي (45 عاماً) العودة إلى المخيم مطلقاً تحت حكم نظام الأسد. ويؤكّد لـ "العربي الجديد": "مهما كانت القرارات الصادرة عن النظام والإغراءات المقدمة للفلسطينيين، فهي كالإغراءات التي تقدم بالسلام. في النهاية، تجلب الموت للفلسطينيين".
وضمت مدن ومناطق سورية عشرة مخيمات للاجئين الفلسطينيين في كل من درعا والقنيطرة وحمص ودمشق وحلب واللاذقية، وهي: النيرب، وخان الشيح، ودرعا، وجرمانا، وسبينة، والطوارئ، وحمص، وخان ذا النون، وحماة، وقبر الست، علماً أن مخيم اليرموك أكبرها.

المساهمون