على بقايا فضلات الميسورين يعتاش آلاف العراقيين الذين تشرّدوا من ديارهم وأصبحوا بلا مأوى بسبب الظروف التي تعيشها البلاد. وتتصاعد أعداد المشردين في وقت لم تخطُ فيه الحكومة أي خطوة لاحتضانهم.
وقال المسؤول في مفوضية حقوق الإنسان العراقية، رافع أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة المشردين المتنامية، في غضون السنوات الثلاث الأخيرة، في العراق تنذر بالخطر"، مبينا أنّ "المشردين هم من العائلات النازحة التي فقدت منازلها، وسكن بعضهم في الخيام، وآخرون لم يحصلوا حتى على خيمة، ومنهم من فقد عدداً من أفراد أسرهم، وكثير منهم أصبحوا بلا أهل بعد فقدان عائلاتهم".
وأضاف، أنّ "الآلاف من هؤلاء بقوا في الطرقات، قسم منهم لا يملك شيئاً، بدون عمل أو ما يقتات به"، مبينا أنّ "الكثير من هؤلاء لجأوا إلى التسول، وبعضهم يقتاتون على فضلات العائلات الميسورة، وما تجود به عليهم تلك العائلات من مساعدة".
وأوضح أنه "لا توجد إحصائية دقيقة لهؤلاء المشردين، لكنّهم بالآلاف، وأصبحوا يشكلون ظاهرة خطيرة في المجتمع، خصوصاً أنّ أغلبهم في أعمار الشباب والمراهقة، ويمكن استغلالهم من قبل جهات أخرى، وتشغيلهم في أعمال خارجة عن القانون".
ودعا الحكومة، إلى "التحرك من أجل احتواء هؤلاء المشردين، وتوفير المأوى لهم والدعم وفرص العمل المناسبة، لاحتضانهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة".
وتعد أزمة النزوح التي يعاني منها العراق، السبب الرئيس لتنامي ظاهرة المشردين، إذ أنّ تشريدهم من منازلهم، ومنعهم من العودة إليها في بعض المناطق، وتهديم منازلهم في مناطق أخرى، كلها عوامل أسهمت في نمو هذه الظاهرة الخطيرة.
وحذّر الخبير الاجتماعي، فاضل البدراني، من خطورة إهمال هذه الظاهرة ونموها في المجتمع العراقي، لما لها من انعكاسات وتداعيات خطيرة.
وقال البدراني، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "المجتمع العراقي اليوم يضم جهات فكرية وأيديولوجية متنوعة، منها الجهات الإرهابية والمليشياوية، وعصابات الخطف والسلب والقتل والسطو المسلح، وغيرها من العصابات، ما ينذر بمخاطر كبيرة لتجنيد هؤلاء المشردين لصالح هذه الجهات".
وأكد "أن تلك الجهات ستعمل بكل جهدها على استدراج المشردين وضمهم إليها، الأمر الذي يحتم على الحكومة أن تعمل كل ما بوسعها لاحتواء ذلك، وتوفير الحياة الكريمة للمشردين وتعويضهم، ليكونوا عناصر صالحة في المجتمع، لا عناصر مفسدة".
ويحمّل المشردون، الحكومة، المسؤولية الكاملة عن ظروفهم وما ينتج عنها، مؤكدين أنّ الخلل لا يكمن في الظرف بل في الجهات المسؤولة.
وقال الشاب عبد الله، وهو أحد المشردين الذين فقدوا عائلاتهم ومنازلهم في الموصل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الظروف أجبرتني على النزوح من الموصل بعد أن فقدت عائلتي وفُجّر منزلي، وها أنا ذا اليوم مشرد، بعدما فقدت كل شيء في حياتي، حتى خيمة بين النازحين لم أحصل عليها".
وأضاف، أنّ "الحكومة تركتنا من دون أي تعويض أو فرصة عمل، أو حتى مأوى. وها نحن اليوم عاطلون عن العمل، بلا سكن وبلا مال، وأُجبرنا على أن نتسول في الطرقات للحصول على ما يسد رمقنا"، محملاً الحكومة "مسؤولية الإهمال وعدم تقديم المساعدة".