حينما ارتكبت فرنسا مجزرة في قلب عاصمتها

18 أكتوبر 2015
جزائريون يحييون الذكرى الأليمة في باريس (العربي الجديد)
+ الخط -
لا يزال الجرح غائراً بين فرنسا والجزائر، ولا تزال كل محاولات المصالحة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين تنتظر. وفي كل مرة تأتي بعض المنغصات التي تعود بالعلاقات إلى الوراء، كان من أمثلتها تصويت البرلمان الفرنسي، قبل سنوات، على الدور "الإيجابي" للاستعمار الفرنسي، وأيضاً النقاش الذي ارتأى الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وحكومته فتحه حول مفهوم "الهوية الوطنية".

لا تُنْسى جريمة الدولة الفرنسية التي جرت في مثل هذا اليوم من سنة 1961، والتي تمثلت في إقدام الشرطة الفرنسية على قمع مظاهرة سلمية دعت إليها فدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وكانت موجهة إلى جزائريي باريس وضواحيها، تنديداً بحظر التجول العنصري الذي فرضته ولاية الشرطة في باريس. وقمعت الشرطة الفرنسية يومها المتظاهرين الجزائريين المسالمين، وأطلقت عليهم الرصاص الحي، فقتلت عدة مئات من المتظاهرين العُزّل، واعتقلت الآلاف منهم كما اختفى الكثيرون.

ظلت مرارة الجزائريين متقدة، حتى اعترفت السلطات الفرنسية يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول من سنة 2012، في ظل حكم الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، والذي يتمتع بعلاقات صداقة مع دبلوماسيين جزائريين،  بـ"مسؤولية الدولة الفرنسية عن هذا القمع الدموي الذي تسبب في مقتل مئات من الجزائريين".

وعلى الرغم من هذه الالتفاتة الرسمية الفرنسية، إلا أن العديد من المنظمات والجمعيات العربية والفرنسية لا تزال تطالب السلطات الفرنسية بوضع نصب تذكاري يُخلّد هذه المناسبة المؤلمة، ويعيد الاعتبار للضحايا الذي دفعوا أرواحهم ثمناً للحق في التظاهر السلمي.

اقرأ أيضاً: ستون عاماً على انطلاق حرب تحرير الجزائر.. آمال وذكريات

وفي كل سنة في 17 أكتوبر/تشرين الأول، يُنظَّم تجمّع في منطقة نانتير في الضاحية الباريسية، والتي كانت، سنة 1961، خزّانا للنضال الوطني الجزائري، ومنها تدفق المتظاهرون تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني. كما نظم تجمعان على جسر سان ميشيل، الأول رسمي صباحاً، وحضرته عمدة باريس والمسؤولون الرسميون الجزائريون، وقد قاطعه الكثيرون احتجاجاً على توجه العمدة آن هيدالغو الصهيونية، خاصة تنظيم يوم تل أبيب في باريس للترويج للسياحة الإسرائيلية ولنمط العيش الإسرائيلي. وأما التجمع الثاني، فيتم في نفس المكان، لكن على الساعة الخامسة مساءً. وكان التجمع فرصة للاستماع لشهادات من الناجين من هذه المجزرة. حكايات حزينة عن عُرسٍ أرادوه مَرِحاً في بلد حقوق الإنسان فإذا به يتحول إلى مآتم ومآس وذكريات مريرة.




المناسبة كانت فرصة لاستعادة تاريخ مؤلم من العلاقات الفرنسية الجزائرية، اشتد فيها القمع على الجزائريين، في اليوم الذي انطلقت فيه ثورتهم المجيدة سنة 1954، وحتى تحقيق الاستقلال. والحقيقة، كما قال أحد المتحدثين هي "إن القمع طاول كلَّ من يمتلك سحنة تشبه سحنات الجزائريين، ليس فقط من المغاربيين، بل حتى من أميركا اللاتينية، ولعل أشهرهم على الإطلاق، الحاصل على جائزة نوبل للأدب، الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، الذي زار مرات عدة زنازين الشرطة الفرنسية لاعتقادها بأنه جزائري، بسبب شاربه الكث، وهناك تعرف إلى القضايا العربية وبدأ يدافع عنها".

"الثورة الجزائرية ألهمت الكثيرين في العالم"، قال أحد الحاضرين، و"لكن وزن الجزائر، عربياً وإفريقياً ودولياً، اليوم، يقترب من الصفر".

اقرأ أيضاً: دراسة: 14 مليون جزائري يعيشون تحت خط الفقر

المساهمون