التغيّر المناخي يهدد الاقتصاد العربي بأزمات عميقة

التغيّر المناخي يهدد الاقتصاد العربي بأزمات عميقة

16 سبتمبر 2015
الزراعة العربية تتأثر بالأوضاع المناخية (الأناضول)
+ الخط -
يعيش العالم اليوم على وقع الصراعات السياسية والحروب، إلا أن مسألة تغير المناخ وتأثيراته على الحياة العامة، تأخذ حيزاً كبيراً من نشاط المعنيين بهذه القضية على مستوى العالم.
خلال مؤتمر القمة المعني بالمناخ للعام 2014، والذي أجري في مقر الأمم المتحدة، اتفق المسؤولون الدوليون على خفض الانبعاثات السامة بنسبة 40% بحلول العام 2030، و80% بحلول العام 2050، والاعتماد على اقتصاد خال من الكربون، بالإضافة إلى اعتماد الوظائف الخضراء. وبالرغم من الجهود الدولية إلا أن الدول النامية ما زالت الحلقة الأضعف في مواجهة التبدل المناخي، وهي الأكثر تضرراً من ارتفاع درجات الحرارة، والاحتباس الحراري. فشعوب الدول النامية تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي لمعيشتها، واليوم في ظل التبدلات المناخية، فإن مصدر رزقها بات مهدداً، لا بل إن الأمن الغذائي بحد ذاته يواجه الخطر.

الأمن الغذائي في خطر

وفي هذا الإطار، تقول أدريانا دينوو، المنسقة التنفيذية للوحدة العالمية لتمويل البيئة لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير بعنوان " ثمانية بلدان تُصقل استراتيجيات التكيُّف مع التغير المناخي على المدى الطويل" إن الأمن الغذائي خلال العقود المقبلة يتوقف على القدرة الجماعية للابتكار والتكيف مع تغير المناخ. وتشير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في نفس التقرير إلى أن البلدان النامية أكثر عرضة للخطر، حيث يعيش ثلاثة أرباع فقراء العالم بالمناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة كسبيل لمعيشتهم.

اقرأ أيضاً:الماء: شحّ الموارد الطبيعية يهدد مستقبل المواطن العربي

ولا تقف حدود المشكلة عند الأمن الغذائي وحسب، لا بل فإن انبعاثات الغازات السامة تترك أثراً على اقتصادات العديد من الدول العربية على سبيل المثال. وتظهر بيانات البنك الدولي أن الدول العربية تعاني من ارتفاع انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.
وبحسب أرقام البنك الدولي، فإن المملكة العربية السعودية تتصدر قائمة الدول العربية، حيث وصلت نسبة انبعاثات الغاز إلى 520 ألف كيلو طن في العام 2011، تبعها العراق بنحو 133 ألف كيلو طن، ثم الجزائر بنحو 121 ألف كيلو طن، وفي المقابل سجلت دول كالأردن، ولبنان وسورية أرقاماً منخفضة نسبياً، حيث سجل الأردن 22 ألف كيلو طن في العام 2011، ولبنان 20 ألف كيلو طن، سورية 57 ألف كيلو طن، وتونس 25 ألف كيلو طن.

مواد سامة

يقول الخبير البيئي مازن عبود إن ارتفاع غاز ثاني أوكسيد الكربون في الهواء مؤشر خطير على سلامة المواطن بالدرجة الأولى، فكلما ارتفع هذه الغاز تسبب في انتشار السموم في الجو، ما يعني ارتفاع نسبة الأوبئة والأمراض، ويشير إلى أن الاجتماعات الدولية تحث دول العالم على استخدام الطاقة النظيفة للحفاظ على انبعاثات الغازات السامة، نظراً لما تهدده من مشاكل اقتصادية. ويوضح أن تأثيرات هذه الغازات تكون سلبية على قطاعات أخرى، كالقطاع الزراعي، إذ إن المناطق النامية، خاصة في عالمنا العربي تستخدم وسائل بدائية، وتسبب في ارتفاع هذه الغازات السامة، الأمر الذي ينعكس عليها بطريقة سلبية، إذ يوضح أن هذه الغازات تتجمع في الغيوم، وعند هطول الأمطار، تتساقط إلى أعماق التربة، وهو ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في المزروعات أيضاً.
وبحسب البنك الدولي، فإن الاستخدام السيئ للأدوات الزراعية والمواد، أدى إلى ارتفاع انبعاثات غاز الميثان في الدول العربية، وهو ما تسبب في تبدل المناخ في العديد من الدول، وأضعف نسبة المتساقطات سنوياً. وتشير الأرقام إلى أن السودان تصدر قائمة الدول العربية من حيث ارتفاع غاز الميثان الناتج عن المخلفات الزراعية بنسبة وصلت إلى 85%، ثم سورية بنسبة 30%، والأردن بنسبة 19%، فالعراق 13%، ويؤدي انبعاث هذا الغاز إلى ارتفاع درجات حرارة الأرض، وانخفاض نسبة المتساقطات سنوياً.

يشير الدكتور صلاح الحديثي لـ "العربي الجديد" إلى أن تغيرات المناخ التي تصيب عالمنا اليوم، تتسبب في ظهور ثلاث مشاكل أساسية، أولها التصحر، غياب التنوع البيولوجي، وأخيراً غياب التنمية المستدامة. ويقول: "يحاول المسؤولون الدوليون التوقف عند مشكلات البيئة، وحث الدول الصناعية لإيلاء الاهتمام بالتبدل المناخي، ولا شك أن القمم الدولية والمواثيق التي تناولت التغيرات المناخية، أدركت أن الأمن الغذائي، وغياب التنوع البيولوجي سيكونان الحلقة الأضعف من الانبعاثات العشوائية للغازات السامة. ولذا طالبت جميع الدول بالالتزام بمعايير محددة تتعلق بالأنشطة الصناعية". ويضيف: "ولكن ما يحدث على أرض الواقع من نتائج، يظهر وبشكل أساسي، مدى تضرر الدول من التغيرات المناخية. فالحروب واستخدام الأسلحة ذات الرؤوس الكيميائية، وحرق آبار النفط، كلها عوامل لوثت التربة في العراق على سبيل المثال، وأدت إلى توقف الأنشطة الزراعية، وتحويل البلاد من مصدر إلى مستورد، كذلك الأمر في دول أخرى".
ويلفت الحديثي أيضاً أن تغير مجرى الرياح، والمتساقطات تلعب أيضاً دوراً في ارتفاع نسبة التصحر، وهو ما يهدد الأمن الغذائي العالمي.

اقرأ أيضاً:الجوع: قاتل صامت يتربّص بملايين الفقراء العرب

المساهمون