البدائل الطاقوية

29 أكتوبر 2014
استيراد الطاقة من الدول المجاورة(صلاح ملكاوي/فرنس برس/getty)
+ الخط -
يعيش العالم أزماتٍ اقتصادية في الدول المتقدمة واضطراباتٍ أمنية في ‏بعض الدول النامية وانتعاش اقتصادي في بعض الأسواق الناشئة. وفي ظل عدم الاستقرار الذي يطبع مسار الاقتصادات العالمية، يتنامى الطلب ‏على الطاقة، وتواجه أسعار النفط والغاز خطر التذبذب الدائم. هذه المشكلات، دفعت الكثير من الدول للبحث عن بدائل عن النفط والغاز في عملية توليد الطاقة.
في الحالة الأردنية تحديداً، دقت تداعيات الحرب في سورية ناقوس الخطر. فقد تنبه ‏المسؤولون والباحثون إلى ضرورة إيجاد مخرج يقلل من اعتماد البلاد على ‏مصادر الطاقة الأحفورية من نفطٍ وغاز في عملية توليد الطاقة الكهربائية، وذلك بعدما ارتفع الطلب على الكهرباء، وتبيّن وجود ثغرات كذلك في استمرارية استجرار الطاقة. ‏
إذ يستورد الأردن حالياً أكثر من 98% من مجمل احتياجاته من الطاقة. لتصل ‏تكاليف الطاقة المستوردة العام الماضي إلى ما يقارب أربعة مليارات دينار. أي ‏ما يشكل نحو 21% من الناتج المحلي الإجمالي في بلدٍ تعاني موازنته من عجز ‏يتجاوز ملياري دينار سنوياً.
وازدادت الأمور تعقيداً مع انقطاع إمدادات الغاز ‏الطبيعي المصري نهائياً عن الأردن منذ 20 نيسان/ أبريل الماضي بعد مراوحة في الإمدادات دامت نحو ‏أربعة أعوام. ما رفع إجمالي خسائر شركة الكهرباء الأردنية الوطنية إلى نحو 4.5 مليار ‏دولار أميركي حتى نهاية شهر أيار/مايو الماضي. ‏
لم يكن أمام الحكومة الأردنية من بدائل سريعة سوى استمرار الاستدانة لسد العجز المتفاقم، ‏حتى وصلت المديونية الإجمالية في نهاية شهر آب/ أغسطس الماضي إلى 28 مليار دولار أميركي. وهو رقم قياسي وغير مسبوق. وكانت الحكومة قد قامت برفع الدعم عن المشتقات ‏النفطية قبل نحو عامين، وأتبَعت هذا القرار برفع أسعار الطاقة الكهربائية على المنازل ‏والشركات مطلع العام الحالي. وهو ما أدى إلى إضعاف القدرة الشرائية للمواطن ‏الأردني بشكل كبير، وزيادة الأكلاف التشغيلية على المؤسسات والشركات في كافة القطاعات الاقتصادية.‏
لكن، في أفق هذه الأزمة، تتوافر حلول أخرى أكثر نجاعة وبعيدة عن الاستدانة وعن إجراءات رفع الدعم أو الضرائب. حلول ‏تستطيع الحكومة البدء بها لمواجهة أزمة الطاقة المتزايدة. إذ لا يخفى على أحد أن الطاقة المتجددة والبديلة ‏متنوعة في الأردن سواء في مجال الطاقة الشمسية أو الرياح أو استخراج الصخر ‏الزيتي. ‏
ومن المعروف أن الأردن من أفضل المواقع في المنطقة من ناحية تعرضها ‏للإشعاع الشمسي. وبالتالي فإن توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية سيكون ‏من المشاريع المهمة التي تستفيد من سطوع الشمس لمدة لا تقل عن 330 يوماً في السنة. ‏
كذلك، تبرز الحلول الأخرى، منها ما يتعلق بالصخر الزيتي. فمن المعلوم أن سعر الطاقة المستخرجة من الصخر الزيتي ‏أرخص ثمناً من تلك المستخرجة من أي مصدر نفطي آخر‎.‎‏ وهنا نستذكر التجربة الرائدة ‏في هذا المضمار لجمهورية استونيا، فهي تغطي احتياجاتها من الكهرباء بنسبة 100% عن طريق الحرق المباشر للصخر الزيتي المتوافر لديها.
وقد كانت ‏هناك دراسة حول كميات الصخر الزيتي المتوافرة في الأردن والتي قامت بها ‏شركة استونية في عام 2011، وتوصلت إلى وجود مخزون من الصخر الزيتي في ‏الأردن يمكن استغلاله لنحو 900 عام.
أما طاقة الرياح، فقد أصبحت تلقى اهتماماً أكبر من قبل الدولة، مع قرب تنفيذ أول ‏مشروع تجريبي لتوليد الطاقة الكهربائية بواسطة قوة الرياح في جنوب الأردن، ‏بالشراكة مع شركة يابانية متخصصة في هذا المجال. ولكن الأردن بحاجة ماسة لتكثيف مشاريع كبرى في ‏توليد الطاقة من الرياح خلال الفترة المقبلة، لزيادة الإفادة من المصادر الطبيعية في توليد الطاقة الكهربائية.‏
إذاً، مصادر الطاقة المتجددة والبديلة متوافرة في الأردن. وهي خليط من المصادر التي من ‏الممكن أن تغطي حاجة الأردن للكهرباء خلال العقود المقبلة. وفي حال تم استثمارها بالشكل ‏الصحيح ستساعد في التقليل من الاعتماد على النفط مستقبلاً كمصدر وحيد ‏للطاقة، وتساعد في التوليد الذاتي للكهرباء، وفق مشاريع مستدامة، وتساهم في توفير أموال طائلة يتم إنفاقها من الموازنات العامة لاستيراد النفط من الخارج لزوم تأمين حاجة الأردن من الكهرباء.‏
(محلل اقتصادي أردني)
المساهمون