خارطة الاستثمار في مصر: تنوّع وحوافز

10 ديسمبر 2014
السياحة من القطاعات التي تشهد تراجعاً في النمو(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
ثلاث سنوات من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية والأمنية، ستكون كفيلة ‏بتصدع أي اقتصاد مهما بلغت قوته. بيد أنَّ الاقتصاد المصري رغم اختلال ‏توازنه، ظل مُتمسكاً بتحقيق معدلات نمو سنوية ولو ضئيلة في الناتج المحلي الإجمالي، ‏الذي يقيس كل ما تم إنتاجه داخل حدود الدولة.‏ فما هي مزايا الاقتصاد المصري؟ وما هي القطاعات الاستثمارية الواعدة فيه؟

الاستهلاك والتجارة والصناعة
طبعاً، منحت القوة الاستهلاكية الكبيرة في بلد يمتاز بالكثافة السكانية، ‏القوة للعديد من القطاعات الهامة، أبرزها: تجارة الجملة والتجزئة والنقل ‏والخدمات اللوجيستية والتخزين والصناعات التحويلية.‏
وبحسب خطّة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد للعام المالي 2014-2015، من المتوقع أن يساهم ‏الاستهلاك النهائي الخاص بنسبة 81.5% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما ‏يعادل 1.383 تريليون جنيه مصري (193.43 مليار دولار أميركي). ‏
ويعتبر الرئيس التنفيذي للشركة الاستثمارية "ريدج كابيتال القابضة" أحمد عبد الغني، ‏قطاع الصناعات الغذائية، المحرك الرئيس للاقتصاد المصري. إذ يعمل ‏هذا القطاع على تنشيط عدد من القطاعات الأساسية، منها الزراعة والصناعة والنقل ‏البري والبحري ومستودعات التخزين والأنشطة التجارية.‏
وتقدِّر الموازنة المصريّة لعام 2013-2014 حجم قطاع تجارة الجملة ‏والتجزئة بنحو 209.1 مليارات جنيه، مسجلة نمواً بنحو 56.8% مقارنة بعام ‏‏2009- 2010 السابق على قيام الثورة. أما نمو قطاع النقل والتخزين فقد تم ‏بنسبة 85.86% ليصل إلى 76.131 مليار جنيه. في حين كان نمو قطاع ‏المطاعم والفنادق بمعدل 23.5 % خلال فترة المقارنة، رغم تراجع نشاط ‏السياحة بفعل الاضطرابات الأمنية. ‏
ووفقاً لموازنة العام المالي الماضي، فقد استقبلت الصناعات التحويلية، ‏باستبعاد قطاع البترول، القدر الأكبر من الاستثمارات بقيمة قدرها 40.7 ‏مليار جنيه. واستحوذت هذه الصناعات على النصيب الأكبر من حيث المساهمة في الناتج المحلي بقيمة 290.944 مليار جنيه. ‏

مستقبل استثماري زراعي
وبنبرة متفائلة يؤكد عبد الغني، أن مصر بإمكانها أن تعود إلى سابق مكانتها ‏في قطاع الزراعة، الذي كان يشكل المصدر الأول للإيرادات. وذلك، عبر تنفيذ ‏مشروع استصلاح وزراعة أربعة ملايين فدان خلال السنوات الأربع المقبلة.‏
‏ويقول: "المطلوب هو الحذر والدقة البالغة عند اتخاذ كل خطوة في المشروع، حتى لا نكرر ‏مأساة استصلاح بعض الأراضي". حسب عبد الغني الذي يوضح أن ‏الدراسات والعمليات التنفيذية الخاطئة، أسفرت عن فشل مشروعات قومية ‏هامة خلال السنوات الماضية.‏
وتقع مصر تحت وطأة تقلبات أسعار الغذاء العالمية إذ تعتبر أكبر مستورد ‏للقمح في العالم بحجم واردات تبلغ تسعة ملايين طن سنوياً، بل إنها تؤمن 40% ‏من احتياجاتها الغذائية من الخارج.
وفي رأي عبد الغني، أن الخطوة الأولى قد بدأت على طريق تحويل هذه التحديات إلى فرصٍ استثمارية عبر طرح ‏مشروعات التوسع في استصلاح الأراضي. ومن هذه المشاريع مشروع إنشاء ‏المركز اللوجيستي العالمي للحبوب والغلال والسلع الغذائية بتكلفة استثمارية ‏‏13.1 مليار جنيه على مساحة 3.350 مليون متر مربع. ‏

السياحة .. النجم الخافت ‏
حصيلة إيرادات السياحة الوافدة إلى مصر في 2010 وصلت إلى ‏12 مليار دولار، لتشكل حينها المصدر الأول لتدفقات النقد الأجنبي، ‏قبل أن تتراجع إيرادتها إلى 5.8 مليارات دولار بنهاية 2013.‏
‏"إنه من أبرز القطاعات المُكبلة التي تصنف كمخزون للنمو الاقتصادي"، هكذا يصف رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، ياسر عمارة دور النشاط ‏السياحي في الاقتصاد المصري.‏
ويضيف عمارة أن السياحة تعتبر أكثر الأنشطة تأثراً بالاضطرابات السياسية ‏والأمنية، وتزداد أهميتها نظراً لاعتماد البلاد عليها لتأمين جانب كبير من ‏الاحتياطي النقدي الأجنبي. لذا تعكف وزارة السياحة على تنفيذ برامج ‏تنشيطية في الدول الأوروبية حتى تبقى السياحة المصرية على قيد الحياة.‏

الثروة المعدنية مفتاح التطور ‏
ويعتبر متابعو الشأن الاقتصادي أن تنوع مصادر دخل الاقتصاد ‏المصري وثرواته، أحد أهم الأسباب في عدم انهيار الاقتصاد. ففي الوقت الذي تراجع فيه ‏دور السياحة، لاحت في الأفق قطاعات أخرى سترسم مستقبل الاقتصاد، على رأسها الثروة المعدنية.‏
وهو ما يؤكده عماره قائلاً إن "الدراسات الجيولوجية التي قامت بها الهيئة ‏العامة للثروة المعدنية كشفت عن تمتع الصحراء الشرقية وسيناء بمخزون ‏كبير من الثروات التعدينية سواء خامات انشائية وصناعية مثل الحديد ‏والألمنيوم والنحاس والمحاجر. إضافة إلى معادن نفيسة وعلى رأسها الذهب". ‏ ويكمل أن الثروة التعدينية ما زالت لا تلعب الدور المطلوب منها في تحفيز ‏الناتج المحلي الإجمالي. إذ تقدر مساهمتها خلال العام المالي الماضي بنحو ‏‏7.419 مليارات جنيه فقط.
ووسط التحولات التي تشهدها مصر، تظهر قناة السويس التي تربط حركة ‏التجارة البحرية بين أوروبا وآسيا مجدداً في مسرح الأحداث. فإيرادات القناة ‏البالغة 5.3 مليارات دولار ومرشحة للوصول إلى 13 مليار دولار سنوياً.
ويعتبر العضو المنتدب لشركة "آرشر" للتطوير المالي، الدكتور محمد نادر، أن قناة ‏السويس الجديدة هي جسر العبور للاقتصاد المصري، وأن أهمية محور قناة السويس تكمن في تحويله ‏إلى مركز لوجيستي وصناعي يضم صناعات متنوعة تشمل مجمعات ‏للبتروكيماويات والصناعات التعدينية ومواد البناء والأسمدة والغزل والنسيج ‏وإصلاح السفن.‏
المساهمون