"10 أعوام، 10 نقّاد، 10 أفلام": تمرينٌ بفضائل تعليمية

"10 أعوام، 10 نقّاد، 10 أفلام": تمرينٌ ذو فضائل تعليمية

30 ديسمبر 2019
"وداعاً كارمن" لمحمد أمين بنعمراوي (الملف الصحافي للفيلم)
+ الخط -
يُقدِّم استطلاع "10 أعوام، 10 نقّاد، 10 أفلام" ـ الذي أعددناه، الناقد محمد بكريم وأنا ـ بعض أبرز الأفلام المغربية وأفضلها، المُنتجة بين عامي 2010 و2020. وهو يُنشر بالتزامن مع اليومية المغربية Al Bayane، الصادرة في كازبلانكا باللغة الفرنسية.

أسهم آمنة وشكوك
أكثر من مجرّد طقسٍ صحفي بسيط، يقضي بتقييم فترة معينة. نحن، مع هذا الاستطلاع، بصدد تمرين سينمائي ذي فضائل تعليمية لا يُمكن إنكارها، حيث ترتبط الشرعية الاجتماعية للسينما، ارتباطاً وثيقاً، بالممارسات الاستطلاعية والاستطرادية التي تصاحبها. بالنسبة إلى النقّاد، تعبّر التصنيفات المختلفة عن رسوخ السينما في بيئتها، وردود الفعل الديناميكية التي تثيرها، مع كلّ ما يُرافق الأمر من مجازفة.

عند قراءة المساهمات المختلفة، ندرك مرّة أخرى كم أنّ التمرين مفيد. تخرج السينما المغربية والنقّاد منه أكبر مما دخلته ودخلوه. تغدو لدينا بالتالي حصيلة عشرية، ترسم الخطوط العريضة للاتجاهات الرئيسية، وتسلّط الضوء على الأفلام والمؤلّفين الذين طبعوها، حيث تبرز الأسهم الآمنة (نبيل عيوش وليلى الكيلاني ومحمد مفتكر وهشام العسري وفوزي بن السعيدي وحكيم بلعباس)، وتفرض عناوينٌ نفسَها (على الحافة، براق، وليلي) كمراجع.

إنّها وسيلة لخلق صدىً آخر يردّ على حقيقة شبّاك التذاكر.

الترتيب العام
لإنجاز الترتيب العام، تمّ اعتبار عدد المرات التي ورد فيها الفيلم في القوائم، ثم في حالة التساوي، ومركز الفيلم في القوائم التي اختار فيها النقاد ترتيب أفلامهم بحسب التفضيل:

"على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "براق" (2010) لمحمد مفتكر، "وليلي" (2018) لفوزي بن السعيدي، "أشلاء" (2011) لحكيم بلعباس، "هُمُ الكلاب" (2013) لهشام العسري، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش، "موت للبيع" (2012) لبن السعيدي، "عرق الشتا" (2017) لبلعباس، "وداعاً كارمن" (2014) لمحمد أمين بنعمراوي، "النهاية" (2011) للعسري.

محمد بكريم: الوعد المعلّق
كيف نرى، من وجهة نظر مُقارِنة، العقد الذي ينتهي مقابل الذي سبقه؟ ينبغي الاعترف بأنّ العقد الأول للألفية الجديدة يتميّز بفورة معينة، وبنوع من الحماسة. كان (العقد الأول) مطبوعاً بوصول جيل جديد، يرافقه تأكيد وعود جيل طنجة (1995)، وديناميات الإنتاج للفيلمين الطويل والقصير معاً، ومهرجان مرّاكش. كلّها سمات تؤكّد طرحنا. يجب الاعتراف، في نهاية العقد الحالي (2010 ـ 2020)، بأنّ وعود الأمس لم يجرِ الوفاء بها. العناوين البارزة هي: استمرار الأزمة الهيكلية (غياب سوق داخلية تقريباً)، انقسام صارخ بين هيمنة نوع معين (الكوميديا التجارية) و"سينما المؤلّف" المتنوّعة والهامشية، واختفاء سينما المركز بينهما.
هل ينبغي لنا قراءة جوائز الدورة الأخيرة لـ"المهرجان الدولي للأفلام بمرّاكش" ـ مع فوز السينما التونسية والسينما السعودية بجوائز مرموقة ـ كإشارة تحذير؟




القائمة:
"هُمُ الكلاب" (2013) لهشام العسري، "براق" (2010) لمحمد مفتكر، "إطار الليل" (2014) لتالا حديد، "موت للبيع" (2012) لفوزي بن السعيدي، "أشلاء" (2011) لحكيم بلعباس، "على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "الطنجاوي" (2013) لمومن السميحي، "من رمل ونار" (2019) لسهيل بنبركة، "الجاهلية" (2018) لهشام العسري، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش.

أحمد فرتات: أفلام بمعايير "قوية"
كان من الصعب اختيار 10 أفلام فقط. وكان من المستحيل ترتيب (المخرجين) الـ10 المحظوظين بما يكفي ليكونوا في القائمة، بينما يستحق آخرون، لم يتمّ ذكرهم، إدراج أسمائهم فيها. جاء انتقاء الأفلام المختارة وفقاً لبعض المعايير، التي تبدو "قوية" بالنسبة إليّ. في هذه القائمة، توجد الأفلام التي تلبّي، ولو جزئياً، ثلاثة أرباع هذه المعايير، ما يجعل من الصعب تمييزها بنعم أو لا، ولكن بدرجات (مثلاً من نجمة إلى 3 نجوم). لكن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً.

هذه المعايير هي: حيوية السيناريو وصرامته، التحكّم بالسرد، الإبداع السينمائي (في الإخراج) لإذكاء المفاجأة والمتعة والعاطفة في آنٍ واحد، باختيار اللقطات وترتيبها (وكذلك المشاهد)، وضوح الحكي وسيولته (هذا المعيار لا يتناقض مع الإبداع، بل مع الهدر والتشتّت)، أهمية الموضوع والثيمة، الثقافة (الإنسانية والإنسانيات في صيغة الجمع)، الـ"سينفيليا" (أن تكون ذائبة ومتواطئة داخل العمل وليست صارخة)، افتتاح ونهاية مُقنعان.

القائمة:
"عرق الشتا" (2017) لحكيم بلعباس، "على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "أشلاء" (2011) لبلعباس، "فيلم..." (2011) لمحمد أشاور، "ضربة في الراس" (2017) لهشام العسري، "إسمي عادل" (2016) لعادل عزاب، "وليلي" (2018) لفوزي بن السعيدي، "براق" (2010) لمحمد مفتكر، و"أندرومان" (2012) لعزّ العرب العلوي لمحارزي، و"بلا موطن" (2018) لنرجس النجّار.

محمد أشويكة: الجامع على رأس القائمة
بعض مبرّرات اختيار "الجامع" (2011) لداوود أولاد السيد على رأس القائمة: يظهر أنّ الصراع في الفيلم يتمحور حول المسجد، كما يبدو من عنوانه. إلّا أنّ المسألة تتجاوز ذلك، لتتحوّل إلى نقدٍ عميقٍ للبنية الدينية في المغرب. فـ"الجامع" مجرّد رمز مهيمن ومُتَوِّهٍ في آنٍ واحد، لأنّ الكثافة الرمزية تتعدّاه إلى نقدِ التكوين الديني العتيق، وذهنية الفقهاء وسلطتهم في المجتمع.



أعتقد أنّ خصوصية الصورة ساهمت في إبراز ذلك بشكل بليغ، بقدرتها على اقتحام علاقة الشخوص بعضهم ببعض، وكشفها تصوّراتهم للعالم المحيط بهم. استطاع المخرج أن يقدّم لنا هذا العالم في إطار بنية فضائية مُنظّمة وخاضعة لتقطيعٍ يتناسب وتيمة الفيلم ككلّ.

ساهم هذا الاهتمام الفني بالمكان في إزالة طابع القداسة عن الفضاء، وعرّى مختلف الكواليس والالتهابات الإنسانية التي تدور في فلكه، إذْ أصبحنا أمام "مكان مفهوميّ" يُتيح إمكانية كبيرة للقراءات والتأويلات المتعدّدة.
(مقتطفات من كتابي "مجازات الصورة: قراءة في التجربة السينمائية لداوود أولاد السيد"، 2011).

القائمة:
"الجامع" (2011) لداوود أولاد السيد، "أشلاء" (2011) لحكيم بلعباس، "على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "نساء بدون هوية" (2013) لمحمد العبودي، "وداعاً كارمن" (2014) لمحمد أمين بنعمراوي، "هُمُ الكلاب" (2013) لهشام العسري، "حمّى" (2014) لهشام عيّوش، "أنديكو" (2019) لسلمى بركاش، "موت للبيع" (2012) لفوزي بن السعيدي، "كيليكيس: دوار البوم" (2018) لعز العرب العلوي لمحارزي.

يوسف ايت همو: السينما التي تحافظ على تراثنا
سأسمح لنفسي بإجراء تصنيف مؤقّت بسيط لأفضل الأفلام المغربية في العقد المنصرم. المعايير الخاصة بي هي، في العمق، جمالية وموضوعية وتقنية وثقافية.

أكّد العقد المنتهي منحى العقد السابق: معدّل إنتاج مستدام بشكل متزايد، تنويع مواضيعي ولغوي واضح. بالإضافة إلى تأكيده المواهب الموجودة فعلياً، كاشفاً عن أخرى، أجَدّ وأجرأ. درامياً، لن تفوتنا ملاحظة أنّ الاهتمام ينصبّ بشكل متزايد على القضايا الكبرى للأمة والأمازيغية والمرأة. ورغم ندرة الأماكن التي يُمكن مُشاهدة الأفلام المغربية فيها (دور السينما والقنوات التلفزيونية وغيرها)، وعزوف الجمهور عن بعض الأفلام، ورغم اللامبالاة غير المبرَّرة للبحث الأكاديمي والجامعي، وبعض الأفلام الناشزة في الفيلموغرافيا المغربية، والمنافسة غير العادلة من عمالقة الـ"ويب"، فإنّ السينما المغربية تتبع طريقاً متميّزة لحصد أفضل الجوائز الدولية، وللعب دورها في الديبلوماسية الناعمة، وفي التربية الثقافية، والحفاظ على تراثنا وذاكرتنا المشتركة.

القائمة:
"أشلاء" (2011) لحكيم بلعباس، "وليلي" (2018) لفوزي بن السعيدي، "عرق الشتا" (2017) لحكيم بلعباس، "براق" (2012) لمحمد مفتكر، "النهاية" (2011) لهشام العسري، "نصف السماء" (2015) لعبد القادر لقطع، "وداعاً كارمن" (2014) لمحمد أمين بنعمراوي، "الزيرو" (2013) لنور الدين لخماري، "الدار الكبيرة" (2010) للّطيف لحلو، "الصوت الخفي" (2014) لكمال كمال.



كوثر فردوس: "النهاية" من أجل البدء
مع نهاية عصر، بعد وفاة الملك الحسن الثاني، يصوّر "النهاية" (2011) لهشام العسري مجتمعاً مغربياً مذعوراً، باستخدام حساسية مجازية حادّة. بإخراجه الحازم، واستخدامه الممعن للقطات العلوية، المائلة أو الدائرية (180 درجة)، يغمر المخرجُ المُشاهدَ بعنفٍ جماليّ، على طريقة كوينتن تارانتينو، بالأسود والأبيض.

"الطريق إلى كابول" (2012) لبراهيم الشكيري: تمثّل هذه الكوميديا المذهلة والطريفة، و"المُناهضة للتطرّف"، قطيعة تامة مع تيار سينما الماضي. يمثّل الفيلم ـ بدقائقه الـ112، مع جماليات مناورة واستخدام مؤثّرات خاصة ناجحة إلى حدّ ما (تعطي وهم التواجد في أفغانستان) ـ مزيجاً من مواضيع متنوّعة، تتمفصل حول العلاقات الإنسانية وعلاقة الإنسان بالفكر الاجتماعي.

"يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش: يتساءل المخرج، في فيلمه المستوحى من الهجمات الإرهابية في 16 مايو/ أيار 2003 في الدار البيضاء، عن الأسباب التي أسقطت شاباً عادياً في الإرهاب، ليصبح مُرشّحاً لـ"الاستشهاد". يُصوّر عيّوش ببراعة عملية غسل عقول الشباب، الذين يُعانون البطالة، من طرف الإسلاميين.

القائمة:
"النهاية" (2011) لهشام العسري، "الطريق إلى كابول" (2012) لإبراهيم الشكيري، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش، "جوق العميين" (2014) لمحمد مفتكر، "الريف 58 ـ 59 كسر الصمت" (2015) لطارق الإدريسي، "صمت الزنازين" (2017) لمحمد نبيل، "بلا موطن" (2018) لنرجس النجّار، و"كيليكيس... دوار البوم" (2018) لعزّ العرب العلوي لمحارزي، "صمت الفراشات" (2018) لحميد باسكيط، "مسافة ميل بحذائي" (2016) لسعيد خلاف.

مجيد السداتي: أفلام عبرت القلوب والحدود
يصعب عليّ المفاضلة بين هذه الأفلام التي انتقيتها. لذلك، ارتأيتُ تصنيفها حسب الأعوام. هناك طبعاً قواسم مشتركة بينها. يُميّزها تفرّدها في الكتابة، وخروجها عن النمط المهيمن، والمجازفة في الإخراج بالتجريب وكسر القواعد المألوفة، وتفكيك البنية السردية الخطية، وتبديد الحدود بين التخييلي والوثائقي. أفلام أولت أهمية للأبعاد الشكلية والتشكيلية والجمالية للصورة والصوت، وتميّزت بجرأتها في طرح المواضيع، وبسخريتها اللاذعة، وبتمرّدها على واقع معقّد، برصد التفاصيل الدقيقة بلمسة إنسانية وشعرية ساحرتين، بعيداً عن المباشرة والسطحية و"الرسالة" والوعظ.

أفلام انشغلت بالهموم الاجتماعية والسياسية للوطن، وقضايا المهمّشين والمطحونين (في الفضائين الحضري والقروي)، من دون مهادنة أو مزايدة أو مغالاة. أفلام غاصت في الحالة الوجدانية، وعمق المكنون الإنساني، وكشفت عن آلامه وآماله وأحاسيسه وأفكاره بكل صدق. جلّ شخصيات هذه الأفلام هشّة ومهمّشة، لكنها في الوقت نفسه عنيدة ومُشاكسة ومُقاوِمة، حتى إن لم تُحقّق مبتغاها.

ستظلّ هذه الأفلام، بنظري، من أهم ما أنتجته السينما المغربية المعاصرة في العقد الثاني من الألفية الثالثة. أفلام وإنْ عجزت عن الصمود في القاعات التجارية، استطاعت أن تعبر القلوب والحدود.

القائمة:
"براق" (2010) لمحمد مفتكر، "الجامع" (2011) لداوود أولاد السيد، "النهاية" (2011) لهشام العسري، "على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "هُمُ الكلاب" (2013) للعسري، "حمى" (2014) لهشام عيّوش، "وداعاً كارمن" (2014) لمحمد أمين بنعمراوي، "إطار الليل" (2014) لتالا حديد، "عرق الشتا" (207) لحكيم بلعباس، "وليلي" (2018) لفوزي بن السعيدي.

جمال الخنوسي: سينما تروم شباك التذاكر
بالاطّلاع على لائحة الأفلام المُنتجة خلال العشرية الماضية، لا بد من تسجيل ملاحظات:

1ـ) تفاوتٌ في مستوى الإنتاجات، والوتيرة غير المستقرة بين عام وآخر، حيث إنّ مستوى الأفلام يحدّده أفراد معيّنون، وليس التطوّر العام.

2-) بروز سينما تروم شبّاك التذاكر، تمكّنت من جذب جمهور واسع، وإعادته إلى القاعات عبر أفلام كوميدية، عرفت نجاحاً واسعاً: "في بلاد العجائب" لجيهان البحار، و"الطريق الى كابول" لإبراهيم الشكيري، و"الحنش" لإدريس المريني، و"الحاجّات" لمحمد أشاور.

3-) غياب أدوات أو آليات لقياس جودة الإنتاجات: كتابة نقدية نادرة، ومشاركة في المهرجانات تحكمها الشللية والعلاقات، وضجيج حول السينما من دون الكتابة عنها، وشبّاك تذاكر هزيل مع شبه اندثار للقاعات.

4-) بروز تيار انتهازي يتزعّمه نبيل عيوش، باعتباره أباً لسينما ذات حمولة كولونيالية، تتعامل مع المواضيع بمنطق "الفرجة" على قضايا "الأهالي" (ليزانديجان)، حيث تغلب التيمة على التناول الفني من خلال مجهود تسويقي محكم، لبيع جراح المجتمع في مهرجان "كانّ" أو لـ"كنال بلوس". هذا التيار الانتهازي يضمّ، إلى عيوش، زوجته مريم التوزاني وابنيهما "غير الشرعيين" علاء الدين الجم ومريم بنمبارك.

القائمة:
"وليلي" (2018) لفوزي بن السعيدي، "على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "عرق الشتا" (2017) لحكيم بلعباس، "موت للبيع" (2012) لبن السعيدي، "براق" (2010) لمحمد مفتكر، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش، "في بلاد العجائب" (2017) لجيهان البحار، "الطريق إلى كابول" (2012) لبراهيم الشكيري، "كلنا أبطال" (2019) لهند بنصاري.

كريم واكريم: خيار الانفتاح
وأنا أعيد تصفّح عناوين أفلام العقد المنصرم، وجدتني أمام اختيارين: إما التركيز فقط على بضعة مخرجين، لا يتجاوز عددهم 4، وأختار أكثر من فيلم لهم في لائحتي لأفضل 10 أفلام مغربية، أو أكون أكثر انفتاحاً، وأضمّ مخرجين آخرين لا تقلّ أفلامهم، فنياً، عن أفلام المخرجين الأولين. اخترتُ الأسلوب الثاني، الذي بدا لي أكثر عدلاً، وغير راديكالي في الاختيار. وحتّى لا أكون ظالماً، فلو أنّ اللائحة تتّسع لأكثر من 10 أفلام، لاخترت أفلاماً لمخرجين آخرين، أظنّ أنّ مستواها الفني والسينمائي ليس بعيداً كثيراً عن مستوى الأفلام المختارة.

حول بروز بعض الحساسيات وبعض الوجوه، أعتبر "ميلوديا المورفين" ومخرجه هشام أمل، الذي رتّبت فيلمه في المرتبة الـ10، أهمّ اكتشاف سينمائي في هذا العقد، ليس فقط للدهشة التي خلقها فينا كمفاجأة سارة، بعرضه في إحدى الدورات الماضية لـ"المهرجان الوطني للفيلم"، بل أيضاً لشغف مخرجه الشاب ودخوله مغامرة الإنتاج الذاتي، بشكل نشاهده قليلاً في مشهدنا السينمائي، ليعطي فيلماً جميلاً سيعيش طويلاً.

القائمة:
"وليلي" (2018) لفوزي بن السعيدي، "أشلاء" (2011) لحكيم بلعباس، "على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "براق" (2010) لمحمد مفتكر، "هُمُ الكلاب" (2013) لهشام العسري، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش، "موت للبيع" (2012) لبن السعيدي، "أفراح صغيرة" (2016) لمحمد الشريف الطريبق، "ملاك" (2013) لعبد السلام الكلاعي، "ميلوديا المورفين" (2016) لهشام أمل.

سليمان الحقيوي: بوصلة الفن
أسماء قليلة من المخرجين المغاربة استطاعت تحقيق تراكم كميّ، من دون أن تفقد بوصلة الفن، وهي تقريباً الأسماء نفسها التي لا تخيِّب الظنّ، ولا تضيع معها الانتظارات، أمثال فوزي بن السعيدي وحكيم بلعباس ومحمد مفتكر وهشام العسري. صحيح أنّ الإشارة إلى السينما المغربية من خلالهم أو غيرهم ممن لم تشملهم اللائحة، نظراً إلى اقتصارها على عدد محدود، لا يُمكن أن تمثّل إلّا تجارب أصحابها، وهي تجارب جادّة، وليس تحققاً لسمات مميزّة للسينما المغربية عموماً. تجارب تؤكّد تعدّد الرؤى، وتنوّع طرق المعالجة، واختلاف المقاربات، وهذه عناصر مطلوبة في كلّ سينما تسعى إلى تحقيق الذات.

القائمة:
"موت للبيع" (2012) لفوزي بن السعيدي، "هُمُ الكلاب" (2013) لهشام العسري، "جوق العميين" (2014) لمحمد مفتكر، "وليلي" (2018) لبن السعيدي، و"صوفيا" (2019) لمريم بنمبارك، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش، "عرق الشتا" (2017) لحكيم بلعباس، "الجامع" (2011) لداوود أولاد السيد، "البحر من ورائكم" (2016) للعسري، "براق" (2010) لمفتكر.

سعيد المزواري: عدم انتظام وإشراقات فردية
ربما كان تمرين إنجاز القوائم شاقاً، أحياناً، بسبب الحيرة والتضحيات التي ينطوي عليها. لكنه، في الوقت نفسه، مفيد ومُثرٍ للغاية، لأنه يسمح، بفضل بعد المسافة المتأصّل في نهجه، بتبنّي رؤية شاملة، واستشراف الاتجاهات العامة، بدلاً من الانغماس في التدفّق اليومي وتحليل الخصوصيات.




مكّنني هذا الاستطلاع من الخروج بخلاصات كثيرة، لم أفطن إليها إلّا بعد اختيار الأفلام، بطبيعة الحال:
الأولى، والأكثر إثارة للحسرة، هي الاستقالة المؤكّدة والشاملة تقريباً للمخرجين الأكبر سناً (الجيل الثاني) لصالح جيل أواسط تسعينيات القرن الـ20، وأوائل الألفية الثالثة.

الثانية، هي عدم الانتظام المُلاحَظ بين الحصيلات السنوية، الذي يؤشّر على أنّ السينما المغربية لا تزال تعتمد على الجهد الفردي لأقلية من المخرجين، الذين يجمعون ـ مع نسبة تفوق مختلفة، لكن بخلفية من النجاح لا يمكن إنكارها ـ بين رؤية فنية متفرّدة، وطرح قوي ومترسّخ في الواقع و/ أو في المخيال المغربي. واضحٌ أننا مدينون كثيراً لطاقة الخماسي الذهبي (بترتيب تنازلي لغزارة الإنتاج): هشام العسري وحكيم بلعباس ونبيل عيوش وفوزي بن السعيدي وهشام عيوش.

هذا لا يمنع مخرجين من الطينة نفسها، ذوي إنتاجية أقلّ بسبب وفائهم لمقاربة متأنية (محمد مفتكر)، أو لاعتبارات شخصية (ليلى الكيلاني)، من أن يكونوا ثمينين بالقدر نفسه. هناك آخرون لم يسع عدد الأفلام من إدراجهم، رغم أفلامهم الواعدة، كعبد السلام لكلاعي وهشام أمل.

تجدر الإشارة أيضاً إلى بعض خيبات الأمل، المتمثّلة بغياب إسماعيل فروخي ونور الدين لخماري، بعد وعود "الرحلة الكبرى" (2004) للأوّل، و"كازانيغرا" (2008) للثّاني. بالتالي، إنّ عدم الانتظام لا يمكن إلّا أنّ يؤشّر، مرة أخرى، على فشل المنظومة (فلسفة صندوق الدعم، وتكلّس القوانين المؤطّرة، ونفعية بعض السلوكات التي تطبع ممارسة السينما عندنا)، وعدم قدرتها على إطلاق ديناميكية، من شأنها أن تسمح للسينما المغربية بالإقلاع. لكن، بعيداً عن نيّة تبرئة المؤسّسات الوصيّة، لماذا نوجّه الاتّهام دائماً إلى الرسميين، بينما الثورات الجمالية كلّها ("الموجة الجديدة"، و"سينما نوفو"، و"دوغما 95")، في تاريخ السينما، كانت ثمرة تمرّد مخرجين ونقّاد وممثلين وفنّيين على المنظومة السائدة؟ أليس هذا جديراً بالتأمّل؟

القائمة:
"على الحافة" (2012) لليلى الكيلاني، "موت للبيع" (2012) لفوزي بن السعيدي، "هُمُ الكلاب" (2013) لهشام العسري، "جوق العميين" (2014) لمحمد مفتكر، "يا خيل الله" (2013) لنبيل عيّوش، "أشلاء" (2011) لحكيم بلعباس، "ضربة في الراس" (2017) للعسري، "خويا" (2013) لكمال الماحوطي، "شقوق" (2010) لهشام عيّوش، "وداعاً كارمن" (2014) لمحمد أمين بنعمراوي.

دلالات

المساهمون