أفريقيا جنوب الصحراء تقع فريسة لفيروس كورونا

أفريقيا جنوب الصحراء تقع فريسة لفيروس كورونا

11 اغسطس 2020
يهدد كورونا القطاع الصحي برمته في أفريقيا (Getty)
+ الخط -

بدأت دول أفريقيا جنوب الصحراء تدق ناقوس الخطر بعد ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا، نظراً للتداعيات المباشرة على السكان الذين يعانون أصلاً من أمراض مزمنة. هذه الكارثة الصحية، بحسب ما تصفها منظمة الصحة العالمية، من شأنها أن تهدد القطاع الصحي برمته.

وبحسب دراسة أجرتها مجلة ذا لانسيت الطبية، بعنوان" الآثار المحتملة لتعطيل برامج فيروس نقص المناعة البشرية في أفريقيا جنوب الصحراء بسبب كوفيد 19"، فإن انتشار فيروس كورونا سيتسبب في كارثة صحية بالنسبة لمرضى فيروس نقص المناعة  HIV. ووفق الدراسة، فإن نحو 38 مليون شخص يعانون من نقص المناعة البشرية معرضون للإصابة بفيروس كورونا بمعدلات تصل إلى أكثر من 6 مرات مقارنة مع دول أخرى.

انتشار فيروس كورونا سيتسبب في كارثة صحية

ويشير معدوها  إلى أن زيادة انتشار كوفيد 19 بين المواطنين سيكون لها نتائج سلبية على القطاع الصحي، إذ من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى انقطاع الإمدادات بالعقاقير المضادة لفيروس نقص المناعة، وتأثر بالتالي نحو 50 بالمائة من السكان.

وبالإضافة إلى انقطاع الإمدادات بالعقاقير المضادة للفيروسات القهقرية، فإن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات أيضاً ستكون عاجزة عن معالجة أي مريض خلال الأشهر الستة المقبلة.

ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة أيضاً، أن السكان لن يتمكنوا من الوصول إلى الأدوية. وبسبب سوء القطاع الصحي، فإنه من المتوقع ارتفاع معدلات الوفيات إلى أكثر من 50 بالمائة أيضاً، ما سيكون له نتائج سلبية على المجتمع ككل.

وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أشارت إلى ضرورة حماية سكان المناطق الأفريقية من تأثيرات فيروس كورونا، والقيام بحملات إرشادية لتعليمهم كيفية الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، كوسيلة رئيسية لحماية المجتمع.

وتوصي الدراسة، بأنه خلال جائحة كورونا 19، فإنه ينبغي على الحكومات والمانحين والموردين والمجتمعات الحفاظ على الإمداد المستمر بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لتجنب الوفيات الإضافية.

ولا يزال فيروس نقص المناعة البشرية منتشرًا بشكل كبير في أفريقيا جنوب الصحراء، مع إصابة  أكثر من 25.7 مليون شخص، ومن المقدر أنهم متعايشون معه منذ العام 2018. وقد بدأت الآثار السلبية لوباء كوفيد 19 في الظهور خلال الأشهر الماضية، وارتفعت حدتها  الشهر الماضي، إذ وجدت دراسة استقصائية يديرها مجلس أبحاث العلوم الإنسانية في جنوب أفريقيا، أن 13 بالمائة من الأشخاص مرضى نقص المناعة قالوا إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى أدويتهم المزمنة أثناء الإغلاق، كما يُظهر أن 30-50 بالمائة فقط من المرضى كانوا يحاولون الوصول إلى جزء من أدويتهم.

ووجد تقييم مسح سريع في زيمبابوي في إبريل/ نيسان الماضي، أن 19  بالمائة من الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية يحاولون الحصول على إعادة تعبئة دواء مضاد للفيروسات القهقرية،  إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول عليه. كما وجد مسح في كينيا ونيجيريا أجرته مؤسسة Finmark Trust في إبريل/نيسان الماضي ، أن 14 بالمائة من الأشخاص لم يتمكنوا من جمع الأدوية اللازمة.

كوفيد-19
التحديثات الحية

أمراض خطيرة

بالإضافة إلى مرض نقص المناعة البشرية، فإن دول أفريقيا تعاني أيضاً من أمراض خطيرة أخرى، فقد سجلت أفريقيا 380 ألف حالة وفاة بسبب الملاريا، ما يشكل  94 بالمائة من الإجمالي العالمي. وفي كل عام يصاب 2.6 مليون شخص في أفريقيا بالسل، مما يؤدي إلى  حدوث 630 ألف حالة وفاة.

الصورة
حملة توعية حول الملاريا في بوركينا فاسو - مجتمع
من حملة توعية حول الملاريا (Getty)

وعلى الرغم من أن أفريقيا حاولت خلال العقدين الأخيرين، تحقيق تقدم كبير في مكافحة هذه الأمراض، فإن أزمة كوفيد-19 هددت  بشكل لافت تعطيل ووقف تقدم جهود الحكومات لمعالجة الأمراض المزمنة.

 وتقيم الدراسة مقارنة ما بين النظام الصحي في الدول الأوروبية والدول الأفريقية، في إيطاليا، يوجد طبيب واحد لكل 243 من السكان، ومع ذلك، فإن بعض المناطق، ترنح نظامها الصحي تحت وطأة إصابات كوفيد-19، وبالمقارنة مع  بلدان أفريقيا، التي لديها طبيب واحد في المتوسط لكل 5000 من السكان، فإن النظام الصحي سيعاني بشكل شبه مؤكد.

الصورة
الملاريا/غيتي/مجتمع
مخاوف من زيادة الوفيات بسبب الأمراض (Getty)

وبالرغم من أن انتشار فيروس كورونا كان أبطأ في أفريقيا مقارنة بأوروبا وأميركا الشمالية، تحذر منظمة الصحة العالمية من أن الجائحة قد تمتد لبضع سنوات، الأمر الذي ينعكس بطبيعة الحال على توفر علاجات وتشخيصات السل والملاريا وغيرهما، كما ستعلق هذه الدول أيضاً توزيع الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشريةـ التي تشكل ضرورة أساسية للوقاية من الملاريا ــ قبل موسم الأمطار الغزيرة حيث ترتفع معدلات انتقال العدوى.

وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن تؤدي أزمة كوفيد-19، في ظل أسوأ السيناريوهات (تعليق جميع حملات توزيع الناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية وانخفاض القدرة على الوصول إلى الأدوية الفعّالة المضادة للملاريا بنسبة 75%)، إلى تضاعف الوفيات بسبب الملاريا هذا العام في بلدان منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. ولم تـسجَـل مثل هذه المستويات المرتفعة من الوفيات بسبب الملاريا منذ عشرين عاما.

علاوة على ذلك، تلفت الدراسة، إلى أن انقطاع العلاج المضاد للفيروسات القهقرية لمدة ستة أشهر، سيؤدي إلى حصول  أكثر من نصف مليون وفاة إضافية بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز (بما في ذلك السل) في بلدان منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا خلال الفترة 2020-2021.

المساهمون