الإعلام التونسي و"الغزو الداعشي"

الإعلام التونسي و"الغزو الداعشي"

21 مارس 2016
الحرب لم تعد بالسلاح (فرانس برس)
+ الخط -
أي حرب اليوم ربحها أو خسارتها تمر عبر "الإعلام"، والقول بسلطة الإعلام ليس من باب المبالغة بل هو يقينا بأهمية وهيمنة وانتشار هذا الوحش، وحرب الإرهاب كما أي حرب يشكل فيها الخطاب الإعلام بمختلف آلياته أغلب ملامح الصورة.

فجر السابع من آذار/ مارس الجاري تعرضت تونس لهجوم إرهابي وتحديدا في المنطقة الحدودية بنقردان والتي تمثل نقطة عبور بين تونس وليبيا، في وقت قياسي تم تداول الأخبار والصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحول المواطنون لمراسلين صحافيين ينقلون الأخبار أولا بأول، موفرين الأخبار والصور والفيديوهات وكذلك مقدمين الدعم للقوات، لعلنا هاهنا نذكر أن أسماء الشهداء من المدنيين تم تسريبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تصل من أي جهة كانت.

في مقابل ذلك كانت بعض القنوات التونسية تبث بشكل عادي برامجها اليومية متجاهلة الدماء التي تسيل في طرف البلاد، والبعض الآخر يطلب أمر تغطيته -حدثا كان من الممكن ألا تُعرف نتائجه لولا فطنة القوات الأمنية ووعي المواطنين بخطر السلطان الداعشي- ساعات لا تحصى كي يرتب الاستديو، ويستدعي ضيوفا لاستثمارهم حزبيا من أجل السب العلني وغير العلني، متناسين أن الخطر يمس تونس والشعب التونسي!

كما عمدت بعض الوسائل الإعلامية لـ "سرقة" المعلومات المتوفرة عبر فيسبوك وتويتر والتي وفرها المواطنون!

هنا لا يمكن أن يفوتني التنويه بالمجهودات المبذولة لإذاعتَي تطاوين وصفاقس؛ اللتين استطاعتا أن توفرا مراسلين ليس داخل منطقة الحدث (بنقردان) ولكن أيضا في المناطق القريبة والمجاورة مع محاولات الحفاظ على قدر لا بأس به من الموضوعية والتعامل الحذر مع المعلومات.

ما يمكن ملاحظته في الإعلام التونسي أنه مازال يجهل كيفية التعاطي مع الإرهاب، الإعلام الذي استخدمته الجماعات الإرهابية بآلياته المختلفة سواء لتجنيد الشباب أو لتمرير أفكارها.

ثمة إثارة متقصدة تعتمدها بعد الوسائل ولا يعرف ما الهدف منها، إضافة للتعامل اللا واعي مع الأحداث الإرهابية من حيث استسهال المادة الإعلامية، عدم التعامل الجدي مع المعلومات الواردة!

وهو ما يجعلنا نشاهد "إرهابا إعلاميا" يمارس فن التعامل مع الأخبار المتعلقة بالإرهاب، وهنا نستطيع أن نذكر الخبر الذي أورده أحد المواقع التونسية بأن أذان الفجر في بنقردان يوم الهجومات لم يكن أذانا عاديا!

أخبار على شكل (إشاعة) تُنسب لمصادر مجهولة، يتم تداولها بجهل تام خصوصا وأن المتمعن في نتائج هذه الأخبار لا يلاحظ إلا المزيد من الخوف والرعب المزروع داخل المجتمع، وأنها تساعد هذه الجماعات وتقدم لها دعما إعلاميا من حيث الصورة المثيرة المرسومة لها، أي أنها دعاية مجانية لهذه الجماعات!

الحرب لم تعد حرب سلاح، بل باتت حرب أفكار وصور، مالذي يستطيع أن يقنعك أكثر، والصحفي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجلس على كرسي في استديو مجهز ومكيف لينقل أصوات الرصاص، وبحسب المصدر كذا والمصدر ذاك، والمتفرج لم يعد متفرجا أصبحا صحفيا ومصورا ولديه مساحته الإعلامية الخاصة (فيسبوك وتويتر) لذا بات الصحفي مطالبا بالتحري الجيد عن معلوماته وتحقيق الأسبقية في نقل الخبر.

(تونس)

المساهمون