ارتفاع الأسعار في رمضان يدفع الليبيين لمطاردة السلع المدعومة بالأسواق

30 مايو 2017
طوابير من المواطنين ينتظرون الحصول على السلع (العربي الجديد)
+ الخط -
دفع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بحلول شهر رمضان، الكثير من الليبيين إلى البحث عن المنتجات المدعومة، التي كادت تختفي من الأسواق، وسط اتهامات من جانب جمعيات حماية المستهلك، للجهات الحكومية، بعدم القيام بدورها في الرقابة على الأسواق. 
وقال أحمد الكردي، رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن السلع المدعومة تقتصر على محلات تجارية معينة ومناطق دون غيرها، وسرعان ما تختفي من الأسواق.
وأضاف الكردي أنه لابد أن تتحمل الجهات الرقابية ووزارة الاقتصاد مسؤولية توزيع السلع على مختلف الأسواق المجمعة بالتساوي، مشيرا إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع بحلول شهر رمضان الذي يشهد إقبالاً متزايداً على شراء السلع الأساسية.
وتابع أن صندوق موازنة الأسعار (حكومي) تعهد، مطلع العام الجاري، بتوفير السلع في الجمعيات الاستهلاكية بسعر التكلفة، لكن ذلك كان مجرد وعود.
وتعتمد ليبيا على استيراد معظم احتياجاتها من الخارج بنسبة 85% من السلع. وتدعم الحكومة سعر الدولار لاستيراد السلع الأساسية من الخارج. ويبلغ سعر صرف الدولار رسميا نحو 1.4 دينار، بينما يتجاوز في السوق السوداء نحو 8 دنانير.
وقال أحمد أبولسين، عميد كلية الاقتصاد في طرابلس، لـ "العربي الجديد"، إن الأسعار في ارتفاع مستمر، ومعدلات التضخم بلغت 48%، وفقاُ لدراسات ميدانية.
وأضاف أبولسين، أنه لا يمكن الخروج من مأزق التضخم سوى برفع القوة الشرائية للدينار الليبي، وتدفق السلع إلى الأسواق، وخفض الطلب على العملة الأجنبية.
وقال المواطن عمر الأحمر، إنه يعاني في الحصول على لتر حليب أو كيلو حمص بسعر مدعوم، ويلجأ كثيراً إلى صفحات التواصل الاجتماعي لمعرفة أي الأسواق التي توزع بها السلع التي يرغب في شرائها.
وأضاف: "مند ساعات الصباح الأولى أقف أمام المحل الذي تتوفر لديه السلع، وأنتظر في طابور طويل حتى أحصل على كميات محدودة".
وتتزامن أزمة نقص السلع المدعومة وارتفاع الأسعار، مع نقص في السيولة في المصارف، مما يزيد من معاناة الليبيين في توفير احتياجاتهم.
وقال محمد الفقهي، من سكان طرابلس، إنه لا يبحث عن السلع التي تحظى بدعم سعر الصرف، ولكنه يمضي ساعات منذ الصباح في طوابير طويلة أمام المصارف التجارية لعله يحصل على 500 دينار (357 دولارا)، مشيراً إلى أن النقود تنفد بسرعة، في أغلب الأحيان، حيث لا توجد سيولة منذ مطلع شهر رمضان.
وأعلن البنك المركزي أن هناك جهودا لحل مشكلة السيولة، فيما استلم الأسبوع الماضي شحنة جديدة من العملة الورقية الليبية، التي وصلت جواً إلى مطار معيتيقة الدولي قادمة من بريطانيا، وتقدر بنحو 300 مليون دينار (214.2 مليون دولار).
وأشار مواطنون إلى أن تباري الأجهزة الإدارية المنقسمة سياسياً في المناطق المختلفة للبلاد في توفير السلع بأسعار مقبولة للمواطن، كتخصيص سلة رمضانية، بقي مجرد تصريحات إعلامية.
وتحاول معظم العائلات الليبية هذه الأيام تغيير عاداتها في الإنفاق والتأقلم مع الظروف الجديدة، من أجل الإبقاء على السيولة حتى آخر الشهر، حيث تضطر إلى شراء كميات أقل من السلع.
وارتفعت أسعار الحليب والتمور واللحوم وبعض السلع الأساسية إلى الضعف مع مطلع شهر رمضان، وفق الباحث الاقتصادي بشير المصلح، في تصريح لـ "العربي الجديد".
وكان الدعم السلعي في ليبيا يشمل 12 سلعة، وذلك حتى عام 2011، لكن هذا العدد ظلّ في انخفاض مستمر منذ بداية المواجهات المسلحة وتردّي الأوضاع الاقتصادية، في ظل تهاوي صادرات النفط الذي يشكل المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة.
وأضر الانقسام السياسي والصراع المسلح، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط العالمية منذ منتصف العام 2014، بالمالية العامة الليبية، فانخفضت إيرادات ميزانية الدولة من القطاع النفطي إلى خُمس مستواها قبل نحو 6 أعوام.
وتعتمد الميزانية العامة في ليبيا، عضو منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، بنسبة 95% على مبيعات النفط، لكن انخفاض الإنتاج وهبوط الأسعار خفضا الإيرادات بشدة.
ويبلغ إنتاج النفط حالياً نحو 800 ألف برميل يومياً، وهو ما يعادل مثلي الإنتاج قبل عامين، لكنه يظل أقل من مستوياته المرتفعة البالغة 1.6 مليون برميل يومياً مطلع 2011.
ويخصص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها الخبز والوقود وخدمات مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج.
المساهمون