بايرن بعد أنشيلوتي...خيار حالم وآخر واقعي وثالث غير متوقع

بايرن بعد أنشيلوتي... خيار حالم وآخر واقعي وثالث غير متوقع

30 سبتمبر 2017
البافاري أقال أنشيلوتي بسبب الأداء المتواضع (Getty)
+ الخط -

أعلنت إدارة بايرن ميونخ خبر إقالة كارلو أنشيلوتي رسمياً، بعد ساعات قليلة من الخسارة الثقيلة أمام باريس سان جيرمان، في قمة دوري الأبطال بملعب حديقة الأمراء. وخرج كارل هانز رومينيغه متحدثاً لوسائل الإعلام، وصرح بأن النادي يقدم الشكر للمدرب الإيطالي، وأنه يرتبط شخصياً بصداقة وطيدة معه على المستوى الشخصي.

لكن وفقاً للأمور الرياضية والناحية الاحترافية، فإن قرار الانفصال هو المناسب للطرفين، لذلك حزم الإيطالي أمتعته سريعاً ورحل بعيداً عن بافاريا بالكامل، على الرغم من الأمنيات الكبيرة التي عقدها أنصار النادي على الرجل، بعد تولّيه المهمة منذ أكثر من عام، خلفاً للإسباني بيب غوارديولا.

فترة صعبة
تصدّرت أخبار أنشيلوتي واجهة الصحف الكروية، بعد خسارة بايرن أمام باريس بالثلاثة، وأكد أكثر من مصدر كبيلد وكيكر، أن إدارة ميونخ تفكر جدياً في الإطاحة به، وزاد الأمور تعقيداً حديث رومينيغه للاعبين بعد اللقاء في حضور المدرب، لدرجة أنه قال بغضب شديد "ما رأيناه أمام باريس شيء سيئ، هذا ليس بايرن ميونخ ولا يمت بصلة له. ولا يتعلق الأمر فقط بفارق بسيط، لكن ما نشاهده مؤخراً بعيد كل البعد عن تطلعات الجمهور والمديرين". وجاءت هذه الكلمات لتؤكد بما لا يدع أي مجال للشك، أن أيام كارلو في ألمانيا معدودة، ليأتي الخبر الرسمي سريعاً بتأكيد الإقالة.

وأكد مصدر موثوق آخر لشبكة "Espn" بأن معظم نجوم الفريق طلبوا من الإدارة التضحية بأنشيلوتي بعد مباراة باريس سان جيرمان، وعندما سُئل روبين عما إذا كان اللاعبين يثقون في مدربهم لم يرد الهولندي بالنفي أو الإيجاب، في دلالة واضحة على سقوط المجموعة خارج الملعب لا داخله فقط. وبالنسبة للشق التكتيكي، فإن كارلو لم يجد نوعية النجوم التي يريدها في ميونخ، ولم توافقه الإدارة في أمور عدة خاصة بالبيع والشراء، ليتحول أداء الفريق إلى نسخة غير متوافقة، فردياً وجماعياً وخططياً.

قررت الإدارة بعد ذلك الرهان على ويلي سانيول، المدرب المساعد الحالي واللاعب السابق في صفوف بايرن، ليكون مدرب الفريق في المباراة المقبلة بالدوري. وأشارت مصادر قناة "ZDF" الألمانية بأن إدارة النادي البافاري ستفكر في أمر المدرب الجديد خلال فترة التوقف المقبلة، لمشاركة المنتخبات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، وبالتالي فإن كل شيء وارد حدوثه، سواء بالتعاقد مع اسم جديد أو حتى بقاء سانيول.

سانيول
لعب ويلي سانيول لفترة طويلة مع فريق بايرن ميونخ، بالتحديد منذ عام 2000 حتى 2009، ولم يشارك الفرنسي مع أي فريق آخر بعد ذلك، وتألق في مركز الظهير الأيمن دفاعياً. لم يكن لاعباً مميزاً بالشق الهجومي، لكنه امتاز بالهدوء والنضج الفني، ليعتمد عليه مختلف المدربين بالنادي. وبعد اعتزاله، قام بتدريب منتخب فرنسا تحت 21 عاماً، لكنه لم يبق معهم طويلاً، لينتقل إلى الدوري الفرنسي، ويقود فريق بوردو لمدة عاملين، من 2014 إلى 2016.

حصل بوردو مع سانيول على المركز السادس في "الليغ "1 في موسمه الأول، قبل أن تتدهور الناتج بالموسم الثاني، وتقرر الإدارة إقالته لسوء الأداء. واعتمد المدرب على خطة (4-4-2) في معظم مبارياته، بوجود ثنائي هجومي صريح وخلفه صانع لعب بالعمق في المركز 10، وحصل التونسي وهبي الخزري على هذا المكان، ليتمركز بالقرب من الهجوم والوسط في آن واحد، مع وجود ثلاثي بالمنتصف، لاعب ارتكاز دفاعي وأمامه ثنائي بين العمق والأطراف، وبالتالي يفضل الفرنسي تركيبة الجوهرة في الارتكاز، أي لاعب بالأمام وآخر بالخلف وبينهما ثنائي مائل.

من الصعب توقع خطة بايرن بالمباراة المقبلة، وليس من المنطقي أن يلعب المدرب بهذا الشكل، خصوصاً أنه في أغلب التوقعات سيكون خياراً مؤقتاً، لذلك لن يبتعد عن رسم (4-3-3) بنفس الأدوات السابقة، مع إعطاء الفرصة من جديد لكبار النجوم كريبري وروبين على الأطراف، بالإضافة لمولر وليفاندوفسكي بالعمق، رفقة ثنائي محوري بالارتكاز، للوصول إلى بر الأمان قبل التوقف، ومن ثم البحث عن اسم جديد، ويبدو أن كل الطرق تتجه إلى توماس توخيل.

خيار غوارديولا
ما لا يعرفه كثيرون أن غوارديولا رشح توماس توخيل لخلافته في بايرن، بعد قراره النهائي بعدم التجديد، ورغبته في ترك ألمانيا بالكامل إلى إنكلترا. واجتمع المدرب الأسبق مع رومينيغه وأبلغه باقتراحه الخاص بتولي قائد دورتموند السابق المهمة، لكن إدارة ميونخ تخوفت من الأمر، وقررت الذهاب إلى نجم كبير في عالم التدريب كأنشيلوتي، لكن بعد الفشل الأخير ربما يعود الاهتمام من جديد، خصوصاً أن معظم الصحف الألمانية تتحدث عن توخيل وكأنه المدير الفني المقبل بشكل شبه رسمي.

توماس مختلف عن أنشيلوتي كثيراً، يؤمن بالضغط والدفع إلى الأمام، وأقل براغماتية من الإيطالي العجوز، ويفضل المزج بين النهج الهجومي واللا مركزية في نفس الخطة. لا يعيش على التقليد، بل يحترم أيضا الفكر الألماني القائم على التحولات السريعة والضغط المرتفع، لذلك كان يطلب من لاعبيه باستمرار أثناء قيادته لماينز بلعب الكرات الطولية في نصف ملعب المنافس، حتى يحاول سريعا الانقضاض على المدافعين، ومحاولة الوصول إلى المرمى بأقل عدد ممكن من التمريرات، مع جرأة أكبر خلال فترة وجوده مع بروسيا دورتموند، ليقدم أسود "الفيستفالين" نسخة هجومية رائعة، خصوصاً في الموسم الأول مع وجود مخيتاريان وهوملز وإلكاي غوندوغان.

وعلى الرغم من كل مزايا توخيل وقوته التكتيكية، إلا أنه يعاني من عيوب أيضاً، كاندفاعه الهجومي في بعض المباريات الكبيرة، وكثرة تغييره للخطط أثناء اللعب، مع صدامه بالإدارة في بعض الأحيان، في ما يتعلق بالتخلي عن لاعب أو شراء آخر، وهي تقريباً نفس المعضلات التي عكرت صفو علاقة غوارديولا بالنادي الألماني وجمهوره، مع قلة خبرة المرشح المحتمل مقارنة برجل السيتي الحالي، لكنه يبقى خياراً أفضل من أنشيلوتي، لمعرفته بالكرة في البوندسليغا، وطموحه غير العادي، مع شخصيته القوية في التعامل مع النجوم وإيقافهم عند حد معين.

مسار اختياري
هذا هو الخيار الأول لإدارة بايرن ميونخ، لكن هناك أصواتاً أخرى داخل النادي تطالب بالتعاقد مع مدرب هوفينهايم، يوليان ناغلزمان، الشاب الصغير الذي وضع فريقه في مصاف الكبار، وشكل عقدة حقيقية لبايرن أنشيلوتي بالسنوات الأخيرة، لكن لن يتم تفعيل هذا المسار إلا بنهاية الموسم الحالي. ونتيجة لصعوبة الاعتماد على ويلي سانيول بشكل مستمر، وعدم إيجاد أي مدرب كبير يرضى بالبقاء لفترة زمنية قصيرة، فإن فكرة التعاقد مع ناغلزمان لن تكون سهلة أبداً.

مثله مثل معظم المدربين الشبان في ألمانيا، تأثر يوليان بالمدرب رالف رانغنيك، ولعبة الضغط التي اشتهر بها في أكثر من فريق. لكن ناغلزمان يفضل دائما الجمع بين الضغط والاستحواذ، لأن فرقه يجب أن تؤدي بشكل جيد مع الكرة ودونها، لذلك هو مدرب هادئ وغير مندفع، وهذا ما يميزه عن توخيل من وجهة نظر المؤيدين له، لأنه يشبه هاينكس أكثر من غيره، بينما يرتبط توماس بعلاقة خاصة جداً مع بيب غوارديولا.

يملك المدرب شخصية تؤهله للتعامل مع الأندية الكبيرة، واعترف في أكثر من حوار سابق برغبته في خوض هذه المغامرة، ليبقى خياراً قائماً بقوة بالصيف المقبل، لكنه لن يكون الوحيد، لأن مدرب نيس الحالي، لوسيان فافر، يستطيع أيضاً قيادة بايرن، ولديه خبرة عريضة سواء داخل ألمانيا أو خارجها، بعد قيادته لبرلين بنجاح، وصناعته جيل ذهبي رفقة بروسيا مونشنغلادباخ، لدرجة أن الصحافة لقبته بصانع النجوم، لاعتماده على الناشئين وخلقه نظاماً تكتيكياً محكماً سواء أثناء الهجوم أو في المرتدات.

في النهاية يأتي فافر بعد توخيل وناغلزمان في جدول الترشيحات، ربما لأنه بعيد عن البوندسليغا حالياً مع نيس الفرنسي. وقد تدخل جنسيته السويسرية على الخط، ولعبه فقط مع منتخب سويسرا، خصوصاً في هذه الحقبة التي ترفع شعار جديد، في بافاريا بعد غوارديولا وأنشيلوتي. لقد حان وقت الاعتماد على ألماني حقيقي، لإعادة فترتي أوتمار هيتسفيلد ويوب هاينكس من جديد، على الأقل من منظور الأنصار والمشجعين.

المساهمون