بين الشباب والقراءة.. أي علاقة؟

11 فبراير 2015
التراجع في القراءة واضح في مجتمعاتنا العربية (Getty)
+ الخط -

تعتبر القراءة سلسلة من العمليات الفكرية المترابطة والقويّة التي تشكل نافذة للتعرّف إلى كثير من الأمور المحيطة بنا التي يجهلها القارئ في بعض الأحيان، إلى جانب أنّها وسيلة أساسيّة تساهم في رقيّ المجتمع وتطوّره ونقل الأفكار بين أبنائه، أضف إلى أنّها من أهم الوسائل التي تداوي الفراغ وسلبياته ووساوسه. فبدلاً من تضييع الوقت في أمور لا قيمة لها ولا تفيد بشيء تأتي القراءة دواء لمعالجة هذا الملل والضياع. إضافة إلى أنّها نقيض الجهل، فهي التي تسعى إلى محاربته بكل الطرائق والوسائل، وتعمل على إعداد مجتمع يتميّز برقيّه وتطوّره.

لكن، للأسف في ظلّ التطوّر الهائل الذي يحيط بعالمنا اليوم، وفي ضوء ثورة المعلومات والتكنولوجيا، إلا أننا نلحظ تراجعاً كبيراً وواضحاً في القراءة بين أبناء مجتمعاتنا العربية، كما تدل بعض الدراسات، خصوصاً عند فئات الشباب، وتحديداً بين طلاب الجامعات الذين يجب أن يكونوا قدوة وشعلة ومنارة في هذا المجال، فهم أمل التغيير والمستقبل. فهل غدت القراءة مهمّشة إلى هذا الحد؟ وأين غابت "الحشريّة" العلمية عند جيل اليوم وطلاب القرن الواحد والعشرين، وأبناء عصر ثورة الاتصالات والمجتمع الافتراضي؟

وباستطلاع سريع أجريته بين طلاب جامعتي، الجامعة اللبنانية، بلغت نسبة الذين يقرأون 39 في المائة من أصل 41 طالباً. ونسبة الذين لا يقرأون 7 في المئة فقط، هذا إذا استثنينا من لم يجيبوا بشكل واضح عن السؤال، والذين شكلوا النسبة الأعلى، إذ بلغت نحو 46 في المئة، واللافت هنا والمثير، أن معظم الشباب الذين لم يجيبوا عن سؤالنا ولم يكترثوا به هم من طلاب كلية الإعلام، فهل يعقل أن هؤلاء الطلاب المفترض بهم أن يلمّوا بالقراءة أو على الأقل الاهتمام بهذا الموضوع لا يقرأون؟

أما الموضوعات المحببة عند "قرّاءنا"، والمرغوبة، فتنوّعت بين فلسفة وسياسة وتاريخ وتسلية ومناهج أكاديمية ومنوعات أخرى، في حين سجلت كتب الشعر والوجدانيات النسبة الأكبر من القراءة، إذ إن معظم الشباب كانت إجاباتهم موحدة ومشتركة على أنهم يفضلون كتب الشعر.

ونسبة كبيرة من العيّنة لم تستثن الإنترنت كوسيلة ترفيه وثقافة ومعرفة، فقالوا إن مصادر قراءتهم مستمدة من شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

ربما لا نعوّل كثيراً على نتائجنا التي توصلنا إليها في هذا الاستطلاع الافتراضي/ الإلكتروني المحدود للتعرّف إلى مكانة القراءة والاهتمام بها في مجتمعاتنا وبين طلابنا، لكنها نتائج تضيء على موقف هذه الفئة من الشباب من القراءة، وهي مساهمة بسيطة في هذا الموضوع المعقد والشائك المرتبط بالسلوك الثقافي العام في مجتمعاتنا العربية.


(لبنان)

المساهمون