تشكيل الحكومة المغربية في نفق... وتأويلات لخطاب الملك
مر شهر كامل على تكليف الملك المغربي، محمد السادس، للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، لتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من دون أن يستطيع بنكيران لملمة فريقه الجديد، حيث يحتاج إلى حزب رابع ليكمل الائتلاف الحكومي. وحتى اليوم، قرر حزبان سياسيان فقط المشاركة في الحكومة الواحدة والثلاثين في تاريخ المغرب المستقل، والتي جاءت بعد تنظيم الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر الماضي، وهما "الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية"، فيما لم تحسم أحزاب "الأحرار" و"الحركة الشعبية" و"الاتحاد الاشتراكي" أمرها بعد.
حالة "الانحباس" التي تعرفها مشاورات رئيس الحكومة في المغرب، خاصة بعد "تهرب" الأمين العام لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، إدريس لشكر، من حضور لقاء سبق أن جمع زعماء "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية"، الأضلع الثلاثة في الحكومة، ترجمتها تصريحات رئيس الحكومة المكلف الذي لم يخف تبرمه من مسار المشاورات. وقال بنكيران، في تصريحات صحافية، إنه "سيظل يتعامل مع جميع الأحزاب خلال مسار المشاورات لتشكيل حكومته المرتقبة، بالجدية اللازمة، لكنه إذا عجز عن تشكيل الحكومة فلن يدخل في أي متاهات"، مضيفاً: "لن أخضع لابتزاز أي أحد، وسأعود إلى صاحب الجلالة، وأخبره بأني فشلت في تشكيل الحكومة وأرجع إلى بيتي".
وبالعودة إلى مسار المشاورات التي دشنها رئيس الحكومة المعيّن منذ قرابة شهر، يمكن تقسيم هذه الرحلة، وفق الزهراوي، إلى اتجاهين أساسيين، الاتجاه الأول ظهر من خلاله أن هناك ميولاً ورغبة تكتيكية لبنكيران بقصد نسج التحالفات والاكتفاء فقط بأحزاب الكتلة الوطنية التي تضم حليفه التقليدي "التقدم والاشتراكية"، وبخصميه السابقين "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي". ويرى المحلل أن رئيس الحكومة المعيّن يحاول من خلال هذا التوجه تفادي تكرار المظاهر التي أفرزتها التجربة السابقة، والتي اتسمت بعدم الانسجام بين مكونات الأغلبية الحكومية، بعدما وصلت في بعض الأحيان إلى الاصطدام بين بنكيران وبعض الوزراء، مثل وزير التعليم، ووزير الفلاحة. أما الاتجاه الثاني، يضيف الزهراوي، فيرتبط بالتحول الذي شهده الحقل السياسي بعد الانتخابات التشريعية، خصوصاً بعد استقالة زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار" ليحل مكانه أحد أصدقاء الملك المقربين، وهو أخنوش، الذي استطاع أن يجمع حوله حزبي "الاتحاد الدستوري" و"الحركة الشعبية". وأشار الزهراوي إلى أن لقاء أخنوش برئيس الحكومة المكلف، وتوظيف ورقة تحالفاته مع حزبين اثنين، بالإضافة إلى تردد وغموض موقف حزب "الاتحاد الاشتراكي"، جعلته يفرض شروطاً اعتبرها بنكيران ابتزازية وغير مقبولة، مهدداً في الوقت ذاته باستعداده في حالة فشله لإخبار الملك بذلك، والذهاب إلى حال سبيله.