تغطية ممتازة للمجزرة

تغطية ممتازة للمجزرة

15 مايو 2018
التغطية الإعلامية حضرت وغابت المواقف الرسمية(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
نقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب سفارته إلى القدس واحتفت إسرائيل وأقامت حفلة دم على تخوم غزة، وكل ما أفلح فيه العرب هذه المرة بدلاً من البيانات الباكية، هو في ضمان تغطية إعلامية ممتازة لهذه النكبة الجديدة التي تحل على فلسطين شعباً وتاريخاً وقضية.
جزء كبير من وسائل الإعلام والقنوات العربية كانت موصولة بحدثين متصلين ببعضهما في فلسطين، لكنهما متباينان في الشكل، بين احتفاء مغتصب في القدس، وسيلان الدم الفلسطيني على أطراف غزة. لكن ثمة سؤالا مركبا يدور في علاقة الجريمة الاسرائيلية في الأراضي المحتلة والتعسف "الكاوبوي" الأميركي وغياب الأثر الفاعل للتغطية الإعلامية الحافلة لنكبة 15 مايو/ أيار 2018، كيف استطاعت الوكالة اليهودية ثم إسرائيل توظيف المحرقة للفوز بأحقية إنشاء دولة واغتصاب أرض، بينما أخفق العرب في إقناع العالم بالحق التاريخي للشعب الفلسطيني وبالجريمةالإسرائيلية التي تحدث مباشرة على الهواء لحظة بلحظة وشهيداً بشهيد، برغم كثافة الصورة ودمدمة الصوت والقصة اليومية التي لا تحتاج إلى شرح وتفصيل.
الحقيقة أنه ثمة انهيارا وعطبا عربيا شاملا لا يتيح لا للإعلام ولا لأي فاعل آخر التأثير في مجريات الأحداث ووجهتها، وقد يكون الإعلام هو المجال الوحيد الذي أفلت، أو جزء منه على الأقل، من العطب والإخفاق العربي العارم والشامل، لأنه أنجز على الأقل مهمة ربط آني للإنسان المقاوم بالإنسان المتضامن، وتجاوز المؤسسات السياسية العربية المكبوتة في إيراد الحكاية وكما هي. وابتداء ليست مهمة الصحافيين تحرير الأرض لكن المهمة الرئيسة هي تحرير الإنسان من الأكاذيب وتدوين الأحداث والأسماء والمواقف صوتاً وصورة ووثيقة، كل باسمه وموقفه.
لا يمكن للحكاية الفلسطينية المؤلمة أن تكون مقنعة في غياب سند سياسي يؤجج تفاصيلها، وفي ظل تحول أطراف عربية إلى وكلاء لإسرائيل في تفكيك القصة الفلسطينية، سيحفظ الإعلام العربي والذاكرة الجماعية أنه في زمن عربي معطوب تطلع شمسه من الغرب، وعندما كانت الشاشات تنقل الجريمة الإسرائيلية على المباشر، كان وزراء عرب كوزير الخارجية البحريني، يفتون بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقد صار ذلك جزءاً من موقف رسمي عربي، وكان سفراء عرب يجتمعون مع نتنياهو في واشنطن باسم السلام، وكان رياضيون إسرائيليون يمرحون في أغادير باسم التعايش، وقريباً سيصبح الفلسطيني في منظور الوكلاء العرب مخربا للسلام ومثيرا للقلاقل. آن لإسرائيل أن تمد رجلها ليس في القدس فقط وقد مدت، وتمد ذراعها في النيل وما بعد النيل، وتتطلع أعينها إلى ما بعد الجولان، وأن تقتل 50 فلسطينياً أو حتى 500 أو خمسة آلاف، لم تعد الأرقام تعني شيئاً في مفكرة الوزير العربي، ما يعنيه هو رقم هاتف موصول بواشنطن وتل أبيب.

دلالات

المساهمون