حرب تلد فراغاً

حرب تلد فراغاً

10 سبتمبر 2014
ليلى الشوا / فلسطين
+ الخط -

خمسون يوماً مليئة بنبأٍ واحدٍ وأرقام، بحدثٍ واحدٍ وتفاصيل، موتٍ واحدٍ وانتصارات. خمسون يوماً مليئة بفراغٍ واحدٍ عظيم. متابعة الأخبار فعلٌ غريزي. أصبحنا فارغين تماماً. انظر داخلنا، لن ترى شيئاً، نحن جثثٌ حيةٌ سارعت بإفراغ نفسها من كل ما يرى ولا يرى تحسّباً من الإصابة بالجنون.

ماذا نشعر؟ ماذا نكتب؟ بماذا نفكّر؟ ولماذا؟ ماذا نفعل بتلك المشاهد التي رأيناها؟ وهل نباشر بمحوها؟ كيف؟ كل تلك القصص التي لم تكتمل، وكل تلك البيوت التي دُفنت في مقابر جماعيةٍ، كيف نمضي من هنا؟ نحن من لم نحظ بعدِّ غارات انفجرت هناك وتركت أجسادنا هنا؟

انتهت الحرب؟ هل ستأتي الفنون الآن؟ أليس هذا موعدها؟ أليست الحروب أسرّة لولاداتها؟ أم أنها لا تزور من عاش الحرب عبر صفحات الشبكات الاجتماعية؟ ربما، كما أنها لا تأتي مع أول صباحٍ هادئ أيضاً، ستحتاج إلى بعض الوقت، فقد عرفت للتو.

ما حاجة الفنون الآن؟ كيف ستحضر أمام كل هذا الخراب؟ ليس للفنون مكان. إنه وقتنا، نحن الذين شاهدنا أشلاءنا الناعمة تتطاير بشكل حر - هناك، وأعضاءنا تغادر أجسادنا - هنا، لتلحق بها الحواس والأفكار والمشاعر. أصبحنا فارغين تماماً، لكننا ننهض كل يوم، نخسر أكثر لكي نربح أكثر، ونفترقُ لنلتحم، ونؤمن بحياة واحدة، أبدية جامعة للكل، تملأ السماء والأرض، كل ما يُرى ولا يُرى.


* موسيقي من فلسطين

المساهمون