عاشور الطويبي.. احتلال البيت والقصيدة

عاشور الطويبي.. احتلال البيت والقصيدة

08 سبتمبر 2014
الشاعر في إحدى "زنقات" طرابلس القديمة
+ الخط -

استقبلت الأوساط الثقافية، داخل ليبيا وخارجها، بكثير من الاستياء خبر تعرّض منزل الشاعر الليبي عاشور الطويبي للقصف والنهب والاحتلال على يد مسلحين، أثناء المواجهات المسلحة التي شهدتها طرابلس في الأيام الماضية، ما جعل الشاعر يعيش حياة النازحين داخل وطنه، وبعد أن ضاعت معظم مخطوطاته وكتبه ومجموعاته الموسيقية ومقتنياته الفنية التي جمعها من أنحاء مختلفة من العالم.

في تصريح لـ"العربي الجديد"، قال الطويبي: "نعم، لقد قُصِف بيتي بالصواريخ واقتحمه مسلحون وسرقوا محتوياته وأقاموا فيه. كل كتبي مبعثرة في البيت، وكذلك مجموعات موسيقية نادرة ضاعت. هذا أكثر ما يؤلمني". ويضيف صاحب "البرقوق لا ينتظر طويلاً": "كلما ذهبنا إلى المكان، وحاولنا أن نلج البيت يمنعنا المسلحون، أو تكون المعارك محتدمة فتجبرنا النيران على التراجع.. أنا الآن نازح في وطني".

ويحكي لنا الشاعر عن عودته الأولى إلى البيت: "كان الباب مشرعاً لكن تغمره الكآبة. كان غريباً عنّي، في صدره الكثير من الطعنات. سبقتني ابنتي إلى الطابق الثالث حيث تقع حجرتها. سمعتُ صرختها وهي تدخل إليها. حين وقفت بجانبها، رحنا نحملق في أشيائها المبعثرة على أرضية الحجرة، بكت والتفتت نحوي قائلةً: لم يعد بيتنا، لا أعرفه ولا أريده. ركبنا السيارة واتجهنا نحو منفانا الجديد".

وفي وصف مشهد البيت من الداخل كتب الطويبي في قصيدة جديدة:
"الملابس بلا رائحة، حزينة ملقاة على الأرض. حافظة بيضاء مليئة بالحلويات الشعبية، مكنسة متكئة على الحائط، لوحة "حسكو حسكو" خائفة. الكتب مبعثرة: تحت الكرسي طبعة محدودة من دار "بنغوين" لأعمال بورخيس، أناشيد إزرا باوند على عتبة الشرفة المتربة، يا إلهي لا أقدر على الاستمرار في رؤيتها ذليلة حزينة، حقاً لا أقدر. زجاج نافذة الصالة كسرته رصاصة ثقيلة ثم سقطت على الحائط المقابل كأنها عمل لـ"هادية قانة"".

ولأن القصف قد يتجدد، غادر بسرعة: "لم أحمل معي سوى بعض تسجيلات لسيّد درويش، رواية "يوليسيس" لجيمس جويس، المختارات الشعرية لفيديريكو غارثيا لوركا، رواية "طيور الهوليداي إن" لربيع جابر".

من جهته، يقول لنا الشاعر خالد مطاوع: "كان عاشور أحد المثقفين الناشطين الأكثر فعالية في الفنون في ليبيا. لم يشارك في الخلافات القبلية أو الجهوية أو الأيديولوجية أو السياسية التي تمزّق ليبيا. بل فعل ما يفعله الفنانون الحقيقيون، بجمعه ما يعرفه عن ماضي بلاده، وما يبدو واضحاً من مستقبلها، مع وعي عميق بأساطيرها ومعتقداتها، من خلال توليفة شعرية ذات غنائية عالية، وفرّت له ولقارئه سنداً وجدانياً متيناً في الحياة".

يُذكر أن لعاشور الطويبي ثماني مجموعات شعرية، خمسة كتب مترجمة، ورواية واحدة. يدير دار نشر "أركنو" التي تنظّم ملتقيات ومهرجاناً دولياً للشعر، وتُصدِر فصلية "أركنو" الشعرية.

دلالات

المساهمون