فلسطينيو العراق يحشدون لإيصال صوتهم وسط تضامن شعبي

فلسطينيو العراق يحشدون لإيصال صوتهم وسط تضامن شعبي

بغداد

محمد علي

avata
محمد علي

سلام الجاف

avata
سلام الجاف
14 فبراير 2020
+ الخط -
يحشد ناشطون فلسطينيون لتجمع كبير، صباح بعد غد الأحد، في نادي حيفا الرياضي، وسط العاصمة العراقية بغداد، لإيصال أصواتهم ومعاناتهم مع استمرار التضييق عليهم، الذي بدأته السلطات الحكومية عبر إلغاء القرار 202، عام 2017، والذي كان يقضي بمعاملة اللاجئ الفلسطيني في العراق معاملة المواطن العراقي في الحقوق، بما فيها حق العمل والتملك والتقاعد والضمان الصحي والتعليم، والبطاقة الغذائية الشهرية وامتيازات أخرى. ويأتي التحرك وسط تعاطف شعبي عراقي، من مختلف الطوائف والديانات، مع أزمة فلسطينيي العراق، التي شهدت تطوراً سلبياً أخيراً بقرار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقف بدلات السكن الممنوحة لهم.

ويؤكد مسؤولون في السفارة الفلسطينية بالعاصمة بغداد، استمرار حراك السفير، أحمد عقل، ومساعديه لإقناع السلطات العراقية بإيجاد قانون منصف وإنساني لأبناء الجالية الفلسطينية في بغداد، خصوصاً أنّ أعدادهم لم تعد كما في السابق فهي لا تتجاوز بضعة آلاف، ويعيش معظمهم في مجمعات سكنية متهالكة شرقي العاصمة. ويؤكد ناشطون فلسطينيون بدورهم عدم ثقتهم بوعود المسؤولين العراقيين، فقد سبق لهم تلقي وعود منذ عام بإعادة البطاقة الغذائية لهم من دون أن يتحقق ذلك.

الثلاثاء الماضي، أبلغت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دفعة جديدة من العائلات الفلسطينية المقيمة في العاصمة العراقية بغداد، بأنّ شهر فبراير/ شباط الجاري "هو آخر شهر ستدفع فيه بدلات الإيجار الخاصة بمساكنها". وقال ناشطون عراقيون في بغداد، إنّهم ينوون المشاركة في وقفة التضامن مع الفلسطينيين في العراق، للتعبير عن رفضهم لما قامت به حكومة بلادهم. وقال الناشط أحمد نصيف العبيدي لـ"العربي الجديد" إنّ الأحزاب والقوى السياسية والمسؤولين الذين صوتوا على إلغاء قرار 202 هم أنفسهم من يرفع شعارات مع فلسطين، وعليهم الآن إثبات صدق تلك الشعارات. يتابع أنّ "كلّ عراقي يشعر بخجل من أزمة الفلسطينيين اليوم، لكنّ الجميع يعرف أنّ المنطقة الخضراء لا تمثل العراقيين". يعتبر خطوة الأمم المتحدة تجاه الفلسطينيين "سياسة واضحة غير بعيدة عن مشاريع ترامب، بلمسات صهيونية"، وفقاً لقوله.

مسؤول فلسطيني في سفارة بلاده ببغداد، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ السفارة تتحرك تجاه الحكومة العراقية، لكنّ الظرف الحالي، مع مرحلة فراغ وحكومة تصريف أعمال، يصعب المهمة، مشيراً إلى أنّ الأزمة تحتاج إلى تسليط إعلامي أكبر، لأنّ الآلاف مهددون، وهناك من يحاول التغاضي عن معاناة الفلسطينيين في كلّ العالم وليس في العراق فحسب.
ووفقا لمواطن فلسطيني يدعى أبو حاتم، وهو حداد بأجر يومي، في بغداد، فإنّ الخيارات تضيق يوماً بعد يوم. يضيف لـ"العربي الجديد": "ولدت في العراق ومات أبي ودفن فيه، وقد دخل إليه طفلاً، ولا أدري أين المحطة المقبلة، لكنّي أثق بأنّ الله لن يسمح بضياعنا"، واصفاً حالته المادية بأنّها "مستورة"، لكنّه يؤكد أنّ غيره وصل إلى مرحلة الانهيار.
الشيخ عبد الكريم الجبوري، وهو زعيم قبلي في حزام بغداد، يقول لـ"العربي الجديد": "للأسف، ننظر إلى أهلنا الفلسطينيين بيننا كيف يجري التعامل معهم بهذا الشكل، ونذكر، قبل الالتزامات القانونية، أنّ هناك التزامات أخلاقية تجاه الفلسطينيين في العراق". يضيف أنّ "الشهامة العربية لا بدّ أن تكون حاضرة، واليوم نقول لهم نفتح بيوتنا وقلوبنا لهم إلى أن يأذن الله لهم بالعودة إلى بلدهم معززين مكرمين، وهو يوم لا بدّ سيأتي، قصر الزمن أم طال".
في هذا الإطار، تلقى "العربي الجديد" تسجيل فيديو التقطه ناشط فلسطيني في بغداد لأوضاع عدد من تلك الأسر التي تعيش في مجمع البلديات شرقي العاصمة.


النائب السابق في البرلمان العراقي وأحد أعيان الأنبار، الشيخ حامد المطلك، يقول لـ"العربي الجديد": "ليس من الضمير الإنساني أو العربي أو العراقي أن ندّعي أنّ قضيتنا الأولى فلسطين، ويجري التعامل مع الفلسطينيين بهذا الشكل. نذكّر أنّ كلّ الأنظمة العراقية السابقة كرّمت الفلسطينيين، وعلى الحكومة الحالية أن تصحح هذا الخطأ، فإجراءاتها معيبة ولا تتناسب مع انتمائنا العربي والإسلامي". يتابع "هناك من يأتي من بعض الدول ويُعطى جواز سفر عراقي، بينما من عاش بيننا منذ عقود، مثل الفلسطينيين، يجري التعامل معهم بهذا الشكل". يضيف أنّ "بيوت أهل الأنبار مفتوحة للفلسطينيين، وليس أهل الأنبار فقط، بل بيت كلّ إنسان بالعالم يمتلك ذرة من الإنسانية عليه أن يبادر أيضاً ويشعر بالمسؤولية تجاههم".

وعقب قرار البرلمان العراقي إلغاء القانون 202 المتعلق بالفلسطينيين في العراق، والذي ينص على أنّ "للفلسطيني كما للعراقي من حقوق، إلى حين تحرير كامل التراب الفلسطيني"، أصدرت الحكومة العراقية، في الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2017، بياناً، قالت فيه إنّ "إلغاء القانون 202 المتعلّق بحقوق الفلسطينيين المقيمين بالبلاد، جاء لأمور تنظيمية"، مؤكدة أنّ القانون الجديد رقم 76، المتعلق بتنظيم إقامة الأجانب، سيشملهم ولا يخلّ بحقوقهم. لكن، بعد القرار الذي اعتبر نافذاً بعد توقيع الرئيس العراقي آنذاك فؤاد معصوم، قطعت البطاقة الغذائية عن الفلسطينيين، كما اعتبروا مقيمين أجانب في ما يتعلق بتنافسهم على المقاعد الجامعية والدراسات العليا وحتى المراجعات للمستشفيات الحكومية، فضلاً عن قطع راتب التقاعد عن ورثة الفلسطيني المتوفي، بما يعتبر نسفاً لكلّ القوانين السابقة منذ نهاية عام 1948.


وتراجعت أعداد الفلسطينيين في العراق بشكل كبير، بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، عقب سلسلة استهدافات مبرمجة من قبل القوات الأميركية، أسفرت عن مقتل وجرح واعتقال عشرات منهم، تبعتها حملة قتل منظمة وطرد وتهجير للآلاف منهم بعد عام 2006، نفذّتها مليشيات مسلحة. ويعيش الفلسطينيون في العراق، في ظروف سيئة للغاية، وسط انعدام شبه تام للمساعدات الدولية أو الحكومية لهم، وتضييق فرص العمل عليهم.

ذات صلة

الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.
الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة
فلسطينيون وسط دمار خانيونس - 7 إبريل 2024 (إسماعيل أبو ديه/ أسوشييتد برس)

مجتمع

توجّه فلسطينيون كثر إلى مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة لانتشال ما يمكن انتشاله من بين الأنقاض، وسط الدمار الهائل الذي خلّفته قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
زكريا السرسك طفل فلسطيني متطوع في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة، في 27 مارس 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

مجتمع

يتنقّل الطفل الفلسطيني زكريا السرسك، البالغ من العمر 12 عاماً، في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، ليس بهدف تلقّي العلاج إنّما كمتطوّع في ظلّ الحرب.

المساهمون