لقاءات بن سلمان بأميركا: "علاقات عامة" تشمل منظمات صهيونية

لقاءات بن سلمان في أميركا: حملة "علاقات عامة" تشمل منظمات صهيونية

واشنطن

العربي الجديد

العربي الجديد
29 مارس 2018
+ الخط -
يخوض ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حملة "علاقات عامة" واسعة في الولايات المتحدة، لترميم صورته التي تضرّرت بسبب حرب اليمن التي دخلت عامها الرابع فيما الرياض تحت قصف الحوثيين، ومن جراء عمليات الاعتقال الواسعة التي استهدفت مئات الأمراء ورجال الأعمال الذين اضطرهم إلى دفع المال مقابل إطلاق سراحهم، في إطار "تسويات" لفّها كثير من الغموض وواكبتها انتقادات كبيرة.

ويظهر حرص ولي العهد السعودي على لقاء عدد كبير من الشخصيات الأميركية اليهودية البارزة خلال زيارته مدى الرهان السعودي على الاستفادة من النفوذ القوي للوبي الصهيوني في الإدارة الأميركية، من أجل تبييض صورة المملكة لدى الرأي العام الأميركي وتثبيت حكم ولي العهد الشاب الطامح إلى التربّع على عرش المملكة.

ويشير برنامج لقاءات بن سلمان المكثف مع الشخصيات السياسية والاقتصادية والإعلامية الأميركية، خصوصاً المحسوبة على اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، إلى أن التقارب بين الرياض وتل أبيب يسير قدماً. فالماكينة الإعلامية والسياسية للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وضعت كل إمكاناتها بتصرف العاهل السعودي، ورتبت جدول لقاءاته في المدن الأميركية والمقابلات الصحافية التي أجراها وسيجريها. كذلك أطلقت حملة إعلامية واسعة للترويج لولي العهد الشاب على اعتبار أنه رجل الإصلاح الذي سيدخل تغييرات جذرية على المجتمع السعودي المسلم وعلى نظام الحكم في المملكة.

وعلى امتداد ثلاثة أسابيع، يمكث بن سلمان في الولايات المتحدة، للقاء عدد من الشخصيات وصنّاع الرأي والفاعلين الاقتصاديين، كذلك تشمل لقاءاته منظمات يهودية تدافع بشراسة عن دولة الاحتلال الإسرائيلي.

واجتمع ولي العهد السعودي، في نيويورك، مع عدد من رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى، من بينهم رئيس مجلس إدارة "هيئة رؤساء المنظمات اليهودية" (تضم 51 منظمة)، ستيفن غرينبرغ، ومدير مؤسسة اللوبي الإسرائيلي مورت فريدمان، ورئيس "اللجنة اليهودية الأميركية" (AIPAC)، دافيد هاريس، ورئيس منظمة "بناي بريث" (أقدم منظمة خدمات يهودية في العالم ملتزمة بأمن واستمرارية دولة الاحتلال الإسرائيلي)، غاري سولتزمان، ورئيس جمعية "مناهضة التشهير" (ضد معاداة السامية)، جوناثان ليفينغستون.

وكان ولي العهد قد التقى بعدد من الشخصيات اليهودية في عشاء ليلة أول من أمس الثلاثاء، ومن بينهم هنري كيسنجر، والسناتور الديمقراطي شاك شومر، واثنان من كبار المصرفيين من معتنقي الديانة اليهودية: روبرت ريفكن وران فيشر. 

وذكرت دورية "جويش انسيدر" أن المحادثات مع القيادات اليهودية ركزت على "إيران وموضوع السلام الفلسطيني – الإسرائيلي ومعاداة السامية"، والعلاقات مع إسرائيل. وفي بيان صدر عن السفارة السعودية في واشنطن جاء أن ولي العهد اجتمع في نيويورك مع قيادات دينية شملت اثنين من الحاخامات؛ ريتشارد جاكوبس، رئيس "الاتحاد الإصلاحي اليهودي"، وألن فاجين نائب رئيس "الاتحاد الأرثوذكسي اليهودي". وقال البيان إن هذا اللقاء أتى في إطار "الانفتاح على العالم وبقية الأديان".


 

وفي ما يخص رجال الأعمال، أشارت تسريبات إلى أن بن سلمان يرتقب أن يختتم جولته في الساحل الغربي بحلوله ضيف شرف على حفل عشاء في لوس أنجليس، ينظمه المدير التنفيذي لشركة "إنديفر"، آري إيمانويل، وهي الشركة التي اشترت الرياض أسهماً فيها بقيمة 400 مليون دولار، على أن يجتمع، كذلك، بمؤسس "مايكروسوفت"، الملياردير بيل غيتس، والمدير التنفيذي لشركة "آبل" المعروفة تم كوك، والمدير التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون مسك، والمديرين التنفيذيين في كل من "أوبر ووولت ديزني" و"بوينغ" و"أمازون" و"لوكهيد مارتن".

والتقى بن سلمان، الأربعاء، في نيويورك، مايكل بلومبيرغ، مؤسس شركة "بلومبيرغ"، ولويد بلانكفاين الرئيس التنفيذي لـ"غولدمان ساكس"، كذلك اجتمع مع أكثر من 40 مسؤولاً تنفيذياً من شركات دولية.

ومن بين الشخصيات السياسية الكبيرة التي التقاها ولي عهد السعودية الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وزوجته المرشحة الرئاسية المنهزمة في الانتخابات الأخيرة ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، ووزير الخارجية الأسبق الشهير هنري كيسنجر، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي طالبه الأربعاء بالعمل على إيجاد حل سياسي لإنهاء النزاع في اليمن، واصفاً الوضع هناك بأنّه "حرب غبية" تضر بمصالح الدول المنخرطة فيها.

أما اجتماعاته بالإعلاميين، فستشمل رجل الأعمال الأسترالي الأميركي، الذي يعتبر قطباً من أقطاب التجارة والإعلام الدولي، روبرت مردوخ، وكذلك الصحافي المعروف توماس فريدمان، الذي كتب قبل أسابيع في "نيويورك تايمز" أن تسليم الملك سلمان مقاليد الحكم إلى نجله ليس إلا "مجرد مسألة وقت"، معتبراً أن بن سلمان هو "الحاكم الفعلي"، وأنه "ليس ديمقراطياً، ولا مهتماً بنشر الديمقراطية. إنه متسلّط يسعى إلى التجديد".

وسبق لفريدمان أن أجرى لقاء صحافياً مع بن سلمان في الرياض، اعتبر بمثابة محاولة لتلميع صورة الأخير خارجياً. 

والتقى بن سلمان، في زيارة إلى الولايات المتحدة، مسؤولين وكبار الصحافيين في عدد من أعرق الصحف والمؤسسات الإعلامية الأميركية، بينها "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجليس تايمز" و"ول ستريت جورنال" وغيرها.

وبحسب وثيقة مسرّبة بشأن لقاءات بن سلمان نشرتها صحف "إندبندنت" و"هآرتس" و"نيوزويك"، الأربعاء، فإن ولي عهد السعودية "ربما ترك الأفضل للختام"، في إشارة إلى مقابلة مع الإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد استقبل ولي العهد السعودي في العشرين من الشهر الجاري، قبل أن يلتقي عدداً من أركان الإدارة الأميركية، بينهم نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، وكبير مستشاري الرئيس جاريد كوشنر.

ولعل تزامن قرار الحكومة السعودية السماح للطيران الهندي المتوجه إلى الأراضي المحتلة بالمرور في الأجواء السعودية مع زيارة ولي العهد هو إشارة صغيرة إلى ما قد يظهر في الأيام والأسابيع المقبلة من بشائر التنسيق السعودي الإسرائيلي.

فالأجندة الإسرائيلية السعودية في الولايات المتحدة باتت متطابقة، خصوصاً في الشأن المتعلق بالشق الإيراني، وتسعى كل من الرياض وتل أبيب إلى دفع إدارة ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران والتحرك ميدانياً لمواجهة التوسّع الإيراني في الشرق الأوسط، وتوجيه ضربة عسكرية لإيران، لضمان عدم قدرتها على امتلاك سلاح نووي في المستقبل.

لكن على خلاف الرهانات السعودية، وأهداف حملة الترويج الإسرائيلية، فإن تزامن إعلان المحكمة الفدرالية الأميركية في نيويورك عن رفض طعن تقدمت به السعودية بشأن شكاوى تقدم بها أهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية ضد الحكومة السعودية، مع وجود ولي العهد السعودي في نيويورك، يلقي ظلالاً من الشك حول احتمالات نجاح حملة الترويج.

يأتي ذلك في ظل التداعيات السلبية لتداول وسائل الإعلام الأميركية كلاماً منقولاً عن لسان ولي العهد السعودي خلال اجتماع مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، قال فيه إن "كوشنير في جيبه".



وحصلت محطة "سي ان ان" على رسالة كتبها ستة من نواب الحزب الديمقراطي في الكونغرس تطالب مدير "اف بي أي"، كريستوفر راي، بإجراء تحقيق مع كوشنير حول علاقته مع ولي العهد السعودي، وما إذا كان قد كشف أمامه عن معلومات سرية، وذلك على خلفية ما نشره موقع" انترسبت" عن أن كوشنير ناقش مع بن سلمان كيفية القضاء على معارضيه داخل العائلة الحاكمة في السعودية.


وعلى الرغم من التحضير الإعلامي – الدعائي المكثّف لزيارة بن سلمان، بقيت الردود بشأنه تتأرجح بين التحفّظ والاعتراض الصريح على خط ولي العهد السعودي، خاصة أن المقابلة التي أجراها برنامج "60 دقيقة" الشهير على شبكة "سي بي إس" معه لم تفلح في تلميع الصورة، ولا خطوات "الانفتاح الاجتماعي" التي جرى الترويج لها تمكّنت من تبديل الشكوك السائدة حول شخصه وسياساته.

ويبدو أن التناقضات في المشهد السعودي الجديد أكثر من "التغييرات" التي يحاول التسويق لها، إذ لا يستقيم حديث بن سلمان عن العصرنة مع توقيف وسجن دعاتها من السعوديين، كما قالت صحيفة "واشنطن بوست". كذلك لا تستقيم مطاردة رموز الفساد مع بذخ الأمير في الإنفاق، وممارسته الحكم المطلق، لأنّ هذا الأخير محكوم في النهاية بالوصول إلى الاستبداد الذي يقود إلى الفساد والإفساد لحماية نفسه.

ذات صلة

الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة
تحقيق التجنيد1

تحقيقات

يكشف التحقيق كيف تُستنزَف موارد اليمن البشرية، إذ يُجنّد المتحاربون شباناً في سنّ الجامعة، وبدلاً من تحقيق أحلامهم في حياة كريمة وبناء الوطن، يعودون جثثاً هامدة
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.